نكبة 11 فبراير وما آلت إليه اليمن

شهدت اليمن انهياراً كبيراً في مختلف المجالات والخدمات والأوضاع، منذ بدء نكبة 11 فبراير واستمرت بشكل متتالٍ، حتى إن الشعب اليمني والوطن ما زالا يتجرعان ويلات وتبعات تلك النكبة، وتجذرت منها نكبات أخرى بمسميات عدة، جميعها تتغنى باسم الوطن، ولكنها في الحقيقة تأسست لتدمير هذا الوطن الذي كان قد شهد نقلة نوعية في البناء والعمران والتطور والتقدم والازدهار، وتطورت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والشبابية والأمنية وغيرها.

نكبة 11 فبراير، كانت شرارة أولى للهدم والخراب والدمار والفوضى والتشريد والنزوح، واجتاحت كل المحافظات اليمنية بنتائجها الكارثية، مستغلة أوضاع الشباب لتحقيق الأهداف التي سعوا من أجلها، وسهلت النكبة تعبيد الطريق أمام مليشيا الحوثي الإرهابية، التي خرجت من تحت الأرض لتشاركهم الخيام في ساحات الاعتصام ضد الدولة والنظام.

نسرد بعض ما آلت إليه اليمن نتيجة نكبة 11 فبراير، من أبرزها هيكلة الجيش وإحلال المليشيات والعصابات، بمسمى الجيش العائلي، فتشكلت مكونات فيما بعد بمسميات عدة، وبشكل عشوائي، بالإضافة إلى أن النكبة أنتجت لليمن خلايا كبيرة من الفساد تعبث بالوطن ومقدراته، ونهب خزينته بذرائع عدة، واتخاذ الحرب وسيلة لها للهيمنة على كل مفاصل الدولة.

بعد نكبة 11 فبراير، ووفقاً لتقارير أممية صدرت خلال الأشهر الماضية، فإن اليمن تحتل مرتبة متأخرة في "الصحة العقلية"، وأن ربع سكان اليمن بحاجة إلى دعم ورعاية الصحة النفسية، نتيجة الحرب التي تسببت بحدوثها نكبة 11 فبراير، والتي فسحت المجال للقوى المتطرفة بالتوسع والانتشار، ولعل ذلك يعود إلى غياب الأجهزة الأمنية وتسخيرها لصالح الأحزاب.

زعم المحتجون في العام 2011م، أنهم يقودون ثورة ضد الجوع، في الوقت الذي كانت فيه اليمن تعيش أوضاعاً اقتصادية جيدة، وتحسنا كبيرا في الأوضاع المعيشية، لكن ما بعد تلك النكبة فقد أصبح عدد الجوعى في اليمن أكثر من 17 مليون يمني، وفق تقرير للبنك الدولي.

أما التعليم في اليمن، فإن التقارير اليمنية والدولية تشير إلى أن 2916 مدرسة (واحدة على الأقل من بين كل 4 مدارس) دمّرت أو تضرّرت جزئياً أو تم استخدامها لأغراض غير تعليمية نتيجة النزاع الذي شهدته البلاد، وكلها تبعات نكبة 11 فبراير التي كان مناصروها يجبرون الطلاب على الهتاف بـ"لا دراسة ولا تدريس، حتى يسقط الرئيس"، بل وصل الحد إلى حرمان التربويين من مرتباتهم، حيث كانوا طول نكبة 11 فبراير يستلمون مرتباتهم ويذهبون لساحات الاعتصام.

الهيكل التعليمي أيضاً يواجه مزيداً من العوائق تتمثّل في عدم حصول أكثر من ثلثي المعلّمين (ما يقرب من 172 ألف معلّم ومعلّمة) على رواتبهم، رغم توفر السيولة لدى الجهات المعنية، فيما حرمت مليشيا الحوثي مليوني طفل من التعليم، وجنّدت آلاف الأطفال في جبهات القتال ونقاط التفتيش العسكرية والأمنية وحراسة المنشآت، كما حرمت المعلّمين من رواتبهم، وقصفت المدارس وحوّلت أخرى إلى ثكنات عسكرية، وأدخلت تغييرات على المناهج التعليمية لتخدم أجندتها الطائفية والمذهبية، بخلاف النقص الشديد في المعلّمين والإدارات المدرسية.

الحرب وحدها التي أججت لها نكبة 11 فبراير وما تبعها من نكبات، حصدت أرواح مئات الآلاف من اليمنيين، وملايين الجرحى، وتحويل مساحات كبيرة من الأراضي اليمنية إلى حقول ألغام، بل تسببت بتهجير ونزوح آلاف الأسر اليمنية، وبدلاً من عودة المغتربين إلى وطنهم، حسب دعواتهم في 2011، فإن ما نتج عن النكبة هو اغتراب اليمنيين في بلدان عدة، منهم هرباً من الحرب، ومنهم من أجبرتهم عمليات القمع والانتهاكات إلى الهجرة.

إن سردنا كل ما آلت إليه اليمن في هذا التقرير، فلن نستطيع التوقف، وبالرغم من ذلك، فإن الشعب اليمني يعرف جيداً ما أنتجته نكبة 11 فبراير، ويتمنى الشعب لو يعود اليمن إلى الوراء، ومنع نكبة فبراير من حدوثها، وسط حرقة الم وحسرة على ما وصلت إليه البلاد، داعين الجميع إلى الحوار والوصول إلى حل سياسي، فيكفي ما حدث للوطن والشعب.