المؤتمر الشعبي العام رصيد زاخر من تجسيد مبادئ وأهداف ثورة 26 سبتمبر
مثلت أهداف الثورة السبتمبرية الخالدة التي خلّصت اليمن من النظام الإمامي الكهنوتي، نبراساً للعمل السياسي والثقافي في البلد، خاصة المؤتمر الشعبي العام الذي تأسس في 24 أغسطس من العام 1982 كأول رافعة سياسية، وأساس للعمل الحزبي في اليمن، بعد ثورة 26 سبتمبر، وهي الفترة التي شهدت تحولات وصراعات محورية، كان لها دور في تشكيل ما بعد تأسيس المؤتمر.
اعتمد الحزب في بنائه على أيديولوجية ثورة 1962، حيث يوصف بأنه وريث هذه الثورة ويمثل جيلها الثاني، وقد حدد لنفسه جملة من المبادئ التي استقاها من أهداف الثورة السبتمبرية منها أنه "لا حرية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون حماية، ولا حماية بدون تطبيق سلطة القانون"، كما أنه يعتبر الوحدة الوطنية ركناً وأساساً للوحدة العربية والتنمية والتسامح والوسطية.
عمل المؤتمر الشعبي العام في اتجاهات متوازية لتحقيق الأهداف السبتمبرية في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية، فحقق قفزة نوعية في تطوير البنى التحتية فتوسعت شبكة الطرقات وتضاعفت أعداد المدارس والمستشفيات والوحدات الصحية والجامعات وتضاعفت معها المعاهد الفنية والتخصصية في كل المجالات، كما شهدت المؤسسة العسكرية والأمنية قفزات كبيرة في التدريب والتسليح مكنها من بسط سيادة الدولة على كامل أراضي الجمهورية وحماية مكتسبات ومنجزات الثورة السبتمبرية وفرض حالة الأمن والاستقرار.
وعلى المستوى الخارجي، حرص المؤتمر الشعبي على إنشاء علاقات تعاون واحترام مع كافة دول العالم وشاركت حكوماته بفعالية في كل المحافل الدولية، ووقعت اتفاقيات ومعاهدات عدة جعلت اليمن شريكاً حقيقياً في الحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي، ولا سيما في مجالات مكافحة الإرهاب والقرصنة والتهريب، وكذا الإسهام الفاعل في المساندة الإنسانية للاجئين والمنكوبين جراء الحروب والكوارث الطبيعية.
كما حرصت حكومات المؤتمر المتعاقبة على تسوية كافة المشكلات الحدودية البرية والبحرية وترسيمها بما يحقق السلام الدائم وإزالة كل أسباب التوتر مع الجيران، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون وينقل العلاقات الثنائية من مرحلة الجوار إلى مرحلة الشراكة ويتيح المجال لاستغلال الثروات الطبيعية بشكل أمثل وإنشاء مشاريع استثمارية توفر عائدات اقتصادية كبيرة.
ويؤكد مراقبون، أن المؤتمر الشعبي العام ترك بصمات خالدة في كل هدف من أهداف الثورة الستبمبرية، بدءاً بإقامة حكم جمهوري عادل وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات وبناء جيش وطني قوي لحماية البلاد وحراسة الثورة ومكاسبها، ومروراً برفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافياً؛ وهو ما تشهد به الأرقام والإنجازات الماثلة للعيان، وكذا الحريات السياسية والصحفية التي فتحت لها الأبواب في عهد حكومات المؤتمر، وكذلك إجراء الاستحقاقات الانتخابية النيابية والمحلية والرئاسية المباشرة والتي شهدت بنزاهتها المنظمات الدولية المعنية بمراقبة الانتخابات وتقييمها.
كما أسهم المؤتمر الشعبي العام بفاعلية في تجسيد الهدف الرابع المتمثل في إنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل مستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف؛ حيث ينص الميثاق الوطني على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس لكل التشريعات والقوانين. ويؤكد ذلك أيضاً دستور الجمهورية اليمنية المستفتى عليه بعد الوحدة.
ويُحسب للمؤتمر أنه توج نضالات الرؤساء والحكومات السابقة من أجل تحقيق الوحدة بإعلان قيام الجمهورية اليمنية الموحدة في العام 1990 وتجسيداً للهدف الخامس الذي ينص على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة.
فيما انتهجت السياسة الخارجية لليمن في ظل حكومات المؤتمر مبدأ التعايش السلمي بين الأمم ترجمة للهدف السبتمبري السادس الذي ينص على احترام مواثيق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والتمسك بمبدأ الحياد الإيجابي وعدم الانحياز، والعمل على إقرار السلام العالمي وتدعيم مبدأ التعايش السلمي بين الأمم، ولم تسجل أي شكوى ضد اليمن بالتآمر أو التدخل في شئون الدول الأخرى، بل كان أنموذجاً في العمل المثمر من أجل تقريب وجهات النظر بين المتصارعين في الإطار العربي وداعماً للشعوب العربية من أجل نيل حقوقها.
وفيما يخص المواقف القومية من القضايا العربية المشتركة فقد سجل المؤتمر وحكوماته وقيادته مواقف خالدة في دعم القضايا القومية والعربية والإسلامية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.