فايننشال تايمز: كورونا أضر بالاقتصاد الإيراني أكثر من العقوبات الأمريكية

سلطت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية الضوء على المشاكل التي يسببها انتشار الفيروس في إيران، ويضر بالعديد من العلاقات التجارية الجديدة التي تعتمد عليها طهران.

وقالت الصحيفة، إنه منذ عامين تعهد القادة الإيرانيون بمقاومة "الحرب الاقتصادية" التي تشنها الولايات المتحدة ضد بلادهم، حيث أدت العقوبات إلى خنق الاقتصاد أكثر من أي وقت مضى، حتى إن الرئيس حسن روحاني أشار إلى أنه تم إنجاز المهمة عندما خاطب الأمة في فبراير.

وبعد ثلاثة أيام، أبلغت إيران عن أول حالات إصابة بفيروس كورونا، لم يؤد التفشي إلى أزمة صحية فحسب، بل كشف أيضا عن هشاشة آليات البقاء في إيران.

وفي الأسابيع التي تلت ذلك، ارتفع عدد الإصابات إلى 20610 حتى السبت، وبلغ العدد الرسمي للمتوفين 1556، ونتيجة لذلك، أصبحت طهران أكثر عزلة من أي وقت مضى، وتناشد المساعدة الدولية، بما في ذلك قرض بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، في حين تشكو من أن العقوبات تشل قدرتها على الاستجابة للأزمة.

وأوضحت الصحيفة أن العديد من جيرانها - بما في ذلك العراق وتركيا وباكستان وأفغانستان وأرمينيا – أغلقوا حدودهم أو فرضوا قيودا على المعابر والتجارة، وشركة طيران أجنبية واحدة فقط هي الخطوط الجوية القطرية لا تزال تسافر إلى إيران.

ونقلت الصحيفة عن الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز قوله: "لقد أضر الفيروس بالاقتصاد الإيراني أكثر من العقوبات الأمريكية".

كانت استراتيجية بقاء إيران ثلاثية الأبعاد منذ سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وقعته طهران مع القوى الغربية، ثم فرض بعد ذلك أشد العقوبات على الإطلاق، وسعت إلى تعزيز الإنتاج المحلي، لا سيما في القطاعات الرئيسية مثل البتروكيماويات، والصلب، والأسمنت، والزراعة والتصنيع، بينما تحاول تعزيز الصادرات غير النفطية، بما في ذلك أقنعة الوجه إلى الصين، كما حولت تركيزها إلى الأسواق الإقليمية، كوجهة للبضائع الإيرانية وكمراكز لإعادة الشحن.

ويروي رجال الأعمال الإيرانيون حكايات عن وسطاء يجتازون المنطقة بحقائب مكتظة بمئات الآلاف من الدولارات، تطوير شبكة معقدة من طرق التداول، وإنشاء مكاتب خارجية وشركات أمامية للحفاظ على تدفق البضائع والأموال، وإن كان ذلك بتكلفة أعلى وبأوقات تسليم أطول.

وتنتج طهران ما يكفي من الغذاء لسكانها البالغ عددهم 80 مليون نسمة وتصدر إلى الجيران، تستحوذ الشركات الإيرانية على حوالي 70 %من احتياجات الأدوية في البلاد، ويتم استيراد الباقي، ولم تتم معاقبة أي من القطاعين، لكن صعوبة إجراء المعاملات المالية، مع وجود عدد قليل من البنوك الراغبة في لمس أي شيء مرتبط بإيران، أدى إلى نقص في بعض الأدوية المتخصصة مثل أدوية السرطان، والآن معدات لمكافحة الفيروسات.

وحتى قبل تفشي المرض، كان المسؤولون الإيرانيون يعرفون أنهم لا يستطيعون إخفاء الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأمريكية، ولا سيما بالفقراء، حيث انخفضت صادرات النفط من 2.8 مليون برميل في اليوم قبل عامين إلى بضع مئات الآلاف.

ويقدر صندوق النقد الدولي انكماش الاقتصاد بنسبة 9.5 % العام الماضي، وفقد الريال أكثر من 50 % من قيمته في الأشهر التي تلت انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، وارتفع التضخم فوق 40 % وفرت الشركات الأجنبية من البلاد.

وقبل سبعة أشهر، كانت الشركة شبه الحكومية مثالاً صارخاً على الأضرار التي ألحقتها العقوبات الأمريكية على قطاع الصناعات التحويلية في البلاد حيث قام الشركاء الأجانب، بتعليق عملياتهم في إيران.

وبحسب الصحيفة، اجتاح الخوف والفوضى الصناعة، وهي أكبر جهة توظيف في القطاع الخاص في إيران، وفُقدت آلاف الوظائف وظل ما يقرب من 200 ألف سيارة جديدة غير مكتملة مع جفاف خطوط الإمداد للأجزاء المستوردة من أوروبا.

وقال بريان هوك، الممثل الأمريكي الخاص لإيران، في خطاب ألقاه في ديسمبر، إن لدى البلاد حوالي 100 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية، لكنه أضاف أن حوالي 10% فقط من ذلك "يمكن الوصول إليه على الفور" بسبب العقوبات، وقدر أن إيران خسرت حوالي 50 مليار دولار منذ مايو 2018 في عائدات النفط.

ويقول محللون ومسؤولون إيرانيون، إن الحكومة عوضت بعض الخسائر بزيادة الصادرات الأخرى، ولا سيما البتروكيماويات والصلب والأسمنت، وكثف الحرس الثوري الإيراني، الذي يشرف على إمبراطورية تجارية مترامية الأطراف وغير شفافة، أنشطته في بعض هذه المجالات.