معهد "كريتيكال ثريتس" الأمريكي: التقاعس عن ردع إيران سيشجعها على المزيد من التصعيد

*معهد "كريتيكال ثريتس" الأمريكي للدراسات والتحليلات المعمقة والاستخباراتية
 
يجب على الولايات المتحدة القيام بضربة عسكرية رداً على الهجوم الإيراني على منشأة بقيق النفطية في المملكة العربية السعودية لردع التصعيد العسكري الإيراني المستمر. الردع يتطلب أكثر من ضربات عقابية وبدء حملة جوية ضد أهداف الحرس الثوري في سوريا، تليها حملة جوية - صاروخية كبيرة ضد أهداف في إيران نفسها.
 
وفي حين ستكون مخاطر أي ضربة انتقامية مرتفعة، لكن مخاطر الفشل والتقاعس في الرد على هجوم بقيق سيكون أعلى بكثير.
 
لقد تم تخطيط وتنفيذ الهجوم على بقيق من قبل إيران، وعلى الأرجح تم شنه من الأراضي الإيرانية. لقد كان جزءاً من نمط التصعيد العسكري الإيراني رداً على حملة "الضغط القصوى" التي تمارسها إدارة ترامب على طهران.
 
وقد تبنت مليشيا الحوثي كذباً مسؤوليتها عن هجوم أرامكو في السعودية وذلك بهدف تسهيل رد الفعل الإيراني لحملة "الضغط القصوى".
 
كما أن ادعاء الحوثيين مسؤوليتهم عن الهجمات يمنح إيران إنكاراً مقبولاً لمزيد من الهجمات التصعيدية ضد المملكة، والتي تهدف إلى فرض كلفة على الولايات المتحدة وحلفائها.
 
وشاركت مليشيا الحوثي في التصعيد بقيادة إيران ضد الولايات المتحدة وشركائها في الخليج. وصعد الحوثيون من وتيرة هجماتهم ضد السعودية في مايو بالتزامن مع التصعيد الإيراني في الخليج. وأسقط الحوثيون طائرتي استطلاع أمريكيتين فوق اليمن منذ ذلك الحين.
 
وستؤدي التداعيات الناجمة عن هجمات أرامكو إلى توسيع الانشقاقات داخل جماعة الحوثيين بسبب علاقتها بإيران. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، فقد حذر بعض المسؤولين الحوثيين الولايات المتحدة والسعودية من ضربة إيرانية أخرى مخطط لها، ربما لإبعاد الجماعة عن طهران أو سعياً لتجنب تعرضها للانتقام.
 
كما أن ادعاء الحوثي بأنه نفذ الهجوم جزءاً من حيلة إيرانية ماكرة، تهدف إلى صرف النقاش الغربي عن دور إيران وتركيزها بدلاً من ذلك على الحرب في اليمن وعلى أفعال المملكة العربية السعودية الخاطئة. لقد نجحت تلك العملية الإعلامية إلى حد كبير حيث إن النقاش الغربي قد ركز بالفعل بشكل مفرط على مسألة من نفذ الهجوم، ومسؤولية السعودية عن الوضع الإنساني وحملتها في اليمن.
 
تصعد الولايات المتحدة من العقوبات والانتشار والعمليات العسكرية الدفاعية. في المقابل، صعدت إيران انتهاكاتها للاتفاق النووي. كما صعدت طهران وعملاؤها العدوان العسكري، بما في ذلك إطلاق النار على (وإسقاط) عدة طائرات أمريكية بدون طيار، وإطلاق الصواريخ وقذائف الهاون على المواقع الأمريكية في العراق ومهاجمة البنية التحتية النفطية والمدن السعودية بشكل متكرر.
 
ولذا فإن الرد العسكري الأمريكي هو الكفيل بوقف العدوان الإيراني.
 
كان فصل الولايات المتحدة عن شركائها في الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، أحد الأهداف المركزية لإيران في هجوم بقيق، هو اختبار الولايات المتحدة الامريكية ما إذا ستدافع عن حلفائها. ولذا، فإن التقاعس الأمريكي عن الرد، الذي يتضمن تشجيع السعوديين على القيام برد عسكري من جانبهم، سيعزز هذا الهدف الإيراني من خلال ترسيخ الاعتقاد في الرياض وأبو ظبي بأن الولايات المتحدة لن تدافع عن حلفائها حتى ضد أي هجوم عسكري إيراني خطير.
 
لدى الولايات المتحدة مصالح اقتصادية حيوية في الدفاع عن البنية التحتية النفطية السعودية (وبشكل أعم الخليجية) رغم أن أمريكا تستورد القليل من نفط الخليج. يعتبر النفط سلعة قابلة للاستبدال، ويرتفع سعره العالمي وينخفض ​​اعتمادًا على العرض والطلب العالميين. سيدفع الأمريكيون سعراً أعلى للمنتجات البترولية إذا بقيت كميات كبيرة من النفط السعودي خارج السوق، بغض النظر عن "اكتفاء" أمريكا للنفط السعودي، لأن السعر العالمي سيرتفع. كما أن حلفاء أمريكا، الذين يعتمدون على النفط السعودي، قد يتعرضون للدمار الاقتصادي من خلال انقطاع طويل في صادرات النفط السعودية. مثل هذا الضرر للشركاء التجاريين الأمريكيين الحيويين سيضر الاقتصاد الأمريكي بشدة.
 
إن الحد من حملة "الضغط القصوى" أو البحث عن مفاوضات مع إيران دون انتقام عسكري سيؤسس سابقة عالمية بأن أمريكا والغرب سوف يستسلمان للهجمات العسكرية، مما يزيد من احتمال وقوع هجمات عسكرية مستقبلية من قبل إيران أو أعداء آخرين. يجب على الولايات المتحدة أولاً أن تبدي استعدادها للرد على العدوان والهجمات غير المبررة على حلفائها قبل التفكير في أي تغيير مهم في سياساتها الشاملة تجاه إيران.
 
يجب أن ندرك أن إيران تسير على طريق التصعيد العسكري وقد تقرر جيداً القيام بمثل هذه الأعمال حتى لو لم ترد الولايات المتحدة على هجوم بقيق. على العكس من ذلك، توحي كل هذه الاتجاهات، إلى أن التقاعس عن الردع قد يشجع على المزيد من التصعيد الإيراني.
 
إن التقاعس سيعزز أيضا قناعات قادة إيران بأنهم قادرون على شن هجمات مدمرة واسعة النطاق ضد الحلفاء الأمريكيين.
 
الإيرانيون في طريقهم إلى فصل السعوديين والإماراتيين عن الولايات المتحدة. إن النجاح في هذا المسعى سيضعف حملة "الضغط الأقصى" التي تعتمد على تلك الدول الملتزمة بالعقوبات والتي تقدم الدعم العسكري للأهداف الأمريكية في المنطقة. كما ستخلق أيضا فرصاً لكل من روسيا والصين لاكتساب موطئ قدم قوية في الخليج، مما يضاعف التحدي الأمني ​​الإقليمي الذي تواجهه الولايات المتحدة.