تحليل استرالي يحذر أمريكا من طالبان ثانية في اليمن وأن لا تساوي بين المعتدي والمدافع

حذر محلل السياسات في المجلس الأسترالي للدراسات الدولية، الخبير عوفيد لوبيل، الولايات المتحدة، من تبعات أفغانستان ثانية في اليمن حال عدم توقفها عن دعم الثيوقراطية التوسعية للحوثيين بالمساعدات الإنسانية، وأن اتفاق استوكهولم الذي يعتبر "الانتصار" الدبلوماسي الوحيد للمجتمع الدولي في اليمن، لم يحقق سوى شيء واحد، هو "تحصين سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة".

وينظر المحلل الاسترالي الخبير عوفيد لوبيل، في تحليل له على موقع "European Eye on Radicalization" إلى أن ثمة "استراتيجية توازن خاطئة" صادمة بين المحللين وصناع السياسات، حيث يصورون الوضع كما لو أن السعودية من ناحية، والحوثيين وإيران من جهة أخرى، كانوا مسؤولين بالقدر نفسه عن الحرب، والمأزق الدبلوماسي الحالي، والأزمة الإنسانية الشاملة.

وأضاف "لوبيل"، في الواقع، تواصل إيران التصعيد نوعيا وكميا، وشحن طائرات مسيرة وصواريخ أكثر تطورا إلى وكلائها، بل وإنشاء مرافق إنتاج محلية في اليمن للسماح للحوثيين بشن هجمات يومية على المملكة وتهديد المنطقة.

ويؤكد أن الحوثيين غير مهتمين صراحة بالسلام. لقد عرقلوا المحادثات وواصلوا هجماتهم، ما أدى إلى إدراجهم كمنظمة إرهابية أجنبية في يناير 2021. ولحفزهم على إعادة الانخراط دبلوماسيا، لم تحذف إدارة بايدن تصنيفهم كمنظمة إرهابية أجنبية فحسب، بل ذهبت أيضا خطوة أبعد من ذلك وأزالت قادتهم من قائمة الإرهابيين العالميين المحددين بصفة خاصة.

وأشار "لوبيل" في تحليله إلى أن اتفاق استوكهولم لعام 2018، الذي يعتبر "الانتصار" الدبلوماسي الوحيد للمجتمع الدولي في اليمن، لم يحقق سوى شيء واحد: حصن سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة، ما يسمح لهم بالحفاظ على قبضتهم الخانقة على المساعدات الإنسانية، وتوفير جهد قواتهم لشن هجومهم للاستيلاء على بقية البلاد.

ويرى "لوبيل" أن سياسة الولايات المتحدة تجاه اليمن، تحتاج إلى تصحيح جوهري للمسار. ولعل الموضوع الأكثر إلحاحا، بغض النظر عن أي سياسة أوسع نطاقا تجاه اليمن أو إيران، هو مساعدة السعوديين واليمنيين على صد هجمات الحوثيين العدوانية.

وللقاسم المشترك بين الجماعات المتطرفة مثل طالبان في أفغانستان والحوثيين في اليمن، المصابة بهوس الجهاد بلا هوادة لتأسيس دولتها المزعومة، وكلاها تسيطر عليها قوة أجنبية، يؤكد لوبيل على أن كل أشكال الانخراط الدبلوماسي تقريبا مع الأخيرة لن تكون مثمرة، مثل طالبان في أفغانستان.

ولفت إلى أن الولايات المتحدة إذا كانت ترغب في تجنب أفغانستان ثانية، فعليها أن تدرك الحقيقة البسيطة أنه -على عكس الشعار المتواصل من أنه "لا يوجد حل عسكري"- لا يوجد في الواقع حل دبلوماسي يلوح في الأفق حاليا.

ونبّه من صلف سياسة الحوثيين التي اتضحت على مدار أكثر من عقد من الانخراط المحلي والإقليمي والدولي معهم، مؤكدا أنهم "مثل الإيرانيين المشرفين عليهم، هم سيئو النية"، لافتا إلى أن ذلك تجلى مؤخرا في رفضهم ضمان سلامة مفتشي الأمم المتحدة الذين يعتزمون التحقيق في حالة خزَان ناقلة النفط "صافر"، العائمة في البحر الأحمر منذ سنوات دونما صيانة وسط تحذيرات دولية من تسببه في كارثة بيئية.

وفي الوقت الراهن، تنظر الولايات المتحدة إلى الحرب على أنها إلهاء لا داعي له عن عملياتها المجزأة لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وتنظيم داعش في اليمن، الذي تقوم به بالشراكة مع الإمارات، ووكلائها المحليين جنوب البلاد. ولكن هذا التقسيم هو محض خيال، بحسب نظرة "لوبيل"، ولذلك يرى أن من شأن انتصار الحوثيين أن يعطل بشدة جهود مكافحة الإرهاب هذه، ويعطي المجال لانتعاش هذه التنظيمات المتدهورة بنجاح.

مساواة المعتدين بالمدافعين

وطرق المحلل الاسترالي لوبيل بابا هاما في مخاطر سياسة التعاطي الأمريكي مع الحرب في اليمن، ونظرة المساواة بين المعتدي والمدافع.

وأكد في سياق تحليله، أن هناك معتديا عنيدا في اليمن، هي جماعة الحوثيين، التي غزت بوحشية معظم اليمن، ومن ثم، فإن الخطوة الأولى في سياسة أمريكية واقعية تجاه اليمن هي التوقف عن مساواة المعتدين بالمدافعين، والتوقف عن تمكين الأول عبر الانخراط والاسترضاء غير المثمرين، مع الضغط على الأخير وإضعافه.

ومن قراءة "لوبيل" التحليلية لحرب اليمن، يرى انه من المفترض أن تكون قد انتهت منذ فترة طويلة، بل لم يكن من الضروري أن تبدأ أبدا، هذا إذا كان الحوثيون قادرين على التوصل إلى حل وسط، لكنهم ليسوا كذلك.

وقال لوبيل: "مهما كانت تعقيدات الصراع، فإن الجاني الرئيس في معاناة اليمنيين، واستمرار الحرب، هو الوحشية الثورية المتعصبة لجماعة الحوثيين وداعميها الإيرانيين".

وشدد في ختام تحليله على ضرورة توقف الولايات المتحدة عن دعم الثيوقراطية التوسعية للحوثيين.

وقال "إذا كانت الولايات المتحدة تهتم حقا باليمنيين، فإن الحد الأدنى يتطلب أن تتوقف عن دعم الثيوقراطية التوسعية للحوثيين بالمساعدات الإنسانية، وأن تضاعف الجهود لمنع شحنات الأسلحة الإيرانية، وتتوقف عن شرعنة المسيرة القرآنية، عبر الانخراط الدبلوماسي العقيم".