باشينيان يتهم روسيا بالإخفاق في "مهمة حفظ السلام" في ناغورني كاراباخ

اتهم رئيس الوزراء الأرميني، الخميس، روسيا التي تنشر كتيبة في ناغورني كاراباخ منذ الحرب الأخيرة في 2020، بأنها أخفقت في مهمتها لحفظ السلام في الإقليم المذكور ذي الغالبية الأرمينية.

وقال نيكول باشينيان في خطاب متلفز "لا أعتقد أن علينا أن نتجاهل إخفاق كتيبة (حفظ) السلام في ناغورني كاراباخ".

وتقدم رئيس أذربيجان، إلهام علييف، بـ"اعتذار" من الرئيس فلاديمير بوتين عن مقتل جنود من قوة حفظ السلام الروسية بالرصاص خلال العملية العسكرية التي شنّتها باكو في إقليم ناغورني كاراباخ، وفق ما أعلن الكرملين، الخميس.

وأفادت الرئاسة الروسية بأن علييف أعرب خلال اتصال مع بوتين "عن تعازيه العميقة بالوفاة المأساوية لجنود الكتيبة الروسية"، متعهدا بإجراء "تحقيق معمّق في هذا الحادث ومعاقبة كل المسؤولين عنه".

ولاحقا، قال المتحدث باسم فلاديمير بوتين لوكالات الأنباء الروسية إنه اطلع على معلومات صحافية تحدثت عن اعتقال "بعض الأشخاص" المسؤولين عن الحادث.

وأضاف ديمتري بيسكوف "لا نعلم حتى الآن كل التفاصيل، ولكن ثمة تحقيقاً يتم في أي حال".

وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت الأربعاء مقتل عدد من عناصر قوة حفظ السلام جراء إطلاق نار استهدف السيارة التي كانوا يستقلونها، من دون تقديم تفاصيل إضافية.

انتهاء الجولة الأولى من المباحثات

انتهت أول جولة محادثات بين أذربيجان وأرمن ناغورني كاراباخ بشأن دمج الإقليم الانفصالي، الخميس، حسبما ذكر الإعلام الأذربيجاني الرسمي من دون الكشف عن تفاصيل.

واستمرت المحادثات قرابة الساعتين ومن غير المقرر عقد مؤتمر صحافي عقب الاجتماع في مدينة يفلاخ الأذربيجانية، وفق وكالات الأنباء والتلفزيون الرسمي.

وفي وقت سابق، وصل وفد الانفصاليين الأرمن في ناغورني كاراباخ إلى مدينة يفلاخ الأذربيجانية لإجراء مباحثات مع باكو حول إعادة دمج هذا الإقليم، على ما ذكرت وكالة الأنباء الأذربيجانية "اذرتاغ".

وأعلن عن هذه المفاوضات، الأربعاء، بوساطة روسية بعد عملية عسكرية خاطفة شنتها باكو وأرغمت الانفصاليين على الاستسلام بعد نزاع مستمر منذ عقود.

والتقى الجانبان في مدينة يفلاخ الواقعة على مسافة أكثر من 200 كيلومتر غرب باكو. وبالتزامن من المقرر أن يعقد مجلس الأمن الدولي جلسة طارئة دعت إليها فرنسا للبحث في أزمة الإقليم.

وفي أعقاب عملية عسكرية استمرت 24 ساعة وقال الانفصاليون إنها أدت إلى مقتل أكثر من 200 شخص، أعلن الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأربعاء، أن بلاده "استعادت السيادة" على الإقليم بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار شملت بنوده موافقة الانفصاليين على إلقاء أسلحتهم وإجراء محادثات مع باكو.

وأكد الكرملين، ليل الأربعاء، أن قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في ناغورني كاراباخ منذ العام 2020، ستتولى دور الوساطة في مباحثات السلام، الخميس.

وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن أمله في أن تتيح المباحثات "التوصل إلى خفض التصعيد، ونقل هذه المشكلة إلى مسار سلمي"، وذلك خلال استقباله وزير الخارجية الصيني وانغ يي في وقت مبكر، الخميس.

وشكّل إقليم ناغورني كاراباخ الذي تقطنه غالبية من الأرمن محور نزاع مديد. وخاضت الجمهوريتان السوفيتيان السابقتان أذربيجان وأرمينيا حربين بشأنه، إحداهما بين 1988 و1994 راح ضحيتها 30 ألف قتيل، والثانية في 2020 انتهت بهزيمة يريفان.

وأجرت باكو ويريفان مباحثات سلام بوساطة غربية حققت بعض التقدم نحو إعداد نص سلام دون التوصل لاتفاق ناجز. ووافقت يريفان على الاعتراف بناغورني كاراباخ كجزء من أذربيجان، لكنها طالبت بآليات دولية لحماية حقوق السكان.

وبعد مقتل أربعة شرطيين ومدنيَّين بانفجار لغمَين في ناغورني كاراباخ، واتهام أذربيجان الانفصاليين بالمسؤولية عن هذه الأعمال "الإرهابية"، أطلقت باكو عملية عسكرية "لمكافحة الإرهاب".

وأكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الأربعاء، أن بلاده "أعادت بسط سيادتها" على ناغورني كاراباخ، مؤكدا تدمير "معظم" قوات الانفصاليين وعتادهم العسكري، وأن هؤلاء باشروا الانسحاب وتسليم أسلحتهم بموجب الاتفاق المبرم.

وأشاد بـ"الحكمة السياسية" التي أظهرتها يريفان بعدم تدخّلها مباشرة لإسناد الانفصاليين الأرمن.

وأكد مستشار علييف حكمت حاجييف أن باكو ترغب في "إعادة الإدماج السلمي للأرمن في ناغورني كاراباخ وتدعم أيضًا عملية التطبيع بين أرمينيا وأذربيجان"، متعهدا توفير ممر "آمن" للمقاتلين.

وأثارت المعارك خشية من تفاقم الأزمة الإنسانية في الإقليم، والتي تتهم يريفان باكو بالتسبب بها منذ فترة نتيجة إغلاق ممر لاتشين، وهو المعبر البري الوحيد بين أرمينيا وناغورني كاراباخ.

وأعرب البيت الأبيض، الأربعاء، عن قلقه من تفاقم الوضع الإنساني في الإقليم، بينما حضت أطراف أوروبية أذربيجان على ضمان حقوق الأرمن في ناغورني كاراباخ.

وأثار الانتصار الأذربيجاني مخاوف من نزوح جماعي للسكان المقدر عددهم بـ120 ألف نسمة. وقال أمين المظالم لشؤون حقوق الإنسان في المنطقة غيغام ستيبانيان إنه "تم إجلاء أكثر من 10 آلاف شخص من مناطق إقامتهم الأصلية" نحو أنحاء أخرى فيه، مشيرا إلى افتقادهم "التغذية الملائمة والأدوية ومواد النظافة الأساسية".

وأكد ستيبانيان أن العملية العسكرية أدت إلى مقتل 200 شخص على الأقل، وإصابة أكثر من 400 آخرين، مشيرا إلى وجود عشرة مدنيين على الأقل بين القتلى، خمسة منهم من الأطفال.

"انتهت الحرب"

وأكد الانفصاليون أن الاتفاق يشمل انسحاب الوحدات العسكرية المتبقية وحلّ التشكيلات المسلحة ونزع سلاحها، وأنه ستتم في مباحثات الخميس "مناقشة القضايا التي أثارها الجانب الأذربيجاني بشأن إعادة الدمج وضمان حقوق وأمن أرمن ناغورني كاراباخ".

وبعدما أكدت قوات حفظ السلام الروسية، الأربعاء، عدم تسجيل أي خرق لوقف النار، قالت وزارة الدفاع الأرمينية ليل الأربعاء، إنّ "وحدات الجيش الأذربيجاني أطلقت نيران أسلحة خفيفة على المواقع القتالية الأرمينية بالقرب من سوتك".

وكانت باكو اشترطت منذ بداية عمليتها استسلام الانفصاليين وتسليم أسلحتهم لإنهاء النزاع الطويل في الإقليم.

وفي باكو، لم يخف سكان فرحهم بأن النزاع شارف على النهاية. وقالت الموظفة المتقاعدة رنا أحمدوفا (67 عاما) لوكالة فرانس برس "وأخيرا، انتهت الحرب".

وكان المزاج معكوسا في يريفان بعد هزيمة هي الثانية في ثلاثة أعوام، أعادت تحريك الانتقادات الداخلية في وجه رئيس الوزراء نيكول باشينيان.

وحاولت المعارضة الأرمينية على مدى السنوات الماضية إقناعه بمغادرة السلطة محمّلة إياه مسؤولية الهزيمة العسكرية خلال حرب خريف 2020 في ناغورني كاراباخ. ولليوم الثاني، تجمّع متظاهرون الأربعاء خارج مقر رئيس الوزراء واتهموا الحكومة بالتخلي عن الأرمن الذين يشكلون غالبية سكان الإقليم. ووقعت مواجهات بينهم وبين الشرطة.

وطالب الكثير من المتظاهرين برحيل باشينيان، ومنهم سركيس هياتس البالغ 20 عاما الذي قال إن باشينيان "يجب أن يرحل... نحن نخسر وطننا وشعبنا".

وكان باشينيان أكد أن بلاده لم تشارك في صياغة اتفاق وقف النار، مذكّرًا بأن يريفان "ليس لديها جيش" في الجيب الانفصالي منذ آب/أغسطس 2021.

وكان تجدّد القتال في ناغورني كاراباخ أثار قلق المجتمع الدولي ودعوات متعددة لوقف النار، أبرزها من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والبابا فرنسيس ودول مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا.

وفي حين دعت فرنسا الثلاثاء الى جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث التوتر، رأت باكو أن لا جدوى لذلك.

وقال المستشار حاجييف "نعتقد أن جلسة كهذه في حال انعقادها، ستكون غير ذي جدوى وضارة... ليست ضرورية".