تحليل أمريكي: العدوان الحوثي يستوجب رداً عسكرياً حازماً

*موقع War On The Rocks الأمريكي المختص بتحليل ودراسة قضايا السياسة الخارجية والأمن القومي
*جيرالد فييرستياين: السفير الأمريكي السابق في اليمن
*فاطمة أبو الأسرار: الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط والمختصة بالشؤون اليمنية


خلال الحملة الانتخابية وفي الأسابيع الأولى من ولايته، وعد الرئيس بايدن بإنهاء الصراع في اليمن. واعتمد نهجه على دعم عملية التفاوض التي تقودها الأمم المتحدة والضغط على السعودية لإنهاء مشاركتها العسكرية في اليمن.

تحقيقاً لهذه الغاية، عكس خطوة إدارة ترامب لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية وعين تيم ليندركينغ، وهو دبلوماسي محنك على دراية جيدة بقضية اليمن، كمبعوث خاص مكلف بدعم مفاوضات الأمم المتحدة.

فبعد خمسة أشهر، مفاوضات الوضع الدائم أصبحت تسير على غير هدى، والوضع العسكري على الأرض آخذ في التدهور واستمرت الأزمة الإنسانية في البلاد بالتفاقم. وعلى العكس من ذلك، فإن إعادة المجتمع الدولي مضاعفة جهوده للتفاوض ربما شجع الحوثيين على الاعتقاد بأن النصر العسكري ضمن قبضتهم.

صعدت الإدارة الامريكية خطابها بشأن انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان واتخذت إجراءات تهدف على وجه التحديد إلى عرقلة مواردهم المالية ومنع إمداداتهم من الأسلحة من إيران. وتشير زيارة نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان إلى واشنطن إلى إدراك متأخر بأن الضغط على السعودية لوقف عملياتها العسكرية داخل اليمن كان له عواقب سلبية على توازن القوى هناك.

يجب أن تتوافق الاستراتيجية الفعالة لإنهاء الحرب في اليمن بالالتزام المتجدد بصد الحوثيين عسكريا بنهج جديد للمفاوضات يستقطب شريحة أوسع من اليمنيين ويبني على المبادرات المحلية الجارية.

وكون مفاوضات الأمم المتحدة حاليا متوقفة في انتظار تعيين مبعوث خاص جديد للأمم المتحدة، يجب على الأمم المتحدة وشركائها الدوليين إعادة تقييم نهجهم بدءاً من القاعدة. وبدلاً من السعي لإنهاء الصراع على أساس اتفاق ثنائي بين السعوديين والحوثيين، ينبغي على الأمم المتحدة أن تفعل المزيد للبناء على العمل الذي يقوم به اليمنيون أنفسهم بالفعل. تحتاج واشنطن والرياض بدورهما مواصلة مثابرتها في هذا الصراع المأساوي، من أجل تحقيق سلام دائم وعادل لجميع اليمنيين.

مواصلة القتال

تمثل حركة الحوثي، بعض، وليس كل، السكان الشيعة الزيديين المتمركزين في الركن الشمالي الغربي من اليمن. وعندما شنت هجومها على الحكومة الانتقالية لعبد ربه منصور هادي في عام 2014، زعمت جماعة الحوثي أنها تعالج المظالم الشعبية الواسعة، بما في ذلك استمرار الفساد في الحكومة فضلا عن تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

لكن من الناحية العملية، كان الحوثيون يسعون إلى فرض أيديولوجيتهم المتطرفة التي اعترض عليها اليمنيون على نطاق واسع. وعلى الرغم من مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني، الذي عمل صراحة على معالجة مظالم الحوثيين، إلا أنهم رفضوا قبول نتائج المؤتمر، وشنوا بدلاً من ذلك الهجوم على الحكومة الذي هو أساس الصراع الدائر اليوم.

في يونيو 2021، رفض الحوثيون اقتراحا أمريكيا بوقف إطلاق النار ورفضوا بعد ذلك مقابلة مبعوث الأمم المتحدة في مسقط.

وبهذا الخصوص، يجب على إدارة بايدن أن توضح للحوثيين أن المجتمع الدولي لن يقبلهم كحكومة فعلية لليمن أو حتى حكاما شرعيين لليمن الشمالي. للتوضيح.

يجب على الولايات المتحدة أن تسعى للضغط على الحوثيين لوقف توسعهم والرجوع إلى المفاوضات. يجب على الحوثيين أن يفهموا أنهم لن يتمكنوا من تحقيق النصر. وهذا يعني أن الإدارة بحاجة إلى طمأنة الرياض بأنها ستدعم الجهود السعودية الموسعة لمنع تقدم الحوثيين في منطقة مأرب المتنازع عليها حاليا.

استراتيجية تفاوضية جديدة

يحتاج المجتمع الدولي أيضا إلى ضمان أن يكون الانتقال والاتفاق السياسي قائمين على حقوق متساوية لجميع اليمنيين. فقد أدت قرابة سبع سنوات من الصراع إلى ظهور عقبات جديدة أمام سلام آمن ومستدام.
على وجه التحديد، أدت نظرة الحوثيين الطائفية المتزايدة لمسار الصراع إلى رد فعل مضاد بين غير الحوثيين، مما يجعل من الضروري أن تستوعب الحكومة المستقبلية جميع المجتمعات.

تحولت الميول الطائفية للحوثيين من القيم الزيدية التقليدية الراسخة، والتي كانت منحازة للشيعة ولكنها أقرب من الناحية العملية إلى الإسلام السني، إلى شكل أكثر تشددا من الزيدية المتحالفة مع الشيعة الإثنا عشرية الإيرانية. بالإضافة إلى ذلك، فإن قيادة الحوثيين، التي تزعم أنهم من نسل النبي محمد، تعتقد أن حكم اليمن هو امتياز حصري لسلالتهم. لقد ولّدت هذه الآراء المتطرفة ردود فعل عنيفة عبر المجتمع اليمني، بما في ذلك بين الأعضاء غير الحوثيين في المذهب الزيدي الذين يعتقدون أن الحوثيين استغلوا دينهم في السعي للتعاون مع إيران.

يجب أن يكون النهج الجديد للمفاوضات أكثر فعالية لإشراك عموم الشعب اليمني، ففي حين أن المفاوضات السعودية الحوثية مشجعة، ومن المؤكد أن حل الخلافات بين الرياض والحوثيين يمكن أن يحسن بيئة التقدم، فإن هذا وحده لا يمكن أن يضع نهاية للصراع.

في الواقع، إن التركيز المبالغ فيه على الصراع الإقليمي يقلل من الأصوات والخبرة اليمنية، ونتيجة لذلك قام المفاوضون الدوليون أحيانا بتقويض الجهود على الأرض بطرق خطيرة، على سبيل المثال، أصبح تبادل الأسرى الذي كان الوسطاء المحليون يسهّلونه مستحيلاً عندما أدخلت اتفاقية ستوكهولم لعام 2018 مبادلة منفصلة للسجناء، وأدى إدخال الإجراءات البيروقراطية الدولية المرهقة إلى إنهاء دور الوسطاء المحليين وتأخير إطلاق سراح العديد من السجناء.

في حالة أخرى، أفادت منظمات المجتمع المدني أن سلطات الحوثيين اعتقلت تعسفيا مدنيين خلال مفاوضات ستوكهولم، في مقابلة غير منشورة، جادلت نورا الجروي، رئيسة تحالف النساء من أجل السلام في اليمن، بأن هذا تم جزئياً من أجل زيادة عدد السجناء الذين يمكن استخدامهم للتفاوض على مقايضة أكثر فائدة.

لحسن الحظ، يتقدم اليمنيون أنفسهم بشكل متزايد لتعزيز المبادرات المتمركزة حول اليمن لإنهاء الصراع وتعزيز مفاوضات السلام الشاملة، وتضمنت مبادرة المجتمع المدني الأخيرة بقيادة منظمة نسائية يمنية العديد من المبادئ والمكونات الأساسية لمقترحات الأمم المتحدة ولكنها تشرك الدوائر الانتخابية الرئيسية بما في ذلك النساء والشباب والقبائل والجنوبيين وغيرهم.

وتم تطوير الاقتراح من خلال المشاورات (من القاعدة إلى القمة) مع اليمنيين في المناطق الحرجة المتأثرة بالنزاع، بما في ذلك مأرب وعدن وتعز وأبين، علاوة على ذلك، تعكس المبادرة التجارب التي مرت بها النساء على أرض الواقع في التفاوض على إطلاق سراح السجناء ونيابة عن المعتقلين.

العدوان الحوثي يستوجب رداً فورياً

ومع ذلك، فإن القضية الأكثر إلحاحاً، هو أن العدوان الحوثي المتزايد في مأرب يستوجب تدخلاً إنسانياً فورياً ورداً عسكرياً حازماً. ومن دون ذلك سيستمر الحوثيون في التوسع بعنف إلى مناطق أخرى في جميع أنحاء اليمن.

في غضون ذلك، على إدارة بايدن إشراك الفصائل المتنافسة داخلها، وتحديداً أولئك الذين يفضلون المشاركة في عملية سياسية لإنهاء الحرب. ولتحقيق هذه الغاية، يجب على الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي الالتزام بمواصلة الحملة العسكرية للتحالف بقيادة السعودية.

في الوقت نفسه، يجب على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي استخدام الفترة الفاصلة بعد رحيل غريفيث كمبعوث خاص لمراجعة استراتيجيتها التفاوضية. فهناك بالفعل عدد من المبادرات المحلية التي نجحت في التوصل إلى اتفاقات بشأن بعض العناصر الأساسية لسلام نهائي، بما في ذلك إطلاق سراح السجناء وإنهاء الاعتقالات السياسية، وتعمل الجماعات اليمنية جاهدة على الترويج لمقاربات واقعية لإنهاء الصراع، ويجب على المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة أن يفعل المزيد لدمج تلك الجهود في عملية التفاوض الأوسع.