البرلمان الأوروبي يجرّد نائبين من الحصانة لتمكين القضاء من التحقيق معهما في فضيحة فساد مرتبطة بقطر

جرّد البرلمان الأوروبي الخميس النائبَين الأوروبيَين، البلجيكي مارك تارابيلا والمشرع الإيطالي أندريا كوتسولي، من الحصانة التي يتمتعان بها، ما يتيح للمحققين إمكانية الاستماع إليهما في فضيحة فساد مرتبطة بدولتي قطر والمغرب. ويأتي إجراء رفع الحصانة عن النائبين اللذين ينتميان إلى كتلة الاشتراكيين الديمقراطيين في البرلمان، في إطار نفس القضية التي دفعت بالمحققين البلجيكيين إلى توقيف نائبة رئيسة البرلمان، الاشتراكية اليونانية إيفا كايلي في 9 كانون الأول/ديسمبر 2022.

صوت أعضاء البرلمان الأوروبي الخميس لصالح تجريد النائبَين الأوروبيين، البلجيكي مارك تارابيلا والمشرع الإيطالي أندريا كوتسولي، من حصانتهما ليتمكن القضاء البلجيكي من الاستماع إليهما في اتهامات بتلقيهما رشى من قطر والمغرب.

وأعطى أعضاء البرلمان الأوروبي المجتمعون في بروكسل في تصويت برفع الأيدي، الضوء الأخضر لرفع الحصانة عن النائب البلجيكي مارك تارابيلا والمشرّع الإيطالي أندريا كوتسولينو. وينفي الرجلان، المستبعدان موقتاً من كتلة الاشتراكيين والديمقراطيين في البرلمان الأوروبي، ارتكاب أي مخالفات. 

   وصوّت تارابيلا، الذي كان في القاعة، على رفع حصانته، برفع اليد. وقال النائب البلجيكي في البرلمان الأوروبي لدى مغادرته: "من أجل العدالة سأقدم كل المعلومات بالنسبة إلى الأسئلة التي سيطرحها (المحقّقون) علي. أتمنى أن تأخذ العدالة مجراها". 

   من جهته، قال المتحدث باسم النيابة الفيدرالية البلجيكية إيريك فان دويسي إنه من الآن فصاعداً "سيكون كلّ شيء ممكناً... لا يعني ذلك بالضرورة أنه ستكون هناك إجراءات قسرية، لكنّ العدالة تمنح نفسها كلّ الوسائل لتكون قادرة على العمل بالنسبة لأيّ متقاضٍ".

   وفقاً للتقرير البرلماني بشأن رفع الحصانة عن مارك تارابيلا، الذي أعدّته النائبة الفرنسية مانون أوبري، "سيظهر... من التحقيق الجاري أنّ (الأخير)، خلال العامين الماضيين، يشتبه في دعمه لبعض المناصب داخل البرلمان الأوروبي لصالح دولة ثالثة مقابل مكافآت نقدية".

   ويشير التقرير إلى الشهادة المرفوعة ضدّه من قبل الإيطالي بيير أنتونيو بانزيري، وهو نائب اشتراكي سابق في البرلمان الأوروبي أصبح رئيساً لمنظمة غير حكومية وشخصية محورية في هذه القضية. وكان قد أعلن في كانون الأول/ديسمبر أنه دفع "ما بين 120 ألف و140 ألف يورو" في عدّة مناسبات لمارك تارابيلا لمساعدته في أمور متعلّقة بقطر.

   وأبرم بيير أنتونيو بانزيري، المتّهم والموقوف احتياطيا مثل ثلاثة مشتبه بهم آخرين، اتفاقاً مع القضاء في كانون الثاني/يناير يتعهّد بموجبه تقديم معلومات عن نظام الفساد الذي اعترف بالمشاركة فيه، مقابل إصدار حكم بالسجن لمدة سنة واحدة.

   وجرت مداهمة منزل تارابيلا في منطقة لييج (شرق) في كانون الأول/ديسمبر، ولكن لم يتم العثور على أموال فيه. وينفي الشخص المعني تلقّيه "أموالاً أو هدايا مقابل آرائه السياسية".

   "لا نتيجة"

 وأدى التحقيق في بلجيكا إلى عشرين مداهمة بين 9 و12 كانون الأول/ديسمبر، بما في ذلك عقر البرلمان الأوروبي. وتم تفتيش منزل مارك تارابيلا في 10 كانون الأول/ديسمبر 2022 في هذا الإطار أيضا، وفق مصدر قضائي. وفي المجموع، ضبط المحققون البلجيكيون مبلغ 1,5 مليون يورو نقدا بحسب مصدر قضائي في منازل بانزيري والنائبة الاشتراكية اليونانية إيفا كايلي. الجزء الأكبر منه في منزلي بانزيري وكايلي وأيضاً في حقيبة كان ينقلها والد الأخيرة.

وتمّ سجن كايلي ورفيقها الإيطالي فرانشيسكو جيورجي وهو مساعد برلماني، وإيطالي آخر هو نيكولو فيغا تالامانكا وهو مسؤول في منظمة غير حكومية. ووُجّهت إليهم تهم "الانتماء إلى منظمة إجرامية" و"غسل الأموال" و"الفساد". كذلك، تمّ تجريد إيفا كايلي من مهامها كنائبة لرئيس البرلمان في منتصف كانون الأول/ديسمبر.

   ووفقاً للتقرير البرلماني الخاص بكوتسولينو، الذي كان حتى كانون الثاني/يناير رئيساً للجنة البرلمان الأوروبي للعلاقات مع المغرب العربي، فإنّ الأخير "يشتبه في مشاركته في اتفاق مع أشخاص آخرين نصّ على التعاون بهدف حماية مصالح الدول الأجنبية في البرلمان الأوروبي".

   ويتعلّق ذلك "خصوصاً بمنع تبنّي مشاريع قوانين برلمانية يمكن أن تضرّ بمصالح هذه الدول، في مقابل مبالغ مالية". 

   وأدّت الفضيحة، التي تسبّبت بصدمة في البرلمان الأوروبي، إلى إعلان رئيسة المؤسسة المالطية روبرتا ميتسولا عن إصلاحات.  لكن بالنسبة إلى مانون أوبري، المقرّرة المعنية بطلبات رفع الحصانة عن المسؤولين المنتخبين والرئيسة المشاركة لمجموعة اليسار الراديكالي في البرلمان، فإنّ "لا نتيجة لذلك". 

   وقالت: "العدالة تمضي قدماً، هذا أمر جيد. الآن، بات الأمر متروكاً للسياسة كي تقوم بعملها، وفي هذا السياق، فإنّ الوضع في طريق مسدود"، معتبرة أن اقتراحات روبرتا ميتسولا "بعيدة جداً من طموح" مشروع قانون صوت عليه النواب الأوروبيون في كانون الأول/ديسمبر. 

   وحذّرت من أنّ "هذه ليست المرة الأخيرة التي سنشهد فيها تدخلاً خارجياً سواء من جماعات الضغط الخاصة أو من دول أخرى، في عملنا، ما دمنا لا نوافق على إصلاح عميق للطريقة التي تعمل بها مؤسساتنا"، منبّهة إلى "عقاب قد يكون المواطنون مصدره" في الانتخابات الأوروبية العام 2024.