بطولات أقل وتذاكر رخيصة.. هل يمهد كورونا لولادة نظام كروي عالمي جديد؟

توقف النشاط الكروي حول العالم بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، وبات القلق حول كيفية إنقاذ أندية عدة بسبب التأثير المالي، لكن ثمة أمل بأن اللعبة الأكثر شعبية في العالم قد تخرج أفضل من هذه الأزمة.

ولخص مدرب إيفرتون الإيطالي كارلو انشيلوتي الوضع الحالي بقوله لصحيفة "كورييري ديللو سبورت"، "نعيش حاليا أشياء لم نعتد عليها وستغير الكثير من عاداتنا".

ولم يسبق أن توقفت الحركة الرياضية في أوروبا، منذ الحرب العالمية الثانية.

سابقة

أدى توقف النشاط إلى ظهور قصور في النظام المثقل بمبالغ طائلة من المال، وبالتالي فإن التخفيضات مقبلة لا محال أقله على المدى القصير.

انشيلوتي قال في الصدد "الإيرادات من حقوق النقل التلفزيوني ستنخفض، سيتقاضى اللاعبون والمدربون مبالغ أقل، وتكلفة التذاكر لحضور المباريات ستكون أقل".

ثم تابع "سيكون الاقتصاد مختلفا وسينعكس ذلك على كرة القدم بطبيعة الحال، ربما يكون الوضع أفضل".

أما بالنسبة للمؤرخ والأكاديمي ديفيد غولدبلات الذي أصدر مؤخرا كتابا يحمل عنوان "عصر كرة القدم" فرأى في تصريح لوكالة فرانس برس "كما هي الحال مع معظم الأشياء، فإن الأزمة تشكل فرصة جراء وباء "كوفيد 19".

لكنه حذر من أن الأمور قد تسير نحو الأسوأ في حال عدم حصول تغيير جذري. وقال في ها الصدد "قد يصبح الأمر أكثر سوءا، وإذا أردنا إحداث تغيير جدي، يتعين القيام بتغيير نظرية القوة والملكية وطريقة توزيعها في اللعبة".

واعتبر أن القوة المالية في الوقت الحاضر في حوزة بعض المحظوظين في القمة، لكن هؤلاء أيضا تعرضوا للأذى.

وهذا الأمر، يتابع، سيؤثر على سوق الانتقالات وقد يصبح إنفاق أموال طائلة للتعاقد مع لاعبين جزءا من الماضي.

وكان لسان حال رئيس نادي بايرن ميونيخ السابق أولي هونيس مماثلا بقوله "في السنتين أو الثلاث المقبلة، لن يكون بالإمكان إنفاق أموال كما نرى في السنوات الماضية لأن كل دولة ستتأثر بما حصل. في جميع الاحتمالات، سيظهر عالم كروي جديد من هذه الأزمة".

وحتى الآن، وافق لاعبو برشلونة الإسباني، أغنى ناد في العالم، على تخفيض رواتبهم بنسبة 70 في المئة، في حين قامت أندية عدة في مختلف أنحاء أوروبا في اتخاذ إجراءات مماثلة.

يؤكد هذا الأمر بأنه حتى أندية النخبة ليست محصنة، وبالتالي فان السؤال المطروح حاليا هو ما إذا كانت هذه الأزمة ستمهد لوضع سقف لرواتب اللاعبين على الرغم من الصعوبات التي قد تواجهها الأندية الأوروبية بسبب قوانين الاتحاد الأوروبي؟

ألمانيا.. التعاضد يزحزح المصالح للوراء
 
وفي ألمانيا، قامت الأندية الأربعة المشاركة في دوري ابطال أوروبا بالتبرع بمبلغ 20 مليون يورو لمساعدة الأندية التي تعاني من أزمة مالية خانقة في خطوة تضامنية لافتة.

ويمكن استخلاص الدروس أيضا من توزيع عائدات حقوق النقل التلفزيوني في المستقبل. وربما حان الوقت أيضا لإعادة النظر في جدول المباريات. فقد أصبحت فكرة تنظيم مونديال بمشاركة 48 منتخبا وكأس العالم للأندية مع 24 فريقا غير مستدامة.

غولدبلات رأى بأنه يتعين على اتحاد الكرة العالمي (فيفا) إعادة النظر في برنامجها لإقامة مونديال 2026 بمشاركة 48 منتخبا في مختلف انحاء أميركا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك).

بدوره قال الأمين العام لنقابة لاعبي كرة القدم المحترفين "فيفبرو" جوناس باير هوفمان "لقد حان الوقت لإيجاد قوانين" ثم أضاف "دعونا نخرج من هذه الأزمة بأفضل طريقة ممكنة".

لكنه طالب في السياق بمراعاة ظروف اللاعبين كذلك، وقال "لكن يجب إدارة الأحمال الكبيرة على اللاعبين بطريقة ناجحة".

ثم تابع "يتعين علينا أن نجد نظاما أكثر صحة من الذي يٌطبق حاليا".

ضرورة التغيير
 
من جانبه، اعترف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جاني انفانتينو بضرورة إحداث تغيير في الكرة العالمية، وقال في هذا الصدد لصحيفة "كورييري ديللو سبورت" مؤخرا ""نحتاج إلى تقييم الأثر الإقتصادي العالمي (...) لا نعرف متى يمكن للأمور أن تعود غلى طبيعتها".

وأضاف ""لننظر إلى الفرص المتاحة، يمكننا ربما إصلاح كرة القدم العالمية من خلال التراجع خطوة إلى الخلف، مع صيغ مختلفة للبطولات والمسابقات (...) عدد أقل من الدورات، ربما بعدد أقل من الفرق، لكن بشكل أكثر توازنا (...) عدد أقل من المباريات للحفاظ على صحة اللاعبين".

وتابع "هذا ليس خيالا علميا، لنتحدث بهذا الشأن، دعونا نحدد الضرر، ونرى كيف يمكن تعويضه، نبذل تضحيات ونبدأ من جديد (...) ليس من الصفر، لكن نعمل معا لإنقاذ كرة القدم من أزمة تهدد بأن تكون لا رجعة فيها".