رئاسة الاتحاد الإفريقي تنتقل إلى مصر لأول مرة في تاريخ المنظمة

تنتقل رئاسة الاتحاد الإفريقي إلى مصر، لأول مرة في تاريخ المنظمة الإفريقية التي أحدثت عام 2002. وستنقل رئاسة المنظمة من الرئيس الرواندي بول كاغامي إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وينتظر أن تهتم مصر أكثر بالقضايا ذات الطابع الأمني والاقتصادي، خلافا لنهج كاغامي الذي أراد إصلاح أجهزة المنظمة الإفريقية.
 
بعد ستة أعوام تقريبا من تعليق الاتحاد الإفريقي لعضويتها، تتولى القاهرة رئاسة المنظمة القارية ومن غير المرجح أن يكون تعزيز السلطات متعددة الأطراف على جدول الأعمال.
 
ويقول أشرف سويلم الذي يرأس مركز القاهرة لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام، إن مهمة مصر "سوف تركز على الأرجح على الأمن وحفظ السلام".
 
ويوضح سويلم أنه من المرجح أن يقلل الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الدورة الجديدة في الاتحاد الإفريقي، التركيز على "الإصلاح المالي والإداري" خلافا لسلفه الرئيس الرواندي بول كاغامي.
 
وكان هذا الإصلاح هو حجر الزاوية خلال العام الذي ترأس فيه كاغامي الاتحاد الإفريقي.
 
وكان الرئيس الرواندي يسعى إلى فرض ضريبة استيراد على مستوى القارة لتمويل الاتحاد الإفريقي وخفض اعتماده على المانحين الخارجيين الذين ما زالوا يدفعون أكثر من نصف الميزانية السنوية للمنظمة.
 
وصرح دبلوماسي إفريقي لوكالة الأنباء الفرنسية أن مصر - إلى جانب جنوب إفريقيا ونيجيريا - "لا تريد اتحادا إفريقيا قويا".
 
القاهرة لن "تنسى أبدا" تعليق عضويتها
 
وتابع الدبلوماسي الذي يتابع شؤون الاتحاد الإفريقي لأكثر من عقد، إن القاهرة لن "تنسى أبدا" تعليق عضويتها في 2013.
 
وجاء تعليق الاتحاد الإفريقي لعضوية مصر والذي استغرق قرابة عام، في تموز/يوليو 2013 بعد أن عزل الجيش الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي يعتبر أول رئيس منتخب ديمقراطيا في البلاد عام 2012.
 
ويتولى السيسي رئاسة القمة الإفريقية المجتمعة بين 10 و 11 شباط/فبراير في مقر الاتحاد الإفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
 
وكما جرت العادة، ستتصدر أزمات القارة الأمنية جدول أعمال القادة، كذلك من المحتمل أن يكون مقترح التمويل الطموح لرواندا على الطاولة، لكنه قد لا يرى النور ليس بسبب اعتراض مصر عليه، وإنما الدول الأعضاء الأخرى.
 
أما عن إصلاح مفوضية الاتحاد الإفريقي فهو موضوع أكثر حساسية. ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، رفضت أغلب الدول مقترحا بمنح الذراع التنفيذي للاتحاد الإفريقي الحق في اختيار نواب ومفوضين.
 
منطقة تجارة حرة
 
يؤكد مسؤول في الاتحاد الإفريقي أن المصريين "منخرطون بشكل كامل" في دفع إصلاحات أخرى للاتحاد.
 
إحدى المبادرات الرئيسية المدعومة من القاهرة هي منطقة التجارة الحرة القارية (CFTA)، وهي مبادرة وافق عليها 44 من بين 55 دولة من الأعضاء في آذار/مارس 2018.
 
تعد السوق الموحدة من أبرز برامج "جدول أعمال 2063" التابع للاتحاد الإفريقي، والذي يعتبر بمثابة إطار إستراتيجي للتحول الاجتماعي والاقتصادي.
 
لكن الاتفاقية التجارية واجهت اعتراضا من جنوب إفريقيا وبالتالي يتعين على السيسي أن يدفع بقوة من أجل التصديق على هذا الاتفاق إذا كان سيبدأ تنفيذه.
 
وتتوقع إليسا جوبسون، المتخصصة في الدفاع عن إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، من السيسي "الاستفادة من الرئاسة لتعزيز وضع بلاده بين الدول الإفريقية الأخرى". وأوضحت أن "هذا ليس قطعا مع الإدارات السابقة"، وخصوصا الرئيس المنتهية ولايته.
 
وتقول جوبسون "أظهر كاغامي أن الرئاسة - التي طالما اعتبرت مجرد منصب فخري - يمكن أن تعمل على تعزيز المصالح الوطنية وتعزيز المكانة الدولية للقائد".
 
وقال مسؤول الاتحاد الإفريقي الذي طلب عدم تسميته إن الرئيس الرواندي سيظل شخصا محوريا في أجندة إصلاح المنظمة على الرغم من انتهاء ولايته.
 
"سوف يحتاج السيسي التغلب على النمطيات"
 
لكن هناك حدودا كبيرة للسلطة التي يتمتع بها رئيس الاتحاد الإفريقي.
 
وعانى كاغامي من اعتراض كبير من الاتحاد الإفريقي بعد أن عبر عن "شكوك جدية" بشأن النتائج التي توصلت إليها انتخابات الرئاسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية والتي فاز بها رسميا فيليكس تشسيكيدي.
 
ورغم تشكيك الكنيسة الكاثوليكية أيضا، إلا أن النتائج صدقت من قبل المحكمة الدستورية في جمهورية الكونغو الديمقراطية ورحبت بها دول ثقيلة الوزن مثل جنوب إفريقيا وكينيا ومصر.
 
وسوف يحتاج السيسي التغلب على هذه النمطيات، وفقا لما تقوله ليزل لوو- فودران من معهد الدراسات الأمنية. وقالت "هناك سمعة عن دول شمال إفريقيا بأنهم ينظرون في اتجاه مختلف عن إفريقيا". لكن "السيسي يريد أن تعتبر مصر جزءا من إفريقيا وليس العالم العربي فقط".
 
ومن المقرر أن تركز قمة الاتحاد الإفريقي الأحد على "اللاجئين والعائدين والأشخاص المشردين محليا" على أن يتم تقديمه في سياق أمني. وتنصب القاهرة نفسها "بطلة" في المعركة ضد الهجرة غير الشرعية - ونموذج لاستضافة اللاجئين على أراضيها.