تقرير دولي يكشف كيف تدعم الوكالات الأممية آلة الحرب الحوثية
أكد محلل السياسات في المجلس الأسترالي للدراسات الدولية، الخبير عوفيد لوبيل، في تحليل له على موقع "European Eye on Radicalization"، أن المنظمات الإنسانية والأموال المقدمة بشكل مباشر من الوكالات الأممية تدعم آلة الحرب الحوثية، وتسهم في ترسيخ قوتها السياسية، ما يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني نفسه الذي تحاول ظاهرياً تخفيفه.
يقول الخبير الاسترالي، إن الاعتقاد الخاطئ السائد، هو أن الحصار السعودي على اليمن هو السبب الرئيس للكارثة الإنسانية في الدولة. فقد شهد العديد من المسؤولين الأمريكيين السابقين والحاليين المشاركين في السياسة اليمنية، بأن نظام الحوثيين، وليس الحصار، هو المسؤول بشكل كبير عن المشكلات المتعلقة بالمساعدات الإنسانية.
في هذا الصدد، ذكرت وكالة الأسوشيتد برس في فبراير الماضي أن الحوثيين يعرقلون نصف برامج المساعدات التابعة للأمم المتحدة في اليمن، فضلًا عن جهود الأمم المتحدة لمراقبة مئات الملايين من الدولارات من الأموال الإنسانية، بينما يطالبون بحصةٍ هائلة من تلك المساعدات. وقد علق أحد مسؤولي الأمم المتحدة على القرار المحتمل لبرنامج الأغذية العالمي بخفض مساعداته الغذائية بسبب عرقلة الحوثيين، قائلا: "من المؤسف أن الناس سيعانون ولكن هذا سيرتد على الحوثيين. لا يمكنهم استخدام الناس كرهائن لفترة طويلة جدا".
كما وجهت وكالات الأمم المتحدة أموالا لم تخضع للتدقيق لمشاريع المساعدات هذه من خلال وكالة الحوثيين "لتنسيق المساعدات"، التي تعرف باسم المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، الذي أشرف على كل مشروع، حسبما ذكرت وكالة أسوشيتد برس.
المشكلة بالتأكيد كما يراها الخبير الاسترالي، ليست في إيصال المساعدات إلى اليمن، بل في قدرة اليمنيين على الحصول عليها، وهو أمر جعله الحوثيون شبه مستحيل.
وفي هذا الصدد، قالت ليز غراندي الرئيسة السابقة للعمليات الإنسانية للأمم المتحدة في اليمن، أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في أبريل، إن "الدولة البوليسية القسرية والمفترسة" للحوثية "فرضت مئات القيود على إيصال المساعدات الإنسانية"، و"تواصل تهديد موظفي الإغاثة الإنسانية وترهيبهم وتخويفهم واحتجازهم". وأعربت غراندي عن أسفها لأنه قد لا يكون من الممكن منع المجاعة الكارثية القادمة أو حتى التخفيف من حدة الوضع الإنساني طالما أن ثيوقراطية "الحوثيين" قائمة".
كما أوضح المبعوث الأمريكي الخاص لليمن تيم لندركينع، ومساعدة مدير الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سارة تشارلز، لـ"المجلس الأطلسي"، أن المشكلة الرئيسة ليست الغذاء أو المساعدات الأخرى القادمة، بل العرقلة التي يقوم بها الحوثيون، وتحويل المساعدات التي يتم تسليمها لدعم مجهودهم الحربي.
يوضح لوبيل، بأن ثمة عائقا إضافيا قاتلا أمام إيصال المساعدات الإنسانية يتمثل في الاستخدام العشوائي الواسع النطاق للألغام الأرضية من قبل الحوثيين. فلقد زرع الحوثيون مئات الآلاف، وربما أكثر من مليون لغم، في جميع أنحاء اليمن، بالإضافة إلى عرقلة إيصال المساعدات، ما تسبب في قتل وتشويه مئات إن لم يكن آلاف المدنيين بشكل مباشر، وسيواصلون القيام بذلك.
يتساءل لوبيل: "أين الغضب من الألغام الأرضية الحوثية التي تقتل المدنيين وتشوههم؟ أو الإعدامات العلنية المروعة؟ أو التعذيب الممنهج؟ أو الإساءة المؤسسية على غرار نظام طالبان، وقمع النساء، بما في ذلك منعهن في صنعاء مؤخرا من العمل مع المنظمات غير الحكومية، واستخدام الهواتف الذكية؟ أو التطهير العرقي للبهائيين وقمع الصحافة؟".
علاوة على ذلك، يقول لوبيل، يستخدم الحوثيون سيطرتهم على الغذاء والأموال لتجنيد المقاتلين، بمن فيهم الأطفال، مقابل المساعدات. ورفض الخضوع لمطالب الحوثيين أو توفير القوى العاملة يؤدي إلى حرمانهم من المساعدات.
متسائلا: "أين الغضب من التجنيد الممنهج الذي يقوم به الحوثيون لأطفال المدارس، الذين قيل إن الآلاف منهم قُتلوا على الخطوط الأمامية كوقود للمدافع؟".
وبالتالي، يرى لوبيل، أن تركيز الولايات المتحدة قصير النظر على تخفيف الكارثة الإنسانية في اليمن -التي تعتبر الأسوأ في العالم بمعظم المقاييس- دون معالجة الأسباب الحقيقية للصراع، كان له تأثير مؤسف في تفاقم كل من الحرب والوضع الإنساني، وسيستمر ذلك ما لم تتم معالجة المفاهيم الخاطئة التالية حول الحرب، وإصلاح السياسة الأمريكية وفقاً لذلك.