"كان وقحا للغاية".. السفير الأمريكي يسرد تفاصيل زيارة خامنئي "للسفارة المحتلة"

قبل أربعة عقود، اقتحم طلاب إسلاميون إيرانيون مقر السفارة الأميركية في طهران، وتحول ما بدأ كاعتصام إلى احتلال للمبنى الدبلوماسي مع احتجاز أكثر من 50 أميركيا بداخله لفترة استمرت 444 يوما.

الأزمة دفعت الرئيس الأميركي آنذاك، جيمي كارتر، إلى طرد الدبلوماسيين الإيرانيين من الولايات المتحدة وإطلاق عملية إنقاذ فاشلة لاستعادة الرهائن.

وفي آخر يوم لكارتر في البيت الأبيض، توصلت الولايات المتحدة وإيران إلى اتفاق يؤمن الإفراج عن جميع الرهائن.

جون ليمبرت الذي كان سفير واشنطن في طهران وأحد رهائن أزمة 1979، قال للإذاعة الوطنية الأميركية (NPR)، الاثنين، إن من الصعب تصديق أن 40 عاما مضت على تلك الأحداث.

وأشار إلى أنه محظوظ لأن الأمور انتهت بسلام في نهاية المطاف، في حين أن احتمال أن يكون مجراها مختلفا تماما كان واردا بشكل كبير.

وتابع أن القلق من إمكانية عدم مغادرته وبقية الرهائن مبنى سفارة بلادهم أحياء، كان يرافقه باستمرار خصوصا في بداية الهجوم.

ولم تكن الأسباب التي أدت إلى احتلال السفارة الأميركية واضحة بالنسبة للأميركيين حينها، وتابعوا برعب على مدى أشهر الصور التي كانت تنقلها نشرات الأخبار التلفزيونية للمحتجين داخل مقر البعثة الدبلوماسية لبلادهم.

واستمر احتجاز الأميركيين من 4 نوفمبر 1979 حتى 20 يناير 1981، الذي صادف يوم تنصيب الرئيس رونالد ريغن.

وكشف السفير للإذاعة، عن ذكريات لم تمحها السنين لما عاشه خلال الأيام الـ444.

وقال إن ما بدأ كاحتجاج طلابي تحول إلى أزمة دولية دمرت رئاسة كارتر، ووضعت كلا من الولايات المتحدة وإيران في مسار مسموم مليء بالتهديدات المتبادلة والإهانات، مضيفا أنهما ظلا على هذه الحال لأربعة عقود ولا يبدو أنهما قادران على الخروج منه.

وتأتي ذكرى أزمة الرهائن، على وقع تزايد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الذي وقع في 2015، وإصرارها على سياسة ممارسة "أقصى درجات الضغط" على طهران، التي تقلص بدورها التزاماتها بموجب الاتفاق.

وأوضح ليمبرت أنه بعد مرور حوالي ستة أشهر على احتجاز الأميركيين، قام علي خامنئي، أحد قادة الثورة الإسلامية والذي يشغل الآن منصب المرشد الأعلى في إيران، بزيارة غير معلنة للرهائن.

وتابع في تصريحاته أنه في أحد أيام أبريل 1980، قام مسؤولان في اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة الرهائن، فأراد الإيرانيون أن يقوموا بخطوة مماثلة فوقع الاختيار على خامنئي الذي كان أيضا خطيب الجمعة في طهران.

وعن الزيارة قال السفير، "من دون أن ندرك ذلك، كان التفاعل بيننا شبيها بما يدور بين ضيف ومضيفه، فقد أصررت على أن يجلس وطلبت منه المعذرة لأن ما من طعام أو شراب كان لدي لأقدمه إليه، فذلك من واجب صاحب البيت وكان هو في دور الضيف".

وعن الحوار الذي دار بينهما، قال ليمبرت إنه أبلغ خامنئي بأن "ما فعله أبناء وطنه أمر شائن ومخز"، مضيفا "لم أكن بصدد مناقشة القانون الدولي أو القانون الإسلامي معه أو ألقي عليه محاضرة، بل ذهبت به إلى أمر أكثر عمقا وهو متجدر في الثقافة الإيرانية يسمى تاروف، ويحدد قواعد التعامل مع الآخر".

وأردف "قلت له إن الإيرانيين أهل كرم ويحبون ضيوفهم وأحيانا يحبون ضيوفهم بإفراط لدرجة أنهم لا يريدون منهم مغادرة منزلهم، وفي حالتنا فقد بالغتم في التاروف واحتفظتم بنا هنا". وتابع "خامنئي كان رجلا ذكيا جدا، وفهم ما كنت أقصده".

لكن ليمبرت انتقد "وقاحة" خامنئي لأنه أدلى بتصريحات صحافية عقب زيارته السفارة الأميركية حيث التقى عددا من الرهائن الآخرين، وقال فيها إن "الأميركيين أعربوا له عن سعادتهم وحبهم لمحتجزيهم ومدى امتنانهم للأمور الجيدة التي يقومون بها لصالح الرهائن". واعتبر أن تلك ما صرح به خامني "كان وقحا للغاية".

الغضب الشعبي الإيراني ضد الولايات المتحدة كان متجذرا في الانقلاب الذي دبرته وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في عام 1953 والذي أطاح رئيس الوزراء الإيراني المنتخب وعزز سلطة الشاه محمد رضا بهلوي، وفقا لما نقلته أسوشييتد برس.

وفر الشاه، الذي كان يعاني من السرطان، من بلاده في فبراير 1979، ممهدا الطريق أمام الثورة الإسلامية. لكن لأشهر عديدة، شهدت البلاد اضطرابات واسعة النطاق تراوحت بين هجمات انفصالية وثورات عمالية وصراعات داخلية على السلطة، فيما كان عناصر الشرطة يتوجهون إلى أماكن عملهم، لكن ليس لأداء مهامهم ما أفسح الطريق لوقوع فوضى مثل سيطرة طلاب ماركسيين لفترة وجيزة على السفارة الأميركية.

وخلال ذلك الفراغ في السلطة، سمح الرئيس كارتر، للشاه بالحصول على العلاج في نيويورك. قرار كارتر، أدى إلى إشعال فتيل استيلاء الطلاب الإسلاميين على السفارة الأميركية في الرابع من نوفمبر 1979، على الرغم من أن ذات الطلاب تجادلوا في البداية حول أي سفارة ينبغي مهاجمتها.

وقال زعيم طلابي يدعى محمود أحمدي نجاد، والذي أصبح في عام 2005 رئيسا لبلاده، إن عليهم الاستيلاء على مجمع السفارة السوفيتية في طهران لأن اليساريين تسببوا في فوضى سياسية.

لكن خيار الطلاب استقر على السفارة الأميركية، على أمل الضغط على كارتر لإعادة الشاه إلى إيران من أجل محاكمته بتهمة الفساد.

رئيس مكتب الاتصال الدفاعي، المسؤول عن المبيعات العسكرية والمساعدات العسكرية لإيران، الجنرال تشاك سكوت، قال في تصريحات سابقة لـNPR، إن اقتحام السفارة "لم يكن شيئا غير متوقع، لأن الشاه كان في الولايات المتحدة لمدة 13 يوما. وقد اعتدنا حينها على المظاهرت خارج المبنى، لكن في ذلك اليوم بالذات، لم يأتوا للتظاهر فقد تسلقوا جدران السفارة".