تعرف على التقنية المتطورة التي تكشف أسرار مجرة درب التبانة

استطاع علماء تزويد واحد من أقوى التلسكوبات على الأرض بتقنية جديدة تهدف إلى معرفة تفاصيل غير مسبوقة عن كيف تشكلت مجرتنا.

وسيكون تلسكوب "ويليام هيرشل"، في جزيرة لا بالما الإسبانية، قادرا على مسح 1000 نجم في الساعة بغية تصنيف إجمالي خمسة ملايين نجم.

كما سيجري ربط تقنية رسم خرائط فائقة السرعة، أطلق عليها اختصارا اسم "وييف"، بالتلسكوب من أجل دراسة تركيبة كل نجم والسرعة التي يتحرك بها.

وتكشف التقنية كيفية بناء مجرتنا "درب التبانة" على مدى مليارات السنين.

واستغرق البروفيسور غافين دالتون، من جامعة أكسفورد، ما يزيد على 10 سنوات في تطوير التقنية.

وأخبرنا دالتون أنه "سعيد للغاية" لأن التقنية جاهزة لأداء مهمتها.

وقال: "إنه إنجاز رائع شارك فيه كثيرون، وكم هو رائع أن نبدأ العمل، الخطوة التالية مغامرة جديدة، رائعة!"

واستطاع العلماء تثبيت تقنية "وييف" على التلسكوب الموضوع على قمة جبل في جزيرة لا بالما الإسبانية في جزر الكناري.

وتتكون التقنية من 80 ألف قطعة منفصلة، وهي توصف بالمعجزة الهندسية.

ويستطيع العلماء تحديد مواقع آلاف النجوم في كل بقعة من السماء يُوجه نحوها التلسكوب، ثم تأتي مهمة "وييف"، وتقنية تستخدم أصابع روبوتية رشيقة تضع بعناية فائقة أنبوب ألياف ضوئية، يشير إلى نجم محدد.

وتعد هذه الألياف في الواقع تلسكوبات صغيرة، تلتقط كل واحدة منها الضوء من نجم واحد، ثم توجهه إلى أداة أخرى، ثم تقسيمها إلى طيف قوس قزح، يحتوي على أسرار أصل النجم وتاريخه.

يحدث كل هذا في ساعة واحدة فقط، وخلال تلك الفترة توضع ألياف ضوئية لألف نجم آخر على الجانب الخلفي من اللوح، الذي ينقلب لتحليل المجموعة التالية من الأهداف بمجرد اكتمال المسح السابق.

ومجرتنا عبارة عن دوامة حلزونية الشكل كثيفة تضم ما يصل إلى 400 مليار نجم، لكنها بدأت كمجموعة صغيرة نسبيا من النجوم.

ونمت المجرة من خلال عمليات اندماج متتالية مع مجرات صغيرة أخرى على مدى مليارات السنين، فضلا عن انضمام نجوم من مجرات أخرى إلى مجرتنا، ويؤدي كل اندماج إلى تشكيل نجم جديد تماما.

وتستطيع تقنية "وييف" حساب سرعة واتجاه وعمر وتكوين كل نجم محل الدراسة، مما يؤدي بشكل أساسي إلى تكوين صورة للنجوم المتحركة في مجرة درب التبانة.

ويقول دالتون إنه سيكون من الممكن فهم عملية التكوين الكامل لمجرة درب التبانة بتفصيل لم يسبق له مثيل.

وأضاف: "سيكون بمقدورنا تتبع المجرات التي اندمجت في بناء مجرة درب التبانة عبر الزمن الكوني، ونرى كيف يؤدي كل اندماج إلى تشكيل نجم جديد".

وقال مارك بالسيلس، المسؤول عن التلسكوب، لبي بي سي إنه يعتقد أن تقنية "وييف" ستفضي إلى تحول كبير في فهمنا كيف تشكلت المجرات.

وأضاف: "سمعنا منذ عشرات السنوات أننا نعيش في عصر ذهبي لعلم الفلك، لكن ما ننتظره في المستقبل أكثر أهمية".

وقال بالسيلس: "سوف تجيب تقنية وييف عن أسئلة كان علماء الفلك يحاولون الإجابة عنها خلال عشرات السنوات، مثل عدد القطع التي تتجمع لتكوين مجرة كبيرة وعدد المجرات التي اندمجت لتكوين مجرة درب التبانة".

وقالت سيسيليا فارينا، خبيرة الأجهزة في المشروع، إنها تعتقد أن تقنية "وييف" ستصنع تاريخا في علم الفلك.

وأضافت: "يوجد قدر هائل من التفاصيل التي سنكتشفها ولم نكن نتوقع ذلك. الكون مليء بالمفاجآت".