تقرير يكشف فساد التعيينات والمحسوبية في البعثات الدبلوماسية لليمن في الخارج

كشف تقرير حكومي عن ارتفاع عدد الموظفين المعينين في السلك الدبلوماسي خلال الخمس السنوات الماضية، دون وجود حاجة أو مهام فعلية، مما أضاف أعباء مالية على الموازنات التشغيلية للسفارات ومرتبات إضافية وازدحام مقرات البعثات بالموظفين دون أي مردود أو مصلحة تذكر للمواطنين.
 
تقرير اللجنة المشكلة بموجب قرار رئيس الوزراء رقم (27) لسنة 2021م، أظهر ارتفاع عدد المعينين والملحقيات الفنية المستحدثة بشكل غير قانوني في البعثات الدبلوماسية لليمن في الخارج، بنسبة 100 في المائة منذ انقلاب الحوثيين واندلاع الحرب عام 2015م.
 
وقال التقرير، "إن عدد المحلقين المعينين في الملحقيات المستحدثة بلغت 127 موظفا موزعين على 11 نوع من الملحقيات في 29 بعثة دبلوماسية، مقارنة بـ 52 موظف قبل 2015م".
 
وأكد "أن أغلب الموظفين المعينين في الملحقيات الفنية انتهت فترة عملهم القانونية والمحددة بأربع سنوات حسب قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي والبعض قد تجاوز هذه المدة إلى ما يزيد عن 14 سنة".
 
وأضاف تقرير اللجنة التي يرأسها وكيل الوزارة أوسان العود "أن عدد الذين انتهت المدة القانونية لعملهم بلغ (101) موظف، منهم (24) موظف لم تنشأ ملحقياتهم بحسب الشروط القانونية واستحدثت بعد العام 2015م".
 
وأشار التقرير "إلى أن العدد الفعلي للذين لم تنتهي المدة القانونية لعملهم والمحددة قانونا بأربع سنوات، 18 موظف فقط لا غير".
 
وأوضح التقرير أن الأمر لم يتوقف عند انشاء الملحقيات وتعيين موظفيها بالمخالفة للقانون، إذ "تم تعيين ملحقين ومساعديهم بمسميات؛ ملحق شؤون مغتربين، ملحق صحي، ملحق أمني، ملحق شرطي، دون إصدار قرارات إنشاء ملحقات إضافية".
 
وبين التقرير أن عدد من المحلقين المعينين بدون إنشاء ملحقيات، "لم توافق عليهم دول الاعتماد نظرا لعدم وجود النشاط الذي يمثل الملحق المعين".
 
وأكد أن "قرارات سابقة لمجلس الوزراء قضت بتقليص أعداد الملحقيات في السفارات وإلغاء الملحقيات الثقافية في البلدان التي يقل أعداد الطلاب فيها عن (250) طالب، وإلغاء الملحقيات الصحية والتجارية في البلدان التي ليست مقصدا للمواطنين للعلاج، والتي حجم التبادل التجاري معها لا يستدعي وجود ملحقية"، لم تنفذ حتى اليوم.
 
ولفت التقرير إلى وجود ملحقين مكررين ومساعدين ونواب لملحقين عينوا في ملحقيات مستحدثة وغير قانونية، بما في ذلك ملحقين؛ إعلامي وصحي وشرطي وأمني وضابط ارتباط في بلدان لا تستدعي وجود هكذا موظفين.
 
وأوصت اللجنة الحكومية في تقريرها، بـ"استدعاء 101 موظف في الملحقيات لانتهاء فترة عملهم القانونية، وإلغاء التمديد لمن انتهت فترة ابتعاثه بعد تجاوز 5 سنوات، وإلغاء الملحقيات الفنية المستحدثة بعد العام 2015م، وإعادة النظر في جدوى بعض الملحقيات والفائدة من وجودها".
 
كما أوصت "بإلغاء وظيفة جميع نواب ومساعدي الملحقيات بحيث لا يزيد عدد المبتعثين عن الملحق فقط مع استثناءات في بعض الدول، وإلغاء عقود الموظفين المحليين في جميع الملحقيات الفنية عدى الملحقيات الثقافية وبما لا يزيد عن الحاجة".
 
ومن بين التوصيات "إلغاء الملحقيات الثقافية في امريكا وسوريا، واستحداث ملحقية في تركيا، وإلغاء الملحقيات الإعلامية في عمان والمنامة والرياض ونائب الملحق في القاهرة، وكافة الملحقيات التابعة للوزارات المدمجة والملحقيات التي لا داعي لها في معظم لبلدان".
 
وشدد التقرير على ضرورة التخفيض للحد الأدنى لبعض الملحقيات العسكرية والأمنية التي لا يوجد لها قرارات جمهورية أو قرارات إنشاء وإيقاف التعيين فيها.
اللجنة التي يرأسها أوسان العود وتضم علي الإدريسي كممثل عن مكتب رئيس الوزراء ومحمد باهبري ممثل الشؤون القانونية ومنال علي أسعد ممثلة لوزارة المالية اقترحت في ختام تقريرها، أن "يصدر مجلس الوزراء قرارات بإنشاء وتنظيم بعض الملحقيات لتصحيح وضعها، بشرط وجود حاجة وضرورة لذلك".
 
وأقتصر عمل اللجنة، على دراسة مذكرة رفعها وزير الخارجية في سبتمبر 2021 والوقوف على حيثيات إنشاء الملحقيات وحصر من انتهت فترة عملهم وفي إطار العمل على تنفيذ قرار مجلس الوزراء لإجراء معالجات أولية للأوضاع الاقتصادية والمالية وإيقاف التعيينات بما يحقق الترشيد في الانفاق.
 
ولم تتناول اللجنة في تقريرها ومهامها، مؤهلات وإمكانيات المعينين في الملحقيات بغض النظر عن قانونية إنشاءها والمدة القانونية للمعينين، حيث أن معظم تلك التعيينات اعتمدت بالأساس على صلة قرابة المعينين بالوزراء والنافذين في الحكومة وأبناء وعائلات السفراء والدبلوماسيين.
 
وبحسب تقرير اللجنة، فإن إجمالي الملحقيات اليمنية في الخارج بلغت عدد (78) ملحقية في (29) بعثة دبلوماسية. ولم يشمل تقرير المعينين في وظائف متنوعة ومكررة في البعثات المعتمدة والقانونية كما لم يتطرق للموظفين الأدنى في الملحقيات كالمستشارين والموظفين العاديين، واللذين في الغالب هم من عائلات وأقارب السفراء والدبلوماسيين والوزراء أو زوجات وأخوات بعظهم.
 
ورغم رفع اللجنة تقريرها قبل عام، لا يوجد -حتى اليوم- أي مؤشرات باتخاذ مجلس الوزراء إي إجراءات لترجمة توصيات اللجنة وتصحيح ما يمكن تصحيحه والحد ولو من جزء بسيط من الفساد المستشري في السلك الدبلوماسي الذي يتمدد بما يناسب عوائل المسؤولين في الحكومة الشرعية، وتحول منذ انقلاب الحوثيين إلى دجاجة تبيض ذهبا لأسر معينة، على حساب خدمة ومصلحة اليمنيين ودولتهم الافتراضية التي أضحت في مهب الريح.
 
وكان رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي وجه خلال ترؤوسه اجتماعا للحكومة في عدن، بأن تقوم ممثلة بوزارة الخارجية بحصر أبناء وأقرباء المسؤولين من الدرجة الاولى المعينين في السلك الدبلوماسي، والملحقيات والبعثات من خارج قوام وزارة الخارجية، وإحالتهم الى الخدمة المدنية او المؤسسات المتوافقة وقدراتهم وتخصصاتهم وفقا لشروط شغل الوظيفة العامة.
 
وجاءت هذه التوجيهات، بعد فضيحة المنح والدارسين في الخارج على حساب الدولة اليمنية، وأغلبهم أبناء لمسؤولين وزراء وسفراء في الشرعية وعلى رأسهم رئيس مجلس القيادة الرئاسي الذي يتلقى اثنين من أبنائه وحفيده مساعدات مالية من وزرة التعليم العالي والبحث العلمي على حساب المتفوقين من أبناء الشعب الذي يغرق بشكل مستمر في مستنقع الفساد والمحسوبية، إضافة للأزمات الإنسانية والاقتصادية والمجاعة التي تسبب فيها انقلاب الحوثيين والحرب المستمرة منذ ثمان سنوات.