من لا يعرف فنزويلا!

عدت من فنزويلا ولم أحدثكم عنها. ربما لأنه حديث موجع جداً، ولأني أحبها جداً.
تخيلوا أن بعض من أعرفهم يمشون كل يوم ما يصل لـ3 ساعات صباحاً و3 ساعات مساء بين المنزل والعمل لأن الراتب الأدنى لا يتجاوز ٦ دولارات شهرياً ( نعم الرقم هو ستة ) ولا يكفي لتغطية تكاليف المواصلات !.

ولا فائدة من البطاقة المصرفية لأني لم أستطع شراء عملة فنزويلا المحلية، البوليفار. لا يمكن شراؤها في أي مكان. التعامل بالدولار الأمريكي نقداً ممكن تماماً في المتاجر والمطاعم. بعد تعويم العملة أصبحت قيمتها تتغير كل بضع ساعات. ما تشتريه بدولار صباحاً قد تشتريه بأكثر أو بأقل مساءً

وليس صحيحاً أنه لا يوجد طعام في فنزويلا. قد لا تكون الخيارات كثيرة وبعض الأشياء غير متوفرة أو قليلة. لكن توجد فواكه وخضار ولحوم طازجة كل يوم. المعضلة هي أن أغلب الفنزويليين بعد انهيار العملة لم يعد لديهم ما يكفي لشراء أبسط الأشياء، وأولها الطعام. راتب موظف حكومي: 12 دولار شهرياً

خارج كل متجر فيه مواد غذائية وكل مقهى وكل مطعم هناك دائماً شخص أو مجموعة أشخاص أو أسرة بأكملها. ينتظرون ممن لديهم المال أن يشتروا لهم شيئاً يأكلونه. يخبرونك أحياناً بما يشتهون. تطاردني نظراتهم الجائعة وفرحتهم الغامرة بقطعة خبز. لم أعرف فنزويلا من قبل هكذا أبداً، أبداً.

ولم أحدثكم بعد عن أزمة المياه التي تفاقمت مع انقطاع الكهرباء. الناس أصبحت تمشي في الشوارع ومعها غالونات تبحث عن ملئها بالمياه من أي ينبوع أو نهر. فترى الطوابير تتشكل حول أي تجمع ماء. وقد لاحظتُ أن البلد قلت خضرتها بشكل عام وقيل لي إن السبب هو حالة جفاف.

حتى المطر يخذل فنزويلا!

ديمة الخطيب

@Dima_Khatib