نعاه الحوثيون وأقاموا صلاة الغائب عليه.. ما الأدوار التي لعبها الصريع قاسم سليماني في اليمن؟

في ضربة عسكرية كبيرة لإيران، أعلن التلفزيون الرسمي العراقي ومتحدث باسم الحشد الشعبي، مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني في هجمة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد استهدفته ومجموعة من قيادات الحشد بينهم أبومهدي المهندس، الرجل الثاني في الحشد، في ساعة مبكرة من يوم الجمعة 3 يناير/ كانون الثاني 2020م.

واشنطن لم تنتظر طويلاً لتأكيد النبأ الذي سيكون له ما بعده، إذ أكد مسؤول أمريكي فجر الجمعة لرويترز مقتل سليماني والمهندس، قائلاً إن واشنطن بانتظار التأكد من الحمض النووي للجثتين. في حين قال على الفور عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، الديمقراطي كريس ميرفي، إن "سليماني كان عدواً للولايات المتحدة".

اليمن

بعد اندلاع الصراع في اليمن وانطلاق عاصفة الحزم ضد الحوثيين عام 2015، راجت أنباء عن وجود سليماني في اليمن، غير أن إيران بادرت إلى نفي الخبر. لكن تقارير عديدة اتهمت سليماني بالإشراف على دعم وتدريب وتطوير قدرات الحوثيين.

إذ أكدت رويترز في مارس 2017، نقلاً عن مصادرها، أن سليماني أرسل أسلحة متطورة ومستشارين عسكريين إلى جماعة الحوثي، معتبراً "اليمن هو المنطقة التي تدور فيها الحرب الحقيقية وكسب معركة اليمن سيساعد في تحديد ميزان القوى في الشرق الأوسط".

وكان سليماني قد أشاد بالحوثيين وقتالهم للتحالف الذي تقوده السعودية، إذ قال في مايو 2015، إن نتائج الحرب في اليمن كرست وأثبتت قدرة (الحوثيين) على نحو لا يمكن تجاهله. معتبراً أن نتيجة الحرب هناك هي تعزيز قوة الحوثيين.

ودانت مليشيات الحوثيين، الجمعة، في اليمن الضربة الأمريكية ووصفتها بـ"المغامرة".

وهدد القيادي محمد علي الحوثي برد سريع مباشر على خلفية مصرع قاسم سليماني.

وأقام الحوثيون، الجمعة، صلاة الغائب على الارهابي قاسم سليماني في محافظة الحديدة، غرب اليمن.

وقالت مصادر محلية، إن مليشيا الحوثي وبحضور العديد من قياداتهم أقاموا صلاة الغائب في جامع العيسي بالحديدة، وتبعها وقفة احتجاجية أمام الجامع تنديداً بمقتله.

واعتبر مراقبون أن هذا أحد البراهين والأدلة التي تؤكد ارتباط مليشيا الحوثي بإيران وأذرعها العسكرية والطائفية.

كما عمل سليماني على إرسال خبراء إيرانيين ولبنانيين إلى اليمن. وقال المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون إيران، براين هوك، الشهر الماضي إن "واشنطن عرضت 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن القيادي في الحرس الثوري عبد الرضا شهلائي المتورط بأعمال إرهابية وفي نقل سلاح للميليشيات الحوثية".

وأضاف راين هوك "إن طهران ليس لها أي وجود شرعي في اليمن، وتعمل على إطالة أمد الحرب على حساب اليمنيين، وعليها أن تتوقف عن تدخلاتها في المنطقة".

وأشار خلال مؤتمر صحفي في الخارجية الأمريكية، أن "النظام الإيراني يواصل تزويد أذرعه في المنطقة بالأسلحة والصواريخ".

وقالت الخارجية الأمريكية، إن القيادي في الحرس الثوري الايراني عبدالرضا شهلائي المتواجد في صنعاء مطلوب للعدالة.

ويعتبر عبدالرضا شهلائي، الذي وضعت الولايات المتحدة مكافأة مالية قدرها 15 مليون دولار أمريكي نظير معلومات حوله تقود لاعتقاله، من بين أخطر إرهابيي مليشيا الحرس الثوري الإيراني في اليمن.

ويبرز اسم شهلائي الذي ينظر إليه كذراع يمنية للإرهابي قاسم سليماني قائد فيلق القدس (الذراع الخارجية التابع للحرس الثوري لتنفيذ اغتيالات وأعمال تجسس) باعتباره ضالعا في محاولة اغتيال فاشلة لوزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير داخل مطعم بمدينة جورج تاون الأمريكية عام 2011 (حيث كان حينها سفيرا للسعودية لدى واشنطن).

وفي تصريح لوكالة "خبر" قال مدير معهد بروكينغز الاستخباراتي الأمريكي بروس ريدل، وهو مسؤول أمريكي سابق، إن شهلائي مدرج في قائمة المطلوبين في الولايات المتحدة منذ سنوات، وكان وراء مقتل جنود امريكيين في العراق ومؤامرة لاغتيال الوزير السعودي عادل الجبير.

وأضاف ريدل وهو ضابط استخبارات أمريكي: "اعتقد أن عبدالرضا شهلائي متواجد حاليا في العاصمة صنعاء".

من هو قاسم سليماني؟

قاسم سليماني، الجنرال الإيراني الذي يصفه الأمريكيون بـ"الرجل الأخطر" في الشرق الأوسط، الذي أدار معركة إنقاذ الأسد في سوريا على مدار أعوام طويلة، وكان له دور كبير في بناء ودعم حزب الله اللبناني، والفصائل الشيعية في العراق والحوثيين في اليمن، وتنفيذ عشرات العمليات السرية خارج إيران؟

ولد سليماني في عام 1957 ونشأ في قرية رابور، التابعة لمحافظة كرمان، جنوب شرقي إيران، من أسرة قروية فقيرة، وكان يعمل كعامل بناء، ولم يكمل تعليمه سوى لمرحلة الشهادة الثانوية فقط. ثم عمل في دائرة مياه بلدية كرمان، حتى نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

ويعتبر سليماني (62 عاماً)، من قدامى المحاربين في الحرب العراقية – الإيرانية في الثمانينيات. وكانت بدايات سليماني أو "الحاج قاسم" كما يسميه الإيرانيون، قد ظهرت بعد انتمائه إلى مجموعة صغيرة تشكلت وقت الحرب العراقية – الإيرانية.

ويعد اللواء سليماني قائداً لـ "فيلق القدس" منذ عام 1998، وفي عام 2011 تم ترقية رتبة سليماني من عقيد إلى رتبة لواء بيد قائد الثورة الإيرانية آية الله خامنئي. وفيلق القدس هو عبارة فرقة خاصة تابعة للحرس الثوري الإيراني مسؤولة عن العمليات العسكرية السرية خارج الحدود الإيرانية. ومنذ نهاية التسعينيات، استطاع سليماني خلال ثلاثة عقود من بناء دائرة التأثير الشيعية التي كان مركزها طهران، وامتدت إلى العراق، وسوريا، ولبنان، وشرق المتوسط، واليمن.

وحول ذلك تقول مجلة "نيويوركر" الأمريكية، إن سليماني عندما تولى قيادة فيلق القدس كان يعمل على إعادة تشكيل الشرق الأوسط لصالح إيران، فمن اغتيال الأعداء إلى تسليح الحلفاء، كان سليماني يعمل كوسيط أحياناً وكقوة عسكرية أحياناً أخرى، ولأكثر من عقد كان عمله توجيه الشبكات الشيعية المسلحة داخل العراق، وبناء قوة حزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن، وحتى دعم حماس والجهاد الإسلامي.

وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد فرضت عقوبات على شخص سليماني بسبب دوره في دعم نظام الأسد أو في مساندة الإرهاب، ورغم إدارته للعمليات والعملاء حول العالم، إلا أن سليماني يكاد يكون غير مرئي للعالم الخارجي، فهو "الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط"، بحسب جون ماجير ضابط الاستخبارات الأمريكية السابق.