منطقة "الجاح" بالحديدة تتبسم من جديد بعد ثلاث سنين أهلك الحوثي فيها الحرث والنسل (تقرير)

تحركت بنا السيارة إلى منطقة ومفرق طرق مثلث الجاح، وهو اسم لإحدى مناطق مديرية بيت الفقيه محافظة الحديدة، التي تشتهر بمزارع النخيل، احتلتها عصابات الحوثي الإرهابية منذ أكثر من ثلاث سنوات وحولت مزارعها ومنازل المواطنين فيها إلى مواقع لمشرفيها ومعسكرات تدريب.. بيد أن المقاومة المشتركة حررت جزءاً كبيراً من المنطقة في أواخر مايو الماضي بتعاون أبناء المنطقة.

وتكمن أهمية منطقة الجاح أنها تؤمن الإمدادات في الساحل الغربي، ولهذا السبب يرابط بها أبطال قوات المقاومة الوطنية، يؤدون واجبهم الوطني على أكمل وجه وفي جاهزية عالية للانقضاض على أي محاولات تسلل لعصابة الحوثي إلى هذه المنطقة.

تسير الحياة من حولك بشكل طبيعي بعد أن غادر الخوف قلوب المواطنين.. الخط الاسفلتي أصبح مزدحماً.. سيارات دراجات نارية.. أسواق تنتعش.. المزارعون عادوا لعناق أرضهم وحصاد الثمار.. الناس تعيش عفوياً مهرجان انتصار على عصابة الكهنوت.. فرحة غامرة وعناق.. ولهو أطفال.

تشعر وأنت تزور هذه المنطقة التي كثر الحديث عن ضراوة القتال فيها بالخوف، لكن هذا الشعور يتبدد عندما تصل المنطقة المحررة الجاح، وتتنقل بين أبناء قرى الجاح، وأكثر ما يشد انتباهك هو ذلك الاندماج الرائع بين قوات المقاومة المشتركة وأبناء الساحل الغربي بشكل عام والجاح بشكل خاص.

ففي حضرة أبطال المقاومة تشعر بجلال ملحمة الانتصار وعظمة المهمة الوطنية، فكل شخص منهم سطر ملحمة وطنية أو شارك فيها منذ بداية معارك التحرير وحتى اليوم، رجال أكبر من كل الكلمات، إنهم لايحمون الطريق من تسلالات العصابة، بل إنهم من هنا يحمون النظام الجمهوري والحرية وكرامة وعزة وشرف اليمن.

 أسواق تنتعش.. ومزارعون عادوا لعناق أرضهم
أسواق تنتعش.. ومزارعون عادوا لعناق أرضهم

جلسنا نبادلهم أطراف الحديث بعد أن كثر الهرج والمرج عن اختراقات عصابة الحوثي، وجدنا في الواقع وما يبعث على الفخر والاطمئنان والثقة بأن موعدنا مع النصر قريب جداً والقضاء على عصابة الحوثي الإيرانية الكهنوتية السلالية بات قاب قوسين أو أدنى..

قال أحد أبطال المقاومة: المعركة بعيدة.. بعيدة قرب بيت الفقيه وأبواب مدينة الحديدة وقرب أبواب صنعاء.. هنا نقوم بتطهير بقايا فلول عصابة الحوثي. وأضاف: نعاهد شعبنا بتحقيق النصر.. لأننا نقاتل من أجل أن نعيش أحراراً كما خلقنا الله لا هذا ابن الأرض وذاك ابن السماء.. الله خلقنا سواسية أحراراً ولن نقبل بمن يحاول استعباد شعبنا، وردنا عليه سيكون بهذا الرصاص الأحمر..

تناولنا طعام الغداء مع المقاتلين... وفي تلك الأثناء تحدث قيادي في المقاومة قائلا: عصابة الحوثي الإرهابية إلى زوال، ووطن ويمن الديمقراطية والحرية والعدالة والمساواة سيظل خالدا.. نحن مستعدون للقتال والتضحية بأنفسنا في سبيل تحرير وطننا وشعبنا من هذه العصابة المجرمة، ننتظر فقط الأوامر لنتقدم، ونحن في كامل الجاهزية والاستعداد لدحر هذه العصابة من آخر أوكارها.

انبهرنا كثيراً بالوعي الوطني الذي يتمتع به أبطال المقاومة، وبما ما يمتلكوا من عزيمة وإيمان راسخ بعدالة معركة شعبنا اليمني المظلوم ضد عصابة الحوثي.. رجال لا يبحثون عن أعذار أو مبرارات، وإنما ينتظرون إعلان ساعة الصفر للتحرك لتحرير مدينة وميناء الحديدة، لأن معركة الجاح بالنسبة لهم قد حسمت، وصار أبناء المنطقة يقومون بالتصدي لأي محاولات إخلال بالأمن أو الاعتداء على الخط العام.

بشائر النصر

كل مشاهداتنا وحواراتنا مع أبطال المقاومة الوطنية أكدت، بما لايدع مجالاً للشك، بأن مدينة الحديدة ستتحرر من عصابة الكهنوت كما تحررت كافة مناطق الساحل الغربي.. واثقين بأن كل منطقة يخسرها الحوثي الكهنوتي يستحيل عليه استعادتها مرة ثانية.. ثقوا ولا تصدقوا ما تروجه أبواق الدجل التابعة لهم.. لقد شاهدنا الأبطال أمامنا، وقوات ضاربة من المقاومة المشتركة تسير على الخط باتجاه مدينة الحديدة.

طقم عسكري لحراس الجمهورية بمفرق زبيد
طقم عسكري لحراس الجمهورية بمفرق زبيد

وبعد مغادرتنا مواقع المقاومة دردشنا مع أحد أبناء منطقة الجاح وهو محمد علي، والذي قال: الحوثي يهلك الحرث والنسل ويقتلع الأخضر واليابس في كل منطقة حل فيها.. وقد وجدنا هذه الحقيقة ماثلة في الواقع أمام أعيننا أثناء جولتنا بمنطقة الجاح في مزارع المواطنين التي حولوها إلى مخابئ ومتارس وغرف عمليات وسيطرة لحربهم على المواطنين.

وأضاف محمد علي ناصر: الحمدالله بدأنا نشعر بالأمن والاستقرار، وبدأ الناس يعودون إلى منازلهم وأرضهم التي شردوا منها.. فأغلب هذه المزارع ماتت أشجار النخيل فيها بسبب عصابة الحوثي، ومن يعرف النخيل وزراعتها يعلم حجم المعاناة والتعب والصبر الذي يتجشمه المزارع حتى يكتمل نمو النخلة بعد حوالي خمس سنوات من التعب والعناية بها كطفل صغير، والمأساة أن تأتي عصابة الحوثي وتقضي على تعب كل تلك السنين لآلاف المزارعين والعاملين بتلك المزارع خلال 3 سنوات.. فقد منعونا من ري أشجار النخيل وتركت لتواجه الموت بسبب الجفاف وتركت حتى أصبحت أعجاز نخل خاوية.. هذا صورة من صور ما يعانيه المزارع والصياد.. الآن وبعد تحرير منطقتنا عاد الناس إلى مزارعهم ويعملون لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وكل ذلك بفضل الله والمقاومة.. ونطالب التخلص من بقايا العصابة في المناطق المجاورة.

أما المواطن حسن علي فتيني فقد قال: مؤلم جداً عندما تشاهد كمزارع وبعد أن أفنيت عمرك في تربية أشجار النخيل والعناية بها، وفي وقت قصير تقف عاجزاً عن عمل أي شيئ، ومزرعتك تموت وتمنعك مليشيا الموت الحوثية من إنقاذها والذين لم يكتفوا بذلك فحسب، بل تمادوا في غيهم وبطشهم وقاموا بمنع المواطنين أصحاب المزراع التي نضج بها المحصول من جنيها وبيعها.

مضيفاً: كنا نموت كمداً وحسرة عندما نشاهد المحاصيل ناضجة في (العراجين) ونحزن على جهودنا التي بذلناها.. اح من وجع وأنت تشاهد انتهاء المحصول أمام عينيك ولا نستطيع جنيه وجمعه، وهذا جزء يسير من ما ارتكبته عصابة الحوثي بحقنا كمواطنين وبحق مزارعنا..

خسائرنا كبيرة جداً جداً.. لقد تعمدوا أن يدمروا كل بيت مزارع وصياد ومدرس وعامل.. والحمد الله اليوم عاد لنا الأمل وعدنا للحياة من جديد بانتصارات المقاومة على هذه العصابة الإجرامية..

عدنا أدراجنا والحياة عادت للتبسم من جديد.. وقبل أن ننطلق عائدين لفت انتباهنا دوي انفجار، لكن صادف ذلك مرور دراجة نارية يقودها شاب وخلفه تجلس زوجته بانسجام رائع، بينما كان صوت المسجل يدوي بنشيد (جمهورية من قرح يقرح).