عشرات القتلى جراء غارات جوية في دارفور ومبعوث الأمم المتحدة يقدم استقالته
ود مدني (السودان) (أ ف ب) – قُتل 40 شخصا على الأقل جراء غارات جوية منسوبة الى الجيش السوداني في إقليم دارفور بغرب البلاد، على ما أفاد مصدر طبي وسكان، بينما أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة استقالته بعد أشهر من تصنيفه شخصا غير مرغوب به من سلطات الخرطوم.
الى ذلك، يواصل قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان جولاته الخارجية وزار الأربعاء تركيا، وسط مساع لتكثيف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب المتواصلة منذ منتصف نيسان/أبريل.
ميدانيا، تتواصل المعارك بلا هوادة بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، وتتركز على وجه الخصوص في الخرطوم وإقليم دارفور بغرب البلاد.
والأربعاء، أفاد سكان ومصدر طبي بمقتل أكثر من أربعين شخصا نتيجة غارات جوية نفّذها الجيش على مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وأفاد مصدر طبي بمستشفى نيالا وكالة فرانس برس بـ"مقتل 40 من المدنيين جراء قصف جوي طال سوقين شعبيين وعدد من أحياء المدينة".
والجيش هو الطرف الوحيد حتى الآن الذي يحوز طائرات حربية للاستخدام في النزاع. الا أنه دائما ما ينفي استهداف المنازل أو أماكن تجمعات المدنيين، مؤكدا أن كل ضرباته تستهدف مواقع وارتكازات قوات الدعم السريع.
والشهر الماضي فرّ أكثر من خمسين ألف شخص من مدينة نيالا، ثاني أكبر مدن السودان من حيث عدد السكان بعد العاصمة، نتيجة استمرار الحرب وبعد أن أسفر قصف جوي للجيش طال منازل المواطنين عن مقتل 39 شخصا.
والأحد قتل 47 شخصا على الأقل وأصيب العشرات جراء غارات جوية على سوق في الخرطوم، وفق ما أفادت مصادر محلية، في هجوم يعد الأكثر حصدا للضحايا منذ اندلاع الحرب قبل خمسة أشهر.
ومنذ اندلاع المعارك في 15 نيسان/أبريل، قُتل نحو 7500 شخص، بينما من المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير. كما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد.
استقالة بيرتيس
ومن نيويورك، أعلن مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الألماني فولكر بيرتيس استقالته من منصبه، محذّرا من خطر تحوّل النزاع الى "حرب أهلية".
وقال بيرتيس أمام مجلس الأمن الدولي "أتوجه بالشكر الى الأمين العام على هذه الفرصة والثقة التي منحني إياها، لكنني طلبت منه إعفائي من مهامي".
وفي تقرير قدّمه، حمّل بيرتيس طرفي النزاع مسؤولية استمراره الى الآن.
وقال "ما بدأ كنزاع بين تشكيلين عسكريين يمكن أن يتحول الى حرب أهلية فعلية"، مشيرا الى أن المعارك "لا تظهر أي مؤشر على التهدئة ولا يبدو أي طرف قريبا من نصر عسكري حاسم".
ولم يحقّق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم على أحياء سكنية في العاصمة، ويلجأ الجيش في مواجهتها الى سلاح الطيران والقصف المدفعي.
وكانت سلطات الخرطوم المرتبطة بالبرهان، أعلنت في حزيران/يونيو الماضي بيرتيس شخصا غير مرغوب فيه، وذلك بعدما طلب قائد الجيش السوداني في أيار/مايو من غوتيريش استبداله.
وقال مصدر حكومي سوداني في حينه إن المبعوث "انحاز الى أطراف سياسية محددة"، ونظرا لعدم استجابة غوتيريش مع طلب البرهان "لم تجد الحكومة السودانية بدّاً من اتخاذ هذا القرار".
وشدد بيرتيس على ضرورة "أن نُفهم طرفي النزاع بأنه لا يمكنهما التصرف في ظل إفلات كامل من العقاب وعليهما تحمّل تبعات الجرائم المرتكبة".
وأعربت المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد عن أسف بلادها لاستقالة بيرتيس، مشددة على أنه "لا يجب السماح لأي بلد بتهديد قدرة هذا المجلس (مجلس الأمن الدولي) على متابعة مسؤولياته بشأن السلام والأمن".
البرهان في تركيا
الى ذلك، يواصل البرهان زياراته الخارجية التي تؤشر لإمكان تعزيز الجهود الدبلوماسية لحل النزاع على رغم غياب أي مبادرات علنية ملموسة.
وبعدما زار مصر وجنوب السودان وقطر وإريتريا منذ أواخر آب/أغسطس، كانت تركيا المحطة الخامسة للبرهان.
وأفاد بيان لمجلس السيادة السوداني بأن "رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يصل إلى العاصمة التركية أنقرة"، حيث من المقرر أن يجري "مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها".
وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية المكلف علي الصادق ومدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم رافقا البرهان خلال الزيارة.
وأقلعت طائرة البرهان من مطار مدينة بورتسودان في شرق البلاد التي انتقل إليها الشهر الماضي بعدما ظل في مقر القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم خلال الشهور الأربعة الأولى من الحرب.
وتأتي زيارة البرهان في ظل تقارير عن وساطات للتفاوض بينه وبين دقلو خارج البلاد سعياً لإيجاد حلّ للنزاع.
وكانت وساطات سعودية أميركية أثمرت في السابق عن اتفاقات لوقف إطلاق النار بدون أن تصمد سوى لأيام أو ساعات معدودة فقط. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر حالها كحال جهود الاتحاد الإفريقي.