ما بين عمران 2014 والجوف 2020.. قصة تمدُّد المليشيات الحوثية بمساعدة حلفاء قطر

ما بين 8 يوليو 2014 والأول من مارس 2020 ست سنوات تقل قليلاً، قصة تحكي تفاصيل أكبر فشل لسلطة عجزت عن المحافظة على بلد كانت المسؤولة عنه، ودفعت به إلى صراعات وقودها الشعب بجميع فئاته، بينما الساسة وعلى رأسهم من تزعم أنها الشرعية وفي مقابلهم الحوثيون، وضعوا البلد في سوق النخاسة للمتاجرة بأوجاعه وآلامه بل والمساومة على مصيره.

ففي الثامن من يوليو دخلت المليشيات مدينة عمران، وبعد ست سنوات دخلت ذات المليشيات مدينة الحزم بالجوف، وبين المدينتين هناك عشرات المدن على طول البلاد وعرضها اجتاحتها عناصر المليشيات والذين وجدوا الطريق مفتوحاً أمامهم، بعدما تخلت القيادات العسكرية عن أداء واجبها وخانت القسم العسكري في ولائها للوطن، ويقودهم في أدائهم المتقاعس الرئيس عبدربه منصور هادي، والذي سارع بعد أسبوعين من سيطرة المليشيات عليها إلى زيارة عمران معلناً أن المدينة عادت إلى حضن الدولة، ويقصد بالدولة هنا المليشيات، في تبدل لمفاهيم الدولة والحكومة والوطن لدى أعلى شخصية في هرم الدولة والتي أقسم على الحفاظ على نظامها الجمهوري.

مليشيات وجدت المؤسسات والمعسكرات وقد أفرغت من عناصر الجيش والأمن بناءً على أوامر في حكومة هادي، على مدى ست سنوات ابتداءً من أوامر وزير داخلية حكومة باسندوة الترب لقوات حماية المنشآت بالانسحاب من المؤسسات وانتهاءً بالانسحاب الذي أسمته الحكومة بالتكتيكي من جبهات نهم والجوف قبيل دخول المليشيات مدينة الحزم.

يؤكد مراقبون أن ما شهدته البلاد لا يعد مجرد تقاعس لحكومة هادي في أداء واجباتها، بل إن الأمر خيانة بذاتها خيانة للشرف والواجب العسكري في حماية البلاد ومؤسساتها والدفاع عن نظامها الجمهوري وتركها فريسة سهلة ولقمة سائغة لمليشيات كهنوتية إمامية.

وأوضح المراقبون، أن حكومة هادي منزوعة الإرادة والقرار في تحرير اليمن من المليشيات واستعادة مؤسساتها، وهي تعبث من سنوات بالدعم الذي تلقته من دول التحالف العربي، بل ومهدت بشكل مباشر أو غير مباشر لقوى كبيرة داخل الحكومة في التحالف مع قطر وإيران وتركيا، وتنفيذ أجندة تسعى إلى شرذمة البلاد واستدامة الصراع فيها وكلها عوامل أسهمت في استمرار تمدد المليشيات الحوثية وانكماش مناطق تواجد ما تبقى من قوات للحكومة.

ولجأت الحكومة إلى افتعال جبهات في مناطق بعيدة كل البعد عن تواجد المليشيات الحوثية، فسعت إلى افتعال معارك وجبهات في سقطرى والجنوب والحجرية، في وقت لا يفصل بينها وبين المليشيات إلا حواجز ترابية في مدينة تعز، ناهيك عن تعايش وتهادن غير معلن لسنوات في نهم قبيل نقض المليشيات الحوثية لهدنتها مع الإخوان وإسقاط نهم وجزء من محافظة الجوف.

ولم تكتف حكومة الفشل في تسليم الجبهات والمواقع والمؤسسات لمليشيات الحوثي، بل سعت إلى إيقاف معارك القوى الوطنية الأخرى والتي تواجه المليشيات الحوثية والتحريض عليها، سواءً القوات المشتركة في الساحل الغربي والضالع والبيضاء أو قوات اللواء 35 مدرع في الحجرية، والتي استمرت في التحريض على قائده حتى توجت تحريضاتها باغتياله في منزله.

وبالإضافة إلى ذلك سارعت حكومة هادي إلى إيقاف جبهة الساحل الغربي، والعمل على منع استكمال القوات المشتركة تحرير مدينة الحديدة، والتوقيع على اتفاقية أسهمت في إنقاذ المليشيات الحوثية، وأعادت تموضعها وخففت عنها الضغوط، وحشدت عناصرها واستقدمت تعزيزات واستمرت في انتهاكاتها بحق المدنيين.

يشير المراقبون إلى أنه لولا وجود حكومة هادي والإخوان المسلمين لما تمددت المليشيات، مؤكدين أن بقاء هادي وحلفائه من الإخوان أحد أهم وأكبر عوامل عودة النظام الإمامي الكهنوتي في اليمن.