ضباط أمريكيون شاركوا قتال "داعش" مع الأكراد: نشعر "بالخجل للتخلي عنهم"

رغم أن تركيا تقصف الأكراد على بعد آلاف الأميال هناك في سوريا، إلا أن جنود وضباط أمريكيين سبق أن خدموا في سوريا برفقة قوات الإدارة الذاتية، يشعرون أن المعركة معركتهم، وأنهم يشعرون "بالخجل لتخلي الولايات المتحدة الأميركية عن الأكراد".
 
ونقلت "فورين بوليسي" شهادات مؤثرة لضباط أميركيين عملوا مع المقاتلين الأكراد وتفاجؤوا من نبلهم وصدقهم في حماية المدنيين من هجمات تنظيم "داعش".
 
ويروي ضابط أميركي متقاعد، خدم سابقا في سوريا، أنه في 20 ديسمبر من عام 2018، عندما كان هناك قرار من ترامب لسحب الجنود، عاش أكثر اللحظات العاطفية في حياته، عندما اقترب منه مقاتل كردي وأهداه شارة وحدته العسكرية، "لشكرنا على مساعدتهم والدموع تملأ عينيه"، كان حينها ترامب ينوي سحب الجنود قبل أن يتراجع عن القرار ويسحب نصفهم فقط.
 
قاتل الضابط إلى جانب قوات الدفاع الذاتي التابعة لقوات سوريا الديمقراطية "قسد" في المعركة الطويلة لهزيمة "داعش"، ويعد واحدا ممن التحقوا بالخدمة العسكرية، المتقاعدين والحاليين، الذين يقولون إنهم شعروا "بالإحباط" تجاه قرار ترامب الأخير سحب القوات من الحدود، ممهدا الطريق أمام تركيا لشن هجوم كبير على شمال شرقي سوريا.
 
وقال الضابط، الذي تحدث طالبا عدم الكشف عن هويته، إنه عندما كان في سوريا وشاهد رد فعل الأكراد على تغريدة ترامب في 2018 حول سحب الجنود، "اكتشفت حقا أن قوات الدفاع الذاتي كانت على الأرجح من أكثر الناس الذين قابلتهم نبلا".
 
وفي النهاية، عكس ترامب تعهده جزئيا، وسحب الوجود الأميركي في سوريا بمقدار النصف تقريبا، ولكن بعد مرور عام تقريبا، "عادت الولايات المتحدة لتخيب مرة أخرى أمال حلفائها".
 
ووصف الأكراد بأنهم "مجموعة من المقاتلين المتحمسين والجريئين، ذكورا وإناثا، يتقاسمون القيم الأميركية".
 
وقال الضابط المتقاعد إن تجربة العمل مع الأكراد هي من التجارب القليلة الناجحة للولايات المتحدة مع السكان الأصليين في أي منطقة أخرى منذ أحداث 11 سبتمبر. مضيفا أن "كفاءتهم في المعركة والتزامهم بالمهمة قد ثبت مرارا وتكرارا".
 
وأَضاف أنه شعر "بالإحباط" بعد سماع تنحي الولايات المتحدة جانبا للسماح للأتراك "بذبح" القوات الكردية، وأعرب عن شعوره العميق "بالخجل".
 
وقال الضابط: "من غير المقبول أن ندير ظهورنا ونترك مصيرهم بيد طاغية"، مشيرا بذلك الوصف إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يعتبر جميع الأكراد "إرهابيين".
 
وأضاف "سيكون هناك جيل كامل من الجيش الأميركي لن ينسى أبدا هذه الخيانة ولن يكف عن الاعتذار عنها".
 
وبعد مغادرته سوريا هذا العام، قال الضابط إنه تشبث بأمل أن الولايات المتحدة لن تتخلى تماما عن الأكراد، ولكن الآن هذا الأمل قد تبدد.
 
انتزاع للهزيمة من فك النصر
 
أحد مشاة البحرية الأميركية الذي خدم في سوريا في 2017-2018 ، قال بدوره: "أشعر بمرض جسدي والانشغال والخجل الشديد من أن بلدي سيسمح لهذا المصير بأن يصيب حلفائنا المقربين الذين قاموا بالقتال من أجلنا، في الوقت الذي يمكننا فيه منع الاعتداء عليهم".
 
أما ضابط آخر في الجيش الأميركي، فيحكي اندهاشا من قدرة الأكراد على تنظيم أنفسهم، وقال إنهم أنشؤوا شبكة من المجالس المحلية لتنظيم المناطق المحررة من داعش، وبناء حكومة تعكس رغبة السكان من حولها.
 
وأضاف الضابط، الذي أمضى بعض الوقت على الأرض في سوريا، أن قوات الدفاع الذاتي "وقفت صامدة في المعركة"، وأنها تلتزم "بمهارة تنظيمية لم يسبق لي أن رأيتها من قبل في الشرق الأوسط".
 
وأضاف أنه خلال السنوات الأربع التي انقضت منذ إنشاء المجموعة من ميليشيا وحدات حماية الشعب والمجموعات الإقليمية الأخرى، بما فيها العرب، قامت قوات الدفاع الذاتي ببناء قوة شاملة تضم أكثر من 100 ألف عضو.
 
وأشار الضابط إلى أنهم يؤمنون بحقوق متساوية للمرأة، وحرية التعبير والدين والحكم المحلي. ويقدرون التعليم ولديهم نظام قضائي "عادل وشفاف".
 
ووصف الضابط إعلان 6 أكتوبر بأنه "انتزاع للهزيمة من فك النصر"، وقال: "ما إن بدأ هجوم تركيا، لم أستطيع منع نفسي من الشعور بالخجل لأني أعتقد أننا انتهكنا قيمنا". وأضاف "أميركا في ذهني لا تزال منارة ساطعة على التل، لكننا لم نلتزم بذلك الآن". يختم الضابط حديثه للمجلة الأميركية.
 
واستغرب مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية ما يقال عن "خيانة" الولايات المتحدة خانت الأكراد، مؤكدا أن بلاده لم تعط أي وعد للأكراد في سوريا، بأنها ستدافع عنهم عسكريا في حال هاجمتهم تركيا، إلا أنها كما قالت لهم وفقا للمسؤول، ستمارس أكبر الضغوط على أنقرة من خارج القوة العسكرية في حال شنت هجوما عليهم من خارج الأراضي السورية وهو ما تقوم به الإدارة الأميركية حاليا.