تغير المناخ.. استشراف مرعب لصورة الأرض بعد عقود قليلة

حث الرئيس الأميركي، جو بايدن، الجمعة، زعماء العالم على الانضمام إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، في تعهد بخفض الانبعاثات للمساعدة في بناء الزخم، قبل انعقاد قمة دولية بشأن تغير المناخ، في وقت لاحق من هذا العام.

وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قبل أسابيع من محادثات المناخ الشائكة، من أن الإخفاق في خفض الانبعاثات العالمية من شأنه أن يضع العالم على مسار "كارثي" سيؤدي إلى ارتفاع الحرارة بمقدار 2,7 درجة مئوية.

وكشف تقرير للأمم المتحدة عن وعود 191 دولة بشأن انبعاثات الغازات، الجمعة، أنها لن تلبي طموح اتفاقية باريس للمناخ للحد من الاحتباس الحراري إلى 1,5 درجة مئوية فوق درجات حرارة ما قبل العصر الصناعي.

وقال غوتيريش في بيان إنه بدلا من ذلك أظهر التقرير أن "العالم يسير في طريق كارثي إلى احترار من 2,7 درجة مئوية".

وبناء على الالتزامات التي من المفترض التقيد بها، ستنخفض انبعاثات هذه المجموعة المكونة من 113 دولة وبينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بنسبة 12 بالمئة بحلول عام 2030 مقارنة بعام 2010. 

ويمثل ذلك "بصيص أمل" لا يطغى على الجانب "المظلم" من الصورة، وفق مسؤولة المناخ في الأمم المتحدة باتريشيا إسبينوزا، الذي تحدث لوكالة فرانس برس.

ويعيش العالم على وقع ظواهر طبيعية "قوية" أضحت تهدد استمرار الحياة على كوكب الأرض، إذا تواصلت وتيرة الانبعاثات الناتجة عن الصناعات والتطورات الثقيلة التي عرفها العالم، وبخاصة الدول قوية الاقتصاد.

وتتخلص أبرز التحديات التي تواجهتا البشرية بسبب ظاهرة تغير المناخ في الآتي:

بينما ودّع الأيسلنديون في 18 أغسطس 2019 نهر  Okjökull ، أول نهر جليدي في الجزيرة يختفي بسبب تغير المناخ، يواصل الخبراء والمنظمات غير الحكومية دق ناقوس الخطر. 

وفقًا لباحثين، فقدت الأنهار الجليدية أكثر من 9000 مليار طن من الجليد بين عامي 1961 و 2016، والنتيجة: ارتفاع مستوى سطح البحر بشكل أسرع وأسرع، بمعدل 1.7 ملم سنويًا في المتوسط بين عامي 1901 و 2011 ، مقابل 3.2 ملم لكل العام بين 1993 و 2014.

يقدر العلماء أيضًا أن ذوبان الجليد في العالم قد تسارع خلال الثلاثين عامًا الماضية. 

والأنهار الجليدية التي ساهمت أكثر من غيرها في هذه الزيادة هي تلك الموجودة في ألاسكا وباتاغونيا ومناطق القطب الشمالي. 

لكن هذه الظاهرة تهم جميع المناطق الجبلية من الكوكب.

وبالمعدل الحالي،من المتوقع أن تفقد الأنهار الجليدية في جبال الألب مثلا، 50 في المائة من حجمها بحلول عام 2050، وفقًا لعلماء.

الحرائق

أمازون، وسيبيريا وجزر الكناري واليونان والبرتغال، لم يسلم أي من هذه المناطق من العالم هذا الصيف من الحرائق العنيفة. 

ظاهرة الحرائق تُعزى بشكل خاص إلى تغير المناخ، إذ تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تجفيف الغطاء النباتي، لذلك يصبح خطر اندلاع الحرئق أكبر.

ويؤدي تغير المناخ إلى تفاقم موسم الجفاف، وتخرج الحرائق عن السيطرة، وتتسبب في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يعطل وظائف تنظيم المطر، وفي النهاية، يمكن أن يؤدي ذلك إلى "تفاقم آثار الاحتباس الحراري على المدى الطويل".

ارتفاع درجات الحرارة

46 درجة مئوية في فرنسا؛ 42.6 درجة مئوية في ألمانيا؛ 41.8 درجة مئوية في بلجيكا؛ أو 40.4 درجة مئوية في هولندا، خلال أشهر الصيف التي عرفتها السنوات القليلة الماضية،  تم كسر سجلات الحرارة في العديد من المدن الأوروبية الغربية. 

قام خبراء بتحليل درجات الحرارة العالمية على مدار 2000 عام الماضية. وقالوا إنها لم تصل إلى هذا الحد أبدا.

ووفقًا للعلماء، فإن القارة القطبية الجنوبية هي الوحيدة، في الوقت الحالي، التي لم تتأثر جزئيًا بهذا الاحترار غير المسبوق. 

وارتفاع درجات الحرارة، نتيجة "تؤكد الطبيعة الاستثنائية لتغير المناخ الحالي"، وفقًا لما ذكره رافائيل نيوكوم من جامعة برن في سويسرا ، والمؤلف المشارك لدراسة في هذا المجال.

وبحلول عام 2100، يقدر العلماء زيادة في متوسط درجة حرارة سطح الأرض بين 0.3 و 4.8 درجة مئوية اعتمادًا على كمية انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

أحداث مناخية قوية

يؤدي تغير المناخ كذلك،  إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة. 

وبحسب الأمم المتحدة، تضرر 61.7 مليون شخص من جراء 289 كارثة طبيعية العام الماضي، وتوفي 10733 شخصًا جراء الجفاف، والأعاصير، والفيضانات.

ومن المتوقع أن هذه الكوارث الطبيعية ستستمر في الازدياد في العقود القادمة.

ففي تقرير عام 2012، توقعت الأمم المتحدة 250 مليون لاجئ مناخي في العالم بحلول عام 2050، مقابل 83.5 مليون مسجل بين عامي 2011 و 2014.

وإذا لم يتم فعل أي شيء لإبطاء انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يقدر العلماء، في دراسة نشرت في عام 2018، أن الكوارث الناتجة عن تغير المناخ من المحتمل أن تحدث في نفس المكان في نفس الوقت من العام.

وهكذا يمكن أن يعاني نصف سكان العالم من ثلاث إلى ست كوارث مناخية في نفس الوقت في عام 2100.

التنوع البيولوجي في خطر

إذا استمر الاحترار العالمي حتى يصل إلى + 4.5 درجة مئوية، فإن ما يقرب من 50 في المائة من الأنواع التي تعيش في 35 منطقة بيئية (المناطق الأكثر ثراءً في التنوع البيولوجي) ستكون مهددة بالانقراض بحلول عام 2080. 

ومن بين المناطق الأكثر تضررًا، تحتل منطقة الأمازون الصدارة، وهي الرئة الخضراء للكوكب، والتي تعد موطنًا لأكثر من 10 في المائة من جميع الأنواع المعروفة على الأرض والتي تلعب دورًا في تنظيم المناخ.

وظاهرة الاحترار يمكن أن تساهم في اختفاء أربعة من كل عشرة نباتات في العالم عند درجة حرارة +2 درجة مئوية (وحوالي 70 درجة مئوية).