مجلة دولية: المجتمع الدولي يتمسك بهدنة كاذبة مع الحوثيين في اليمن والمرحلة الثانية تستهدف السعودية والإمارات

فضحت مجلة "تي آر تي" الدولية، المجتمع الدولي وتمسكه بأمل الهدنة الكاذبة في اليمن مع الحوثيين، مؤكدة أن وقت كشف الحقائق ومواجهتها قد حان، وأن عودة الحوثيين إلى طاولة المفاوضات في أي وقت قريب باتت مستحيلة، وإن فعلوها "فلن تكون هذه الخطوة نحو السلام المستدام الذي يحتاجه اليمن بشدة"، مشيرة إلى أن خطوتهم التالية بعد ضربهم البنية التحتية في البلاد كخطوة أولى، هي الهجمات على السعودية والإمارات.

وقالت إميلي ميليكين -باحثة بارزة في مجلس السياسة الخارجية الأمريكية، "لم يظهر الحوثيون أي احترام يذكر للدعوات والنداءات الدولية لإنهاء أعمالهم العدائية، بل استخدموا الهدنة التي استمرت ستة أشهر لتعزيز أنفسهم عسكرياً وإعادة تجميع صفوفهم".

وأكدت ميليكين -التي تعمل نائب رئيس مؤسسة (اسكاري اسوسيشن)، وهي مؤسسة استشارات دفاعية واستخباراتية تركز على الشرق الأوسط- أن المجتمع الدولي يتمسك "بالأمل الكاذب في إمكانية إنقاذ الهدنة في اليمن. لكن حان الوقت لمواجهة الحقائق - وهي استحالة أن يعود الحوثيون إلى طاولة المفاوضات في أي وقت قريب. وحتى لو فعلوا ذلك، فلن تكون هذه الخطوة نحو السلام المستدام الذي يحتاجه اليمن بشدة".

وأضافت: صحيح أن الهدنة التي استمرت ستة أشهر كان لها آثار إيجابية على الوضع في اليمن. على سبيل المثال لا الحصر، كان هناك انخفاض حاد في عدد الضحايا المدنيين، وزيادة المساعدات المقدمة للسكان الأكثر ضعفاً في اليمن، وفتح مطار صنعاء أمام الرحلات الجوية المقيدة سابقاً للعديد من اليمنيين الذين يحتاجون الرعاية الطبية العاجلة في الخارج.

لكن الحوثيين بدأوا بالفعل في تقويض الجهود التي بُذلت بشنهم سلسلة من الهجمات المدمرة على المدنيين. ففي أحد الحوادث المقلقة، استهدف الحوثيون مخيماً للنازحين في محافظة مأرب بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية - مما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، من بينهم طفلان.

وفضحاً للتخادمات الحوثية تؤكد ميليكين أنه "حتى الأمم المتحدة، التي تواصل الدعوة إلى إحياء الهدنة، أقرت وأكدت بأن الحوثيين مسؤولون عن مجموعة من جرائم الحرب بعد وقت قصير من انتهاء الهدنة".

ومن وجهة نظرها، لا سيما وهي باحثة بارزة، تعاود التأكيد بأن "الأسوأ من ذلك، أن الحوثيين استخدموا الهدنة لتعزيز وتقوية أنفسهم استعداداً لاستئناف القتال ضد الحكومة اليمنية. كما استفاد الحوثيون من الهدنة وتوقف ضربات التحالف لإعادة تجميع صفوفهم وتحصين مواقعهم على جبهات مختلفة - بما في ذلك في مأرب، وأرسلوا تعزيزات كبيرة من المقاتلين والمركبات المدرعة والأسلحة الخفيفة والثقيلة".

وفي ظل إجماع باحثين دوليين على انحراف مسار الهدنة الأممية في البلاد، تأتي رؤية ميليكين مطابقة، مشيرة إلى أن "الحوثيين استفادوا من الهدنة دبلوماسيا. ففي الأشهر الستة التي كان فيها وقف إطلاق النار سارياً، قدم التحالف تنازلات كبيرة مثل فتح مطار صنعاء الدولي، والسماح باستيراد وقود إضافي والاعتراف بجوازات السفر الصادرة عن الحوثيين. في المقابل لم ينفذ الحوثيون أهم بنود الاتفاق وهو رفع الحصار عن مدينة تعز وفتح الطرق الرئيسة المؤدية إليها".

هجمات دموية

ينبغي على الأطراف الدولية التي تواصل دعوة الحوثيين لوقف هجماتهم الدموية والانضمام إلى وقف إطلاق النار، مثل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، الاعتراف بأن مناشداتهم ودعواتهم لا تلقى آذاناً صاغية. لم يوافق الحوثيون على الهدنة إلا لأنهم اعتبروها فرصة استراتيجية لانتزاع التنازلات وتجميع صفوفهم واستعادة قواهم. الآن لا يرون أي حاجة لوقف الحرب ما لم تكن بشروطهم هم. والحديث هنا ما زال لميليكين.

وتضيف: لم يظهر الحوثيون أي اهتمام بالانخراط في الجهود الدبلوماسية لتجديد الهدنة. بل على العكس، أفصحوا فعلياً عن نواياهم من خلال إطلاق استراتيجية من ثلاث مراحل لتصعيد العمليات العسكرية في الداخل والخارج.

أما استراتيجيات الحوثيين فتنظر إليها ميليكين بعمق أكثر، فهي من الباحثين الذين استندوا في أبحاثهم على معلومات ووقائع أكثر عمقا بالجماعة، ولذا تجزم على أن أولى خطواتهم هي تفتيت الداخل قبل أي نوايا خارجية حيث تقول: وتنص استراتيجيتهم على أنهم سيستهدفون البنية التحتية للطاقة داخل اليمن قبل ضرب البنية التحتية السعودية والإماراتية الحيوية، وفي النهاية مهاجمة حركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وتؤكد أنه بات من الواضح "أن الحوثيين بدأوا بالفعل في تنفيذ خطتهم. فقد هاجموا منشآت تصدير النفط في ميناء النشيمة في 18 و19 أكتوبر، وميناء الضبة في 22 أكتوبر و21 نوفمبر، وميناء قنا في 9 نوفمبر".

أما الخطوة التالية فهي على ما يبدو من خلال قراءة ميليكين "أن الحوثيين المدعومين من إيران بصدد تنفيذ المرحلة الثانية من خطتهم، وهي الهجمات على السعودية والإمارات. حتى قبل الإعلان عن استراتيجيتهم هذه، جدد الحوثيون التهديدات ضد كلا البلدين ويبدو الآن أنهم يستعدون لشن هجمات".

وأشارت إلى أن البحرية الأمريكية وخفر السواحل كشفت في 14 نوفمبر عن اعتراضهم لقارب صيد غير معلوم يحمل 180 طناً من المواد المتفجرة -بما في ذلك بيركلورات الأمونيوم المستخدمة في صنع وقود للصواريخ الباليستية- من إيران إلى الحوثيين. يمكن للحوثيين بلا شك الوصول إلى متفجرات أخرى، لكن الشحنة الكبيرة تشير إلى أنهم يخططون لاستئناف الهجمات عبر الحدود قريباً.

خطط الحوثيين التخريبية مستمرة، لا سيما في ظل الدعم الإيراني العسكري واللوجيستي.. هذا ما تستنتجه الباحثة التي تؤكد أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الحوثيين يخططون للمرحلة الأخيرة من مخططهم، وهي الهجمات على الشحن الدولي وحركة الملاحة البحرية الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وكلاهما من الروابط الاستراتيجية الحيوية في التجارة البحرية بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي".

وتربط الكثير من هذه الاستنتاجات بوقائع تهريب وضبط أسلحة كانت في طريقها نحو المليشيا.. فبحسب ميليكين، في 19 نوفمبر، اتهمت الحكومة اليمنية الحوثيين باختبار صاروخ مضاد للسفن، والذي في حال كان صحيحاً سيشكل تهديداً كبيراً لكل من السفن العسكرية والمدنية المتواجدة في المنطقة، حتى لو سقط الصاروخ في البحر الأحمر.

وفي عام 2018، اضطرت السعودية إلى تعليق شحنات النفط عبر مضيق باب المندب بعد أن هاجم الحوثيون ناقلتي نفط. إذا تمكن الحوثيون من تعطيل العمليات في هذه الممرات المائية الحيوية مرة أخرى، فستضطر شركات الشحن والنقل البحري التي تسافر من الخليج إلى أوروبا وشمال إفريقيا إلى السفر حول الطرف الجنوبي من إفريقيا، وهو إجراء من شأنه أن يضيف إلى تكاليف الشحن والوقود ويعطل الإمداد في وقت قصير، في الوقت الذي يكون فيه سوق الطاقة متقلباً بالفعل.

وفي ظل التصعيد الحوثي وبعد أن "كانت الحرب في اليمن طوال السنوات الثماني الماضية، على رأس قائمة الأولويات الدولية". تجد ميليكين أن مسار التهديد الحوثي ازداد انحرافاً وأنهم بدأوا يهددون "بشن هجمات على عمليات الشحن البحرية الدولية التي قد تتسبب في ارتفاع أسعار النفط في جميع أنحاء العالم، سيتخذ المجتمع الدولي الإجراءات اللازمة لإنهاء الحرب قبل هجوم الحوثيين الفظيع التالي".