لماذا انصاعت "بي بي سي" لشروط إيران بتقييد تغطيتها للقسم الفارسي؟

وافقت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” على الشروط التي وضعتها الحكومة الإيرانية بما فيها عدم مشاركة المواد الصحافية والتقارير التي تتناول إيران مع قناتها الناطقة باللغة الفارسية، بعد مرور عشر سنوات على إغلاق جميع مكاتب الهيئة باللغات الثلاث (العربية والفارسية والإنكليزية) منذ عام 2009، وفق ما كشفته وثيقة داخلية موجهة إلى العاملين في الهيئة.
 
وذكرت صحيفة “هاف بوست” الإلكترونية الأميركية في تقرير، أن الهيئة البريطانية أرسلت بريدا إلكترونيا إلى جميع موظفي “بي.بي.سي فارسي” تضمن التعليمات الجديدة التي يجب مراعاتها في التعامل مع التقارير الإيرانية.
 
وجاء في الرسالة التي أرسلت السبت، إن “مراسل بي.بي.سي، مارتين بيشانس، وأعضاء فريقه كانوا في إيران”.
 
وأكدت الرسالة على أنه “يجب عدم استخدام أي من موادهم في القسم الفارسي سواء في التلفزيون أو في الراديو أو على موقع الإنترنت، حاليا أو في المستقبل”.
 
وأضافت أن “ذلك يتضمن عدم بث أي تغطيات اجتماعية رسمية من قبل بي.بي.سي فارسي أو إعادة التغريد أو إعادة توجيه التغطية”. وشددت على “عدم استخدام المواد والقصص المنتجة في إيران على أي منصة بأي شكل من الأشكال”.
 
وأثارت الرسالة غضب بعض الموظفين الذين يرون أنها تواطؤ مع حكومة تسجن وتعذب وتقتل الصحافيين وتشن حملة قمع على الصحافة.
 
وعانى العديد من الصحافيين العاملين في بي.بي.سي فارسي من المضايقات والتهديدات من قبل السلطات الإيرانية طالت عائلاتهم بهدف الضغط عليهم، حتى وقت قريب.
 
وفي مارس الماضي، قالت الصحافية رانا راهيمبور العاملة في بي.بي.سي، خلال نقاش جرى في مقر هيئة الإذاعة البريطانية، إن وسائل إعلام مرتبطة بالحكومة الإيرانية وصفت العاملين في القسم الفارسي في بي.بي.سي بـ”عصابة مافياوية” على علاقة بالإرهاب، وذلك في سلسلة من المقالات المدعومة بصور.
 
وأشارت الصحافية إلى أن وكالة “ميزان” التابعة للسلطة القضائية الإيرانية كتبت “أن العدالة الإلهية ستتحقق عبر أيدي الشعب الإيراني، وسيلقون العقاب المناسب جراء أعمالهم”، في إشارة إلى العاملين من أصل إيراني في بي.بي.سي.
 
ونوهت راهيمبور إلى “أن هذه الأقوال كانت تسبق عادة تنفيذ الإعدامات الميدانية”.
 
وفي أغسطس 2017، جمد القضاء الإيراني أصول موظفي 150 شخصًا من موظفي هيئة الإذاعة البريطانية المرتبطين بالخدمة الفارسية، بحسب ما أكدوه في تصريحات سابقة نقلتها بي.بي.سي.
 
وأكد ديفيد كي مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحرية الرأي والتعبير، أن السلطات الإيرانية تواصل قمع الصحافيين في البلاد بمن في ذلك الذين يعملون لصالح هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي فارسي.
 
وقالت هاف بوست، إن بيانا وصلها من متحدث باسم هيئة الإذاعة البريطانية بي.بي.سي أشار إلى موافقة المحطة على مطالب الحكومة الإيرانية.
يبدو الأمر كما لو أن صحيفة نيويورك تايمز وافقت على طلب الحكومة الصينية عدم نشر تقاريرها بلغة الماندرين
يبدو الأمر كما لو أن صحيفة نيويورك تايمز وافقت على طلب الحكومة الصينية عدم نشر تقاريرها بلغة الماندرين
وأفاد المتحدث بأن “جميع وسائل الإعلام الدولية تخضع لقيود الإبلاغ في إيران. لقد قبلنا بعض القيود في هذه المناسبة من أجل تزويد جماهيرنا برؤى نادرة من داخل البلاد، وهذا مدرج في تغطيتنا”.
 
وأضاف “كما في أي وقت مضى تحتفظ بي.بي.سي بالسيطرة التحريرية الكاملة على ما نبثه. هذه التقارير -الأولى من داخل إيران خلال 5 سنوات- لا تغير من التزامنا الثابت بموظفي بي.بي.سي الفارسيين وعائلاتهم، الذين عانوا من مضايقات غير مقبولة على الإطلاق من السلطات الإيرانية منذ عام 2009”.
 
من جهتها اعتبرت هاف بوست في تعليقها على هذه الخطوة، أن القيود التي وافقت عليها هيئة الإذاعة البريطانية، في عدم السماح لقسمها الفارسي بمخاطبة أكثر من 100 مليون شخص يتحدثون الفارسية في العالم، غير عادية.
 
وأضافت “يبدو الأمر كما لو أن صحيفة نيويورك تايمز وافقت على طلب الحكومة الصينية عدم نشر تقاريرها بلغة الماندرين”.
 
وكان مراسل بي.بي.سي في الشرق الأوسط الذي سمح له بدخول إيران الأسبوع الماضي، ذكر في تغريدة على تويتر الأحد الماضي، وهو اليوم الذي غادر فيه، “اليوم، بدأت الـبي.بي.سي التغطية من داخل إيران. وصول نادر في الوقت المناسب. بعض القيود على تحركاتنا ولكن ليس على ما نقوله”.
 
كما نشرت بي.بي.سي عربي تقريرا لها من إيران، وذكرت فيه أن مراسلها مارتن بايشانس، زار مع المصور، نك ميلارد، والمخرجة، كارا سويفت، العاصمة طهران ومدينة قم المقدسة، وتحدثوا مع الإيرانيين عن الأزمة المتصاعدة. وقال التقرير “كما يحدث مع وسائل الإعلام الأجنبية، رافق فريقنا ممثل عن الحكومة طوال الرحلة، كما حددت السلطات المناطق التي زرناها”.
 
بدورها، أكدت وكالة أنباء هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني، أن مراسل بي.بي.سي إنكليزي وصل مؤخرًا إلى إيران وزار محافظتي طهران وقم عقب التوترات الأخيرة بين إيران والولايات المتحدة.
 
وأضافت وكالة أنباء ”جوان“ أنه مع اشتداد التوترات بين إيران والولايات المتحدة، منحت طهران مراسل الشبكة مارتين بايشانس، الفرصة لإعداد تقرير ميداني مع مصور وزميل آخر.
 
وذكرت هاف بوست أن رسالة بريد إلكترونية أخرى تم إرسالها إلى صحافيي المحطة في فبراير الماضي، جاء فيها أنه تم السماح لمراسل بي.بي.سي عربي بدخول إيران لتغطية ذكرى الثورة الإيرانية بشرط ألا تكون صوره ممنوعة الوصول إلى القسم الفارسي.
 
وتقوم السلطات منذ سنوات بالتشويش على أجهزة إرسال هيئة الإذاعة البريطانية لمنع بث برامج بي.بي.سي باللغة الفارسية إلى إيران، حيث تتهم المحطة بـ”محاولة زعزعة الأمن في البلاد”، و”نشر أخبار كاذبة”، كما تزعم الجهات الأمنية داخل إيران.
 
وتحتل إيران المرتبة 170 من أصل 180 على مؤشر حرية الصحافة العالمية وفق منظمة “مراسلون بلا حدود”.
 
وتقول المنظمة أن ما لا يقل عن 860 من الصحافيين والمواطنين الصحافيين قد تعرضوا للسجن أو الإعدام منذ الثورة الإيرانية عام 1979.