معهد واشنطن يكشف بالأرقام والأدلة والتفاصيل خروقات الحوثيين في الحديدة (ترجمة)

*معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى

مايكل نايتس*

في الوقت الذي تبرز فيه الأدلة المتزايدة على خروقات مليشيا الحوثي لوقف إطلاق النار، ينبغي على واشنطن أن تحشد خلفها حكومات ضاغطة لتسريع انسحاب المتمردين من مدينة الحديدة وموانئها الرئيسة.

بعد أيام قليلة من اتفاقية ستوكهولم في 13 ديسمبر، بدأ سريان وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة غربي اليمن. لكن الادعاءات المدعومة بأدلة واضحة ومثبتة من الحكومة اليمنية والتحالف الذي تقوده السعودية، تؤكد الآن وبوضوح أن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران قاموا بالعديد من الخروقات وانتهاكات وقف إطلاق النار، بما في ذلك أكثر من 300 هجمة غير مبررة، وأقاموا التحصينات المحظورة على نطاق واسع للمناطق الحضرية، وفشلهم في الالتزام بمواعيد الانسحاب النهائي. ورغم أن القوات اليمنية المشتركة وحلفاءهم لم يلجأوا إلى أي أعمال انتقامية رداً على انتهاكات الحوثيين، لكن صبرهم، على مايبدو، بدأ ينفد.

ولإنقاذ الهدنة الهشة، ينبغي على الولايات المتحدة أن تحقق بسرعة في ادعاءات القوات اليمنية المشتركة والتحالف، وإذا ثبتت صحتها، فعليها -واشنطن- أن تدفع الأمم المتحدة لإرسال رسالة قوية إلى الحوثيين بأن الوقت ينفد، وحينها سوف ينظر المجتمع الدولي إليهم بأنهم المتخلفون عن الالتزام بتنفيذ الاتفاق، ويحملهم عواقب انهيار الاتفاقية. عندئذ، يجب على الكونغرس أن يحيط علماً بكل الانتهاكات الحوثية المؤكدة، وأن يشير إلى أن واشنطن قد تعيد تقييم معارضتها للحكومة اليمنية لتحرير كامل موانئ البحر الأحمر بقوة السلاح.

التزامات وقف إطلاق النار

القوات اليمنية المشتركة محيطة حالياً حول الشرق والحواف الشمالية الشرقية لمدينة الحديدة، وعلى بعد 4 كم فقط من الميناء، وتقطع الطريق المباشر المؤدي إلى صنعاء. في حين تحتفظ قوات الحوثي بغالبية المناطق الحضرية والميناء، حيث تقيم أعداداً كبيرة من الخنادق والحواجز وحقول الألغام داخل المدينة.

ويشترط اتفاق استكهولم وقرار مجلس الأمن 2451 اللاحق من الجانبين اتخاذ الخطوات التالية:

- وقف إطلاق النار من تاريخ 18 ديسمبر 2018: حيث دعا قرار مجلس الامن إلى "الاحترام الكامل من جميع الأطراف لوقف إطلاق النار المتفق عليه بخصوص محافظة الحديدة".

- الانسحاب الحوثي من جميع موانئ البحر الأحمر: وقد تطلب قرار الأمم المتحدة من الحوثيين إخلاء موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في 1 يناير. وعلى الرغم من أن مليشيات الحوثي ادعت بأنها انسحبت من ميناء الحديدة في 29 ديسمبر، لكن ثبت في شريط فيديو أن بعض العناصر الذين وضعتهم في الميناء هم بالأساس موالون للمليشيا الحوثية، غير أنهم تخفوا في زي قوات خفر السواحل اليمنية، وهو ما تم رفضه من قبل الجنرال باتريك كاميرت رئيس اللجنة المشتركة.

- إعادة الانتشار المتبادل خارج مدينة الحديدة: يدعو قرار الأمم المتحدة إلى سحب القوات إلى مناطق متفق عليها خارج المدينة بحلول 8 يناير، و"الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات" إلى الموانئ أو المدينة أو المحافظة. وعملاً بهذا القرار، من المرجح أن يُطلب من القوات اليمنية إعادة انتشار قواتها جنوب طريق الحديدة - صنعاء خلال فترة غير محددة، والتخلي عن نقاط القوة في تقاطعات الكيلو 8 و10 و16 شمال شرق المدينة.

- إزالة التحصينات والحواجز: كما يدعو القرار إلى "الالتزام بإزالة أي مظاهر عسكرية من المدينة". وعلى الرغم من عدم وجود تاريخ محدد حتى الآن، تشير الصور التي قدمها التحالف إلى الأمم المتحدة إلى أن عدد التحصينات الحوثية في الحديدة قد زادت بالفعل بنسبة 57٪ من 18 ديسمبر إلى 2 يناير.

هجمات الحوثيين خلال وقف إطلاق النار

قدمت الحكومة اليمنية، بدعم من طائرات مراقبة حديثة ورادارات من التحالف، إحداثيات دقيقة للأمم المتحدة، وأوقات وتفاصيل أخرى دقيقة عن العديد من انتهاكات الحوثيين لوقف إطلاق النار. وبشكل عام، اتهم التحالف المتمردين بشن 313 هجمة بين 18 ديسمبر و2 يناير، ما أسفر عن مقتل 25 شخصاً وإصابة 197 بجروح من القوات اليمنية المشتركة.

وتشمل الاتجاهات الرئيسية في بيانات التحالف ما يلي:

- تركز الانتهاكات الحوثية في المناطق المناطق الريفية: وقعت 59 حالة فقط من انتهاكات الحوثيين (18.8٪) في مدينة الحديدة مقابل 254 هجوما في المناطق الريفية جنوب المدينة. واستهدف المتمردون مرارا مسار الإمداد الرئيس للقوات اليمنية المشتركة بالقرب من التحيتا (62 هجوما) والدريهمي (45 هجوما)، إلى جانب 80 هجوما على خطوط القوات اليمنية بالقرب من حيس. بينما انخفضت انتهاكات الحوثي في المناطق الحضرية من 30 في اليوم إلى 3 بحلول 2 يناير، في حين زادت الانتهاكات الحوثية في المناطق الريفية من 8 في اليوم إلى 24 انتهاكا.

- الأسلحة الثقيلة: أفادت القوات اليمنية وقوات التحالف أنها تعرضت لقذائف الهاون (عادة ما تكون قذائف هاون عيار 120 ملم) 95 مرة اعتبارا من 2 يناير، إلى جانب 21 صاروخا من طراز كاتيوشا و4 هجمات بمدافع الهاوتزر. وأُطلقت صواريخ بالستية من نوع بدر -1 على مقر قيادة التحالف في 21 ديسمبر، وهو ما قد يثبت تواطؤ القيادات الرفيعة المستوى والمسؤولة عن هذا النظام الاستراتيجي للأسلحة. كما افيد، بشن الحوثيين 55 هجوماً ببنادق رشاشة ثقيلة 14.5 ملم و12.7 ملم، و12 بقذائف صاروخية، و8 بمدافع مضادة للطائرات من طراز 23 ملم، و4 ببنادق عديمة الارتداد من طراز B-10، و76 بأسلحة قناصة ونيران أخرى.

إذا كانت ادعاءات التحالف التفصيلية دقيقة، فإن الحوثيين ينتهكون وقف إطلاق النار بمعدل 19.5 هجوما في اليوم اعتبارا من 2 يناير. في المقابل، يدعي التحالف أنه لم يطلق أي مدفعية أو هاون أو غارات جوية في الحديدة بعد 18 ديسمبر. يبدو أن التاكيد جدير بالثقة نظراً لقلة المزاعم الحوثية فيما يتعلق بهجمات التحالف في إطار وقف إطلاق النار - فالمتمردون عادة ما يبذلون قصارى جهدهم للنشر عن "انتهاكات" التحالف.

في حال لم يرد على مصدر النيران، فهذا يعني أن القوات اليمنية المشتركة والتحالف اختاروا الحفاظ على وقف إطلاق النار من خلال إظهار ضبط النفس في 313 حالة بدلاً من اللجوء إلى الانتقام أو الدفاع عن النفس.

التحصينات الحوثية في المناطق المدنية

كما استغل الحوثيون فترة وقف إطلاق النار لزيادة تحصيناتهم العسكرية بشكل كبير في مدينة الحديدة، على عكس ما تطلبه اتفاقية استكهولم والقرار 2451. قبل 18 ديسمبر، كان هناك 157 خندقا للحوثيين في المدينة، لكن 50 خندقا جديدا تم حفرها من 2 يناير - بحسب الصور المقدمة إلى الأمم المتحدة والتي حصل معهد واشنطن على نسخة منها.

كما قام الحوثيون بنصب العديد من الحواجز داخل المدينة، وعادة ما يتم نصب الحاويات. قبل وقف إطلاق النار، تم الإبلاغ عن 118 مثل هذه الحواجز، لكن تم تركيب 109 حواجز إضافية اعتبارا من 2 يناير. وقد تم حماية بعض هذه الحواجز بشبكة حقول ألغام جديدة. وفي الوقت نفسه، تم استهداف المركبات الهندسية للتحالف بشكل دوري بأسلحة مضادة للدبابات، ما منع من إزالة الأنقاض والعقبات في المناطق المحررة للسماح بمرور المواد الإغاثية. وتباعا لذلك، فإن الحوثيين لم يتحدوا فقط التزاماتها والمطلوب منها بموجب اتفاقيات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن "لإزالة أي مظاهر عسكرية من المدينة"، بل أيضا عرقلوا جهود التحالف والقوات اليمنية المشتركة من إزالة العقبات في المناطق المحررة لإدخال الإغاثة للسكان.

التوصيات المتعلقة بالسياسات

تشير الأدلة المقنعة المقدمة إلى الأمم المتحدة إلى أن الحوثيين ينتهكون بشكل صارخ قرار الأمم المتحدة رقم 2451 واتفاقية استكهولم واتفاقها الخاص بالحديدة. ووفقاً لمطالب التحالف المدعومة بأدلة واضحة، كان هناك العديد من انتهاكات الحوثي في ​​1 يناير وفي 22 ديسمبر، و7 أضعاف عدد الإصابات الناجمة بهجمات الحوثيين منذ بدأ العام الجديد 2019.

ولذا، فإن هذا الاستهتار المتعجرف للقرار رقم 2451 ينبع على الأرجح من حقيقة أن المجتمع الدولي والكونجرس الأمريكي قد تجاهلوا أو غضوا الطرف عن انتهاكات الحوثيين، في حين حملوا التحالف والقوات اليمنية. يبدو أن الأيام الأولى لوقف إطلاق النار تظهر أن هذا المعيار المزدوج ضار بآفاق السلام، وأنه في حين يمكن الثقة في التحالف والقوات اليمنية المشتركة للحفاظ على وقف إطلاق النار، يبدو أن الحوثيين لا يمكن الوثوق بهم.

تحتاج الولايات المتحدة إلى العمل كوسيط نزيه لمساعدة لجنة تنسيق إعادة الانتشار التي تشرف عليها الأمم المتحدة ومقرها في الحديدة على تقييم الأدلة على سوء سلوك الحوثيين، خاصة فيما يتعلق بالهجمات المركزة بالمناطق الريفية والمناطق التي يتعذر الوصول إليها من قبل مهمة الأمم المتحدة.

إذا ثبتت انتهاكات الحوثيين الصارخة لوقف إطلاق النار، ينبغي على واشنطن استخدام قنواتها الخلفية مع الحوثيين لتحذيرهم بأنها ستؤيد علناً حق اليمنيين وقوات التحالف في الدفاع عن أنفسهم في المستقبل، وتحمل الحوثيين مسؤولية خرق وقف إطلاق النار.

إن فشل المتمردين في إخلاء موانئ البحر الأحمر بحلول الأول من يناير أو المدينة بحلول الثامن من يناير، يشكل تهديدا خطيرا آخر لمصداقية عملية السلام. يجب على واشنطن الضغط على الحوثيين -بشكل مباشر أو غير مباشر- لإخلاء هذه المناطق بشكل كامل وفوري. وفي الوقت نفسه، لا ينبغي للأمم المتحدة تمديد المهلة الزمنية، ولا ينبغي أن يتوقع من الحكومة اليمنية الانسحاب من طريق الحديدة - صنعاء حتى يغادر الحوثيون الموانئ والمدينة بشكل كامل.

قد لا تزال شاحنات الإغاثة تمر عبر نقاط التفتيش التي تسيطر عليها القوات اليمنية المشتركة والتي تتمركز في تقاطع كيلو 8 و10 و16، ولكن ينبغي الحفاظ على الضغط القسري الذي تحتفظ به القوات اليمنية إلى الشمال من مدينة الحديدة حتى يتراجع الحوثيون عن أعمالهم السيئة وينفذوا كامل شروط وقف إطلاق النار.

إذا أثبت المتمردون أنهم غير راغبين في مغادرة موانئ ومدينة الحديدة بحلول نهاية يناير، ينبغي على الولايات المتحدة أن تعلن أنها لن تكبح بعد الآن تحرير هذه الأراضي بالقوة.

*معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى

*مايكل نايتس: الخبير الأمريكي المختص بشئون اليمن وزميل أقدم في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى. زار معظم الجبهات الكبرى في اليمن هذا العام.