تحليل أمريكي: لدى إيران نفوذ وتأثير على الحوثيين لإفشال أي اتفاق سلام في اليمن

*معهد دول الخليج ومقره واشنطن
*جريجوري دي جونسن: زميل غير مقيم في معهد دول الخليج ومقره واشنطن، وعضو سابق في فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن

في السادس من يناير الماضي، اعترضت الولايات المتحدة 3000 قطعة سلاح هجومية كانت في طريقها من إيران إلى الحوثيين في اليمن. وبعد تسعة أيام، احتجزت سفينة فرنسية زورقاً آخر محملاً بالأسلحة الإيرانية في طريقه إلى اليمن. هذه المرة، إلى جانب البنادق الهجومية والذخيرة، كان هناك 23 صاروخاً موجهاً متطوراً مضاداً للدبابات. وبحسب القيادة المركزية الأمريكية، كانت هذه رابع عملية ضبط كبيرة لأسلحة إيرانية تُرسل إلى الحوثيين خلال الشهرين الماضيين.

لا شك أن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين ليست جديدة. تزود إيران الحوثيين بالأسلحة، بما في ذلك مكونات الصواريخ الباليستية التي تسمح للجماعة باستهداف الرياض وأبو ظبي ودبي. بيد أن الزيادة الملحوظة في شحنات الأسلحة الإيرانية للحوثيين في أعقاب وقف إطلاق النار لمدة ستة أشهر والهدوء النسبي في القتال، يعد أمراً مثيراً للقلق، وقد يكون لإيران الآن ما يكفي من النفوذ والتأثير على الحوثيين لإفشال أي اتفاق سلام طويل الأجل.

من حقائق الحرب في اليمن أنه كلما طالت الحرب اقترب الحوثيون أكثر إلى حضن إيران. هذه في حد ذاتها مفارقة مأساوية، حيث خاضت السعودية حرباً في اليمن في مارس 2015 لمنع هذا السيناريو، إذ كانت قلقة من أن الحوثيين الذين سيطروا على صنعاء في سبتمبر 2014، قد يصبحون وكيلاً إيرانياً على غرار حزب الله على حدودها الجنوبية.

لقد دفعت الحرب التي قادتها السعودية بالحوثيين بشكل أكبر في أحضان إيران، حيث كان تخطيطها سيئاً وأسوأ من ذلك إدارتها.

وبين عامي 2014 و2017، خاصة مع دخول عقوبات الأمم المتحدة ضد الحوثيين حيز التنفيذ، بدأت إيران في تقديم المزيد من المساعدة للحوثيين، سواءً في شكل أسلحة أو مساعدات اقتصادية. وسرعان ما اعتمد الحوثيون، الذين أصبحوا معزولين دولياً بشكل متزايد، على إيران كواحد من أصدقائهم الوحيدين الموثوق بهم.

كانت هذه لحظة مهمة بالنسبة للحوثيين، فعندما سيطرت الجماعة على صنعاء عام 2014، استولت على العديد من المستودعات العسكرية اليمنية، والتي تضمنت صواريخ سكود. وكان مدى هذه الصواريخ حوالي 185 ميلاً، مما سمح للحوثيين بإطلاقها عبر الحدود اليمنية مع السعودية، لكنها لم تقترب من تهديد الرياض.

لكن تغير هذا عندما بدأت إيران في تزويد الحوثيين بصواريخ باليستية طويلة المدى بمدى يزيد عن 550 ميلاً، وتم إطلاق أولها في مايو 2017، وبين عشية وضحاها كان الحوثيون قادرين على ضرب الرياض.

عارض مراقبو اليمن المزاعم القائلة بأن الحوثيين كانوا وكيلاً لإيران. وكثيراً ما قيل إن الجماعة لم تتلق أوامر من طهران. لكن هجمات سبتمبر 2019 على منشآت النفط السعودية في بقيق وخريص أشارت إلى واقع متغير. أعلن الحوثيون في البداية مسؤوليتهم عن الهجمات، وقدموا لإيران غطاء الإنكار في الأيام الأولى الرئيسية. في النهاية، أكدت الولايات المتحدة، ولاحقاً، محققو الأمم المتحدة، أن الحوثيين لا علاقة لهم بالهجمات.

وأثارت كذبة الحوثيين الواضحة، والتي فقدت مصداقيتها في غضون أسابيع من الهجمات، سؤالاً رئيسياً: لماذا تكذب الكذبة وأنت تعلم أنها لن تصمد؟ هل كان الحوثيون ببساطة يقدمون خدمة لإيران لسداد سنوات من شحنات الأسلحة والمساعدات، أم أن العلاقة الحوثية الإيرانية تطورت مرة أخرى، وانتقلت من تحالف إلى دولة وأصل؟
هذه الأسئلة التي لا تزال إلى حد كبير دون إجابة، مهمة بشكل خاص الآن.

صحيح أن الزيادة الأخيرة في شحنات الأسلحة مقلقة، لكن القلق الأكبر بالنسبة لصانعي السياسات هو أن الحوثيين قد لا يشعرون بالحرية لعقد صفقة مع السعودية بأنفسهم، وبدلاً من ذلك قد يطبقون شروطاً تمليها طهران عليهم، والذين من المرجح أن يضيفوا مطالب جديدة في محاولة لإعاقة السلام في اليمن.

إيران لديها نفوذ وتأثير وتاريخ مع الحوثيين، وبينما تحاول المملكة انتزاع نفسها من اليمن، ستستغل طهران العوامل تلك لإطالة أمد الصراع. إن العلاقة المتطورة بين إيران والحوثيين تخلق مشكلات لإنهاء الصراع اليمني.