21 سبتمبر.. مرحلة سوداوية في حياة اليمنيين توثقها الشواهد والأرقام (تقرير)

شكّل يوم الـ21 من سبتمبر، مرحلة سوداوية في حياة اليمنيين، وثقتها تقارير دولية ومحلية بالحقائق والأرقام، وشهدها على عتمتها العالم، لا سيما وأبرزها تهجير الملايين من ديارهم، واستمرار حرمان مئات الآلاف من رواتبهم الحكومية، بينما قيادات وعناصر مليشيا الحوثي غارقة في رغد العيش والترف.

ويؤكد مراقبون لوكالة خبر، أن اليوم الأسود في تاريخ اليمنيين ولد في 21 سبتمبر/ أيلول من العام 2014م، مع احتلال مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانياً، العاصمة صنعاء، عسكرياً، وتعمدها اختيار هذا التوقيت انتقاماً من ثورة الشعب على نظام الكهنوت لأسلافهم في 26 سبتمبر من العام 1962م، ومحاولة وأدها.
فسيطرت على المعسكرات والوزارات، ومقار الإذاعة والتلفزيون الرسمي، ونصبّت نفسها حاكما للبلاد بقوة السلاح وأوامر طهران، ودشنت حملة اعتقالات بحق كل من يعارضها أو ينتقد ممارساتها الهمجية.

وأضافوا: لبسط نفوذها وتوسيع دائرة مشروعها الطائفي (الذي بات جليا للعيان اليوم)، أخذت تتمدد وتزحف -حينها- نحو المحافظات، مستغلة تعاطف البسطاء من شريحة الفقراء، بعد أن غلّفت أهداف مشروعها بمطالبهم لتضمن نجاحه، أبرزها إسقاط الزيادة فوق أسعار المشتقات المحددة حينها بـ(1000) ريال. وبالتوازي بَنَت قطاع (المشرفين ولجامهم) جلهم من أبناء سلالتها، وأخذت تدير الدولة بواسطتهم، قبل أن تقوم بتسريح آلاف القيادات العسكرية والمدنية، واستبدالهم بعناصرها.

ومع أن شريحة عريضة من أبناء الشعب أدركت خطر هذا المشروع مبكرا، وحاولت الوقوف في وجهه، إلا أنها استغلت تدخل قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في مارس 2015م، ودعمه الجيش اليمني عسكريا ولوجستيا في حربه ضد المليشيا لاستعادة الشرعية والنظام الجمهوري، فقامت باعتقال وتغييب كل من يعارضها أو يخالف معتقداتها وأفكارها الطائفية والعنصرية. واكتظت المعتقلات بالآلاف من العسكريين والأطباء والصحفيين والمعلمين والحقوقيين والمثقفين، ولم تستثن في حملاتها هذه النساء والقاصرين، بطريقة وحشية لم يشهد لها مثيل.

معتقلات واغتصاب نساء

وتعريجاً على أبرز (إنجازات) هذه النكبة الإجرامية، وثقت المنظمة اليمنية للأسرى والمختطفين، بحسب تقرير لها في أغسطس الماضي، 17638 حالة تعذيب جسدي ونفسي، في سجون مليشيا الحوثي بينهم 587 طفلاً و150 امرأة، خلال الفترة الممتدة من سبتمبر/ أيلول 2015 وحتى نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2021م. ما يعني زيادة العدد حتى سبتمبر/ أيلول الجاري.

وأكدت أن المليشيا تدير 639 سجناً منها 230 سجناً رسمياً و298 سرياً، إضافة إلى استحداث 111 سجناً خاصاً موجودة داخل أقبية المؤسسات الحكومية كالمواقع العسكرية، وأخرى موجودة في مبانٍ مدنية كالوزارات والإدارات العامة. وهي بذلك تجسد فداحة نكبة 21 سبتمبر التي انهمكت في استحداث السجون، كواحدة من جرائمها بدلا عن بناء المدارس أو المشافي...

بينما أكد تكتل (8 مارس من أجل نساء اليمن) بالتعاون مع عديد منظمات حقوقية دولية ومحلية، في تقريره الصادر في فبراير 2021، بعنوان "سجون الحوثي مقابر النساء"، أن عدد المعتقلات اليمنيات خلال الفترة ديسمبر 2017 وحتى ديسمبر 2020م (فقط)، بلغن 1181 معتقلة، منهن: 274 حالة إخفاء قسري، و292 معتقلة هنّ من الناشطات والحقوقيات ومن قطاع التربية والتعليم، و246 حالة من العاملات في المجال الإغاثي والإنساني. كما وثق التقرير 71 حالة اغتصاب و4 حالات انتحار.

بينما وثق تقرير فريق الخبراء المعني باليمن التابع للجنة مجلس الأمن بحق مليشيا الحوثي، والذي قُدمت نسخة منه للمجلس في 25 يناير 2022، خطف واغتصاب وتلفيق اتهامات بحق اليمنيين. واستشهد بتسع حالات قام فيها الحوثيون باختطاف واحتجاز نساء ناشطات سياسياً أو مهنياً، بسبب معارضتهن لآرائهم الآيديولوجية أو توجههم السياسي.

حرب عبثية

وتسببت الحرب العبثية التي تشنها المليشيا الحوثية ضد اليمنيين على مدى 8 سنوات بتهجير 4.6 مليون يمني من منازلهم منهم 3.65 مليون ما يزالون نازحين داخلياً، وفقا لبيانات المفوضية السامية للاجئين، وما يزال العدد في تصاعد مستمر.

ونتيحة هذه الحرب حَرم الحوثي أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم والدفع بأكثر من مليوني طفل لسوق العمل وقتل آلاف الأطفال ممن دفع بهم إلى جبهات القتال قسرا أو تحت إغراءات مالية لأرباب الأسر المعوزين او عبر مغالطات ترتكز على النزعة القبلية أو الوطنية أو مذهبية.

وإضافة إلى تداعيات الحرب المدمرة، يواجه اليمنيون كارثة أخرى أشد فتكا، وهي أكثر من مليوني لغم زرعتها المليشيا في عموم البلاد، بمختلف الأحجام والأنواع والأهداف، قد تحتاج اليمن إلى عشرات السنين لتطهيرها بعد توقف الحرب.

فقر مدقع

وبينما أكدت تقارير منظمات الأمم المتحدة أن ثلثي اليمنيين يواجهون أسوأ أزمة عالميا وبحاجة إلى مساعدات، تشير دراسة أعدها فريق باحثين من جامعة دنفر الأمريكية، إلى أنه في حال استمرار الحرب سوف يعيش 71 بالمئة من سكان اليمن في فقر مدقع وسيعاني 84 في المئة منهم سوء تغذية، وسيبلغ إجمالي الخسائر الاقتصادية حوالي 657 مليار دولار.

‫ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل عمدت المليشيا إلى سرقة ومصادرة المساعدات والمعونات الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المنظمات الدولية، وبيعها في الأسواق السوداء لتمويل حربها، الأمر الذي ضاعف معاناة ملايين المحتاجين.

ونتيجة تردي الوضع المعيشي والاقتصادي، وتراجع الخدمات الصحية كبقية القطاعات، عادت الكوليرا والجدري وغيرهما من الأمراض والأوبئة التي كانت اليمن قد تخلصت منها قبل عقود. وتسببت في حصد أرواح آلاف اليمنيين لعدم تلقيهم أي رعاية صحية.

كما أنها حرمت مئات الموظفين الحكوميين من رواتبهم لأكثر من خمس سنوات على التوالي، في الوقت الذي تنهب شهريا مليارات الدولارات، من إيرادات موانئ الحديدة وضرائب الاتصالات، وايرادات المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وفوارق أسعار المشتقات النفطية والغاز، علاوة على استحداثها جمارك داخلية في عدة محافظات لفرض جمارك جديدة على البضائع القادمة من المناطق المحررة. إضافة إلى فرض جبايات شبه أسبوعية لدعم جبهات القتال واحياء الفعاليات والأنشطة الطائفية.

وأوقفت مليشيا الحوثي تنفيذ كامل المشاريع الخدمية، وفرضت تنفيذها على المواطنين تحت مسمى مساهمة مجتمعية، بينها مبانٍ حكومية، وطرقات، وإعادة تأهيل مبانٍ خدمية وطرقات وغيرها.

ومع كل ذلك، لا تزال المليشيا المدعومة إيرانيا، تخادع البسطاء، وتقتاد أبناءهم قطعانا نحو الموت دفاعا عن مشروعها الانتقامي من اليمنيين. فهذا نائب وزير الخارجية في حكومتها، القيادي المدعو "حسين العزي"، يصف ثورة 26 سبتمبر، في تغريدة له على "تويتر" - الثلاثاء- بـ(البوْرة). في إساءة طفحت بحقد هذه المليشيا على اليمنيين وثورتهم السبتمبرية التي أطاحت بأسلافهم وكهنتهم، وهو المصير الذي ينتظرهم.