دماء اليمنيين وقود لتسلُّط الجماعات الدينية.. "جمعة الكرامة" أنموذجاً

بعد مرور تسع سنوات على حادثة ما سُميت ب"جمعة الكرامة" والتي قُتل فيها عشرات المتظاهرين برصاص قناصة تم تدريبهم جيداً لارتكاب الجريمة تمهيداً لأحداث سياسية أعقبت ذلك اليوم.

بدأت التظاهرات في ساحة الجامعة لمجموعة من الشباب قبل أن تتدخل قوى محلية (اللقاء المشترك) بدعم خارجي من قطر وإيران تحديداً بهدف زعزعة الأوضاع في البلاد واستهداف النظام الجمهوري.

ويمثل الإخوان المسلمون (حزب الإصلاح) وجماعة الحوثي (حزب الحق واتحاد القوى الشعبية) الركيزة الأساسية للقوى التي كانت عبارة عن أيادٍ خارجية لتنفيذ مؤامرة إسقاط الجمهورية من الداخل وبدعم من علي محسن الأحمر وقوى قبلية يتزعمها حميد الأحمر.

مرت أسابيع منذ بدء التظاهرات وما زال النظام السياسي متماسكاً، بل وأشد صلابة أمام التظاهرات في ساحة الجامعة، على عكس ما حصل في تونس ومصر، فكان لا بد للقوى المتآمرة من إحداث صدمة للمجتمع بهدف خلخلة النظام السياسي، وإعادة ترتيب الأوراق، فوقع الاختيار على إسالة دماء الشباب المغرر بهم في ساحة الجامعة، وإلصاق التهمة بالنظام؛ بهدف الحصول على تعاطف محلي وخارجي.

عقد المتآمرون اتفاقهم على إسقاط النظام الجمهوري واستبداله بالقوى الدينية الإخوانية الحوثية المدعومة قطرياً وإيرانياً، وجمعت ساحات الاعتصام بين النقائض من حزب الإصلاح وجماعة الحوثي، في خيمة واحدة، وكل طرف فيهم يعتقد أن تحالفه مع الآخر مرحلي، بينما يتم إسقاط الجمهورية.

اتفاق المتآمرين قضى بمشاركة الأطراف في جريمة يتم تضخيمها إعلامياً واستثمارها في جذب واستعطاف المجتمع والرأي العام الداخلي والخارجي، والتميهد لأحداث تعقب الحادثة، فكان خيارهم على قتل أكبر عدد من المتظاهرين، وهو ما حدث في حادثة ما سُميت بجمعة الكرامة.

مصادر خاصة أكدت، أن القناصة الذين نفذوا جريمة الكرامة في 18 مارس تلقوا تدريبات جيدة على أيدي خبراء من حزب الله، وسبق أن شاركوا مع المليشيات الحوثية المتمردة في حروبها الست ضد الدولة، إضافة إلى بعض العناصر الإخوانية التي تلقت تدريبات في معسكرات سرية وأخرى تابعة للفرقة الأولى مدرع.

وكشفت المصادر عن ضلوع أطراف في المعارضة، حينها، بأحداث "جمعة الكرامة"، مشيرة إلى أن الأحداث التي تلت ما سميت بجمعة الكرامة تثبت بما لا يدع مجالاً للشك تورُّط علي محسن ومن ورائه الإصلاح والحوثي في إراقة دم الضحايا.

وأشارت المصادر إلى أن أهم الدلائل تتمثل في اعتبار الحادثة تمهيداً لانشقاق علي محسن الأحمر عن الجيش اليمني وإعلان انضمامه إلى صف المتآمرين على النظام الجمهوري اليمني، ومحاولته التي أعقبت انشقاقه بإحداث خلخلة في صفوف النظام اليمني والضغط على شخصيات سياسية وحكومية بالاستقالة عن النظام وإعلان ولائها له، وللفوضى التي يتزعمها.

وبحسب المصادر، فإن الدلائل تشمل دفن جثث القتلى بسرعة متناهية وبدون استكمال الإجراءات القانونية، وكأنها جريمة قتل عادية، إضافة إلى أن الجناة الذين كانوا محتجزين في الفرقة الأولى مدرع لم يُقدموا للمحاكمة، ناهيك عن إطلاق سراح غالبية المحتجزين على ذمة القضية من سجون الفرقة.

وقد كشف تسجيل صوتي بين علي محسن الأحمر والقيادي في جماعة الإخوان الحسن أبكر، يتوسط فيه بإطلاق سراح صلاح الدين أحمد هادي نافعة، أحد الضالعين في الجريمة، وقال له هذا ابن أحد إخواننا، فاستجاب له الأحمر وأطلق سراحه، ما يؤكد ضلوع تنظيم الإخوان وقيادات بارزة فيه في الجريمة.

ويؤكد مراقبون سياسيون، أن الحادثة كانت المنطلق الذي انطلق منه المتآمرون على اليمن ونظامه الجمهوري لارتكاب مذبحة مستمرة بحق الشعب اليمني، ودفعه في أتون الفوضى، وإدخاله نفقاً مظلماً خسر بسببه بنيته التحتية ومؤسسته العسكرية والأمنية والتي كانت بالنسبة لهم أكبر عائق يحول بينهم وبين تحقيق مخططاتهم بتدمير البلد وتسليمه لجماعات الموت الإخوانية الحوثية.

وبحسب المراقبين فإن الجماعات التي بدأت مخططها للحكم على جثث ودماء اليمنيين منذ جمعة الكرامة ما زالت مستمرة في استهتارها بالدم اليمني، وتقدمه قرابين لتسلطها في جبهات قتالها العبثية خدمة لأجندات مشبوهة وغير وطنية.