"ملاجئ من عهد صدام".. كيف نجا العسكريون الأميركيون من الضربة الإيرانية على "عين الأسد"؟

خلال الهجوم الإيراني على قاعدة عين الأسد العراقية التي تضم جنودا أميركيين، لم يصب أي عسكري بأذى، إذ أنه وبعد ورود معلومات عن الضربة احتمى العسكريون الأميركية في ملاجئ بنيت في زمن الحرب العراقية الإيرانية.
 
الملاجئ التي بنيت على شكل أهرامات في مناطق متفرقة من القاعدة، لم تكن مجهزة كما ينبغي ضد الصواريخ الباليستية، وقد بنيت الجدران السميكة المائلة للمخابئ قبل عقود بهدف التصدي لهجمات مصدرها إيران.
 
وخاض العراق وإيران حربا ما بين 1980 و1988 انتهت بجمود، وخلال تلك الفترة، بدأت الدولة الإيرانية الجديدة تظهر قوتها العسكرية.
 
ونقلت CNN عن جنود أميركيين أنهم كانوا غير واثقين من أن ملاجئ عهد صدام، ستتحمل الصواريخ البالستية، لكنها كانت أقوى من الملاجئ الأميركية التي أقيمت بهدف حمايتهم من الصواريخ الخفيفة وقذائف الهاون.
 
وغالبا ما تستخدم الصواريخ وقذائف الهاون من قبل داعش وجماعات متشددة وفصائل شيعية شبه عسكرية في العراق، وكل تلك الجهات كانت في مواجهات مع القوات الأميركية لسنوات. لكن الصواريخ البالستية الإيرانية لديها مدى أبعد وتحمل كمية أكبر من المتفجرات إذ يقدر أن الواحدة منها تصل إلى نصف طن على الأقل.
 
وفيما لم يقم الجيش الأميركي أي منشآت في القاعدة، إلا أن لديها ملاجئ للاحتماء من القذائف الصاروخية، وفق CNN.
 
وقال عدد من الجنود الأميركيين لـ CNN، إن نظرتهم إلى فنون الحرب تغيرت بعد الهجوم الإيراني: الجيش الأميركي نادرا ما يكون الطرف المتلقي لهجمات بأسلحة متطورة على الرغم من أنه يشن أكثر الهجمات تطورا في العالم.
 
العسكري الأميركي أكيم فرغسون كان داخل إحدى تلك الملاجئ عندما أبلغ بأن ستة صواريخ باليستية أطلقت باتجاههم.
 
وقال إن المخبأ الإسمنتي الذي قصده هو ورفاقه لم يوفر سوى حماية قليلة للجنود من المقذوفات، مضيفا في تصريح لشبكة CNN "رفعت مسدسي وخفضت رأسي وحاولت التفكير بمكان سعيد، فبدأت أغني لابنتي في ذهني. ثم انتظرت وأملت أن ما سيحدث مهما كان، أي يتم بسرعة".
 
وأردف "كنت مستعدا للموت بنسبة مئة في المئة".
 
الضربات الإيرانية
وقال القائد الأميركي الأعلى في القاعدة اللفتنانت كولونيل تيم غارلاند، إن رؤساءه أعطوه "بضع ساعات من التحذير المسبق" بأن هجوما سيقع ليلة السابع من يناير.
 
وقصفت إيران بصواريخ بالستية فجر الثامن من يناير قاعدة عين الأسد حيث يتمركز قوة أميركية، ردا على مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، بضربة أميركية في بغداد في الثالث من الشهر ذاته.
 
وتعد القاعدة إحدى كبريات القواعد العسكرية العراقية، وتستضيف عسكريين من التحالف الدولي بينهم 1500 جندي أميركي، إلى جانب آلاف الجنود العراقيين.
 
وأشار غارلاند إلى أن وضع تلك القوات في مأمن كان عملاً سريع التفكير والتنسيق بين قادة الجيش والقوات الجوية في عين الأسد.
 
وبحلول الساعة 23:00 (20:00 ت.غ)، كانت القوات الأميركية وقوات التحالف قد خرجت من عنابر نومها ومكاتبها، واختبأت إما في مستودعات محصنة أو تشتت في أنحاء القاعدة.
 
وانتظر هؤلاء وسط التوتر، لأكثر من ساعتين.
 
وبدءا من الساعة 01:35 (22:30 ت.غ) وللساعات الثلاث التالية، تم إطلاق خمسة من الصواريخ البالستية على القاعدة، وعلى فترات متفاوتة.
 
وعندما هدأ القصف، حوالي الساعة الرابعة فجرا، خرج القادة والجنود من ملاجئهم ليروا الحرائق مشتعلة في أنحاء القاعدة، وأكثر من 10 مواقع أصابتها الصواريخ، ولكن لم تقع إصابات.
 
وقال غارلاند إن الموجات التي أصابت القاعدة كانت مؤقتة بطريقة تجعل الجنود يظنون أن القصف قد انتهى، وتابع "كان الوقت بين موجة وأخرى مجرد وقت كاف ليجعلك تشعر بالأمان. برأيي أنه كان بهدف إلحاق إصابات".
 
ومع حلول الاثنين، تم تنظيف مواقع القصف، وكانت الجرافات ترفع آخر المعادن الملتوية والحطام في أحد مواقع القاعدة.
 
وكان واضحاً أن أحد منازل الجنود قد دمر بالكامل، ولا تزال تفوح منه رائحة المعدن المنصهر.
 
وقال جنود كانوا في القاعدة تلك الليلة، لوكالة فرانس برس، إنهم فقدوا كل أمتعتهم الشخصية، من ملابس وكتب وصور أسرهم وتذكارات حملوها معهم طوال أكثر من عقد في الجيش.