ما الذي يجعل كاتدرائية نوتردام فريدة من نوعها؟

تسبب الحريق الهائل الذي اندلع في كاتدرائية نوتردام بباريس في 15 ابريل/نيسان 2019 بأضرار جسيمة في أجزاء منها وعلى رأسها السقف والبرج الذي انهار بعد أن التهمته النيران.
 
وقال نائب محافظ باريس ايمانويل غريغوار إن أضراراً هائلة لحقت بالمبنى الأثري. وعملت فرق الإنقاذ كل ما بوسعها لإنقاذ القطع والمقتنيات الأثرية المخزونة في الكاتدرائية. لكن ما الذي يجعل هذا المبنى الذي يعود تاريخ بنائه إلى أكثر من 850 سنة يتميز عن غيره من الأبنية الأثرية والتاريخية؟
 
النوافذ الوردية (على شكل وردة)
 
في المبنى ثلاث نوافذ زجاجية ملونة عملاقة يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر وتعتبر من أهم معالم الكاتدرائية. اكتمل بناء النافذة الأولى والواقعة في الواجهة الغربية عام1225 . وتتميز هذه النافذة وهي الأصغر حجما بأن زجاجها هو الذي يحمل الحجر المنقوش الذي يشكل هيكل النافذة.
 
أما النافذة الجنوبية فيبلغ قطرها 13 متراً وتتألف من 84 لوحة زجاجية. وكان حريق سابق قد أتى على زجاجها الأصلي، والزجاج الحالي تم وضعه في وقت لاحق.
النافذة الجنوبية
النافذة الجنوبية
 
وأوضح الناطق باسم الكاتدرائية أندريه فينو إن النوافذ الثلاث المعروفة باسم النوافذ الوردية لم تتضرر بفعل النيران لكن لا تزال هناك مخاوف عليها بسبب تضعضع اركان البناء بفعل الحريق.
 
البرجان
 
يقف زوار نوتردام بعض الوقت أمام البرجين القوطيين اللذين يمثلان الواجهة الغربية للكاتدرائية. وقد بدأ العمل في الواجهة الغربية عام 1200، وبعد 40 عاماً انتهى العمل في البرج الشمالي وبعد ذلك بعشر سنوات اكتمل البرج الآخر.
يبلغ ارتفاع كل برج 68 متراً ويتم الصعود إلى قمته بواسطة درج حجري لولبي عدد درجاته 368 درجة، ومن يستطيع صعود هذه الدرجات والوصول إلى قمة البرج سيتمتع بمنظر بانورامي خلاب لباريس. ولم يصب البرجان بأية أضرار في الحريق.
 
الغرغول
 
وعند بلوغ قمة البرج هناك مفاجأة أخرى تنتظر الزائر وهي رؤية أحد أهم معالم الكاتدرائية وهو تماثيل الغرغول، وهو كائن خرافي جسده يعود لأكثر من حيوان.
الغرغول
الغرغول
 
وأشهر تمثال لهذه الكائنات الخرافية هو تمثال ستريكس الذي يحمل رأسه بين يديه واقفاً على قمة المبنى ينظر إلى المدينة.
 
الأجراس
 
هناك عشرة أجراس في الكاتدرائية وأكبرها الذي يحمل اسم ايمانويل ويبلغ وزنه 23 طناً وجرى وضعه في البرج الجنوبي عام 1685.
 
وأعيد تركيب الأجراس الأصغر الموجودة بالبرج الشمالي عام 2013 بمناسبة مرور 850 عاما على بناء الكاتدرائية.
 
وجرى إطلاق اسم أحد القديسين على كل جرس أسوة بالأجراس القديمة التي تم تذويبها كي تستخدم في قذائف المدفعية خلال الثورة الفرنسية.
 
وتدور أحداث رواية الكاتب الفرنسي الشهير فيكتور هوغو "أحدب نوتردام" في ردهات الكاتدرائية. ويجد بطل الرواية كوازيمودو الذي يخشاه أبناء الحي بسبب شكله الغريب، مأوى له في الكاتدرائية ويعمل شماسا فيها ( قارع أجراس).
 
البرج القوطي
 
يعود تاريخ بناء البرج القوطي إلى القرن الثاني عشر وقد أدى الحريق إلى انهياره . وجرى تفكيك البرج أثناء الثورة الفرنسية لكن أعيد بناؤه خلال العقد السابع من القرن التاسع عشر.
البرج القوطي
البرج القوطي
 
واشار المعهد الملكي للمعماريين البريطانيين في بيان له إلى أن "انهيار سقف كاتدرائية نوتردام وبرجها، والأضرار المتوقعة في الأعمدة الحجرية الحاملة، تمثل خسارة لا تعوض لإرث فرنسا القوطي".
 
المقتنيات الاثرية
 
تعود بعض مقتنيات نوتردام إلى مرحلة المسيح ومثال ذلك جزء من الصليب الذي حمله المسيح وأحد المسامير والأكليل الشوكي المقدس الذي يقال إن المسيح وضع على رأسه قبل صلبه.
 
وتقول محافظة باريس إن رجال الشرطة والإطفاء ومتطوعين شكلوا سلسلة بشرية قامت بإنقاذ المقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن والمخزنة في ردهات الكاتدرائية مثل السترة والتاج اللذين لبسهما الملك لويس التاسع عندما جاء بالعرش إلى باريس.
 
وكان من الصعب جداً تفكيك بعض اللوحات الجدارية داخل الكاتدرائية وإنقاذها بسبب وزنها الكبير.
 
الأرغن
 
في الكنسية ثلاثة أجهزة أرغن موسيقية من بينها الأرغن العملاق الذي يتألف من ثمانية آلاف أنبوب وتم تركيبه عام 1401 وأعيد ترميمه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ورغم عمليات التجديد والترميم المتكررة التي خضع لها، لكن لا تزال بعض أنابيبه الأصلية سليمة، ولم تضرر هذه الآلات الموسيقية.
الارغن العملاق
الارغن العملاق
وكان يوهان فيكسو يعزف على الأرغن عند اندلاع الحريق، وصرح لراديو بي بي سي 4 أن هذا الأرغن هو الأشهر في العالم "وهو فريد من نوعه وبديع لدرجة تعجز الكلمات عن وصفه. كلما عزفت عليه كأنني أعيش تجربة فريدة، العزف على هذه الآلة والعمل في هذا المكان مصدر سعادة وفخر للإنسان".