بعد فضيحة منحة القمح.. أمين العاصمة اليمنية يفضح وزير التخطيط بمطالبته التوقيع على استلام مساعدات صُرفت دون علمه

أصبح الفساد في الحكومة اليمنية جريمة لا يُعاقب عليها الفاسدون، في حين باتت اللا مسؤولية صفة يتنافس عليها غالبية المسؤولين، وبين هاتين الجريمتين شعب يتسول فتات المنظمات التي لا يقل فسادها عن الحكومة، شاكياً مأساته لحفنة من اللصوص، الذين لولا أن تفضحهم الوثائق والمستندات الرسمية لقالوا إن الغيث لا ينزل على هؤلاء الجياع إلا استجابة لابتهالاتهم وتضرعهم.

اتهم وزير الدولة، أمين العاصمة في الحكومة اليمنية، عبدالغني جميل، وزارة التخطيط بمطالبته التوقيع على استلام مساعدات "لا يعلمها"، سبق وصُرفت قبل أشهر في العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثي بقيمة تقدر بنحو 4 ملايين و851 ألف دولار.

وقال جميل، في تدوينة على حسابه في منصة "إكس"، إنه تسلم رسالة عبر مندوب منظمة "الإغاثة" الدولية، من نائب وزير التخطيط يطالب منه التوقيع على اتفاقية مسودة صرف مساعدات لنازحي أمانة العاصمة، قيمتها تقدر بملايين الدولارات.

وذكر أنه كان قد طالب أن يتم صرف المساعدات بإشراف السلطة المحلية لأمانة العاصمة، إلا أنه تفاجأ بأن المساعدات قد صرفت “دون أن نرى شيئا منها”، متهما الوزارة بأنها تريد أن تجعله جسر عبور لفساد المنظمة.

ونشر عبدالغني جميل صورة رسالة المطالبة بالتوقيع على المساعدات حيث ذكرت وزارة التخطيط أن المساعدات يتم توزيعها خلال الفترة من 1 مايو/ أيار 2023، إلى 30 أبريل/ نيسان 2024، في 17 مديرية بمحافظات عدن وحجة وريمة وأمانة العاصمة وتستهدف نحو 93 ألف أسرة متضررة من الأزمات.

وطلبت وزارة التخطيط، في رسالتها الممهورة بتوقيع نائب الوزير نزار عبدالله باصهيب، والموجهة بتاريخ 23 سبتمبر/ أيلول المنصرم، من أمين العاصمة التوقيع على توزيع المساعدات وأنه تم صرفها.

كما نشر أمين العاصمة رداً على رسالة وزارة التخطيط أكد فيه رفضه تنفيذ المشروع باسم السلطة المحلية لأمانة العاصمة، دون موافقتها، محملا الوزارة المسؤولية “عن أي مشاريع أو فساد يخل بقوانين الحكومة والسلطة المحلية”.

ونبه إلى "مخالفة في صياغة المشروع بتقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، بما يكرس مفهوم الانفصال”.

ونوّه جميل إلى أن “معظم ميزانية تكلفة المشروع ذهبت مصاريف إدارية وتشغيلية للمنظمة”، مشيرا إلى أن ذلك يعد “فسادا كبيرا وعبثا بتبرعات المانحين”.

ودعا أمين العاصمة وزارة التخطيط والتعاون الدولي إلى ضرورة إبلاغ السلطة المحلية بالمشاريع الإغاثية قبل تنفيذها بمدة كافية وتزويدها بتفاصيل المشروع، مطالبا المنظمات بتوزيع جهودها بين النازحين في المحافظات المحررة، والمناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي تحت إشراف الحكومة المعترف بها دوليا.

وليست المرة الأولى التي تشرعن قيادات وزارة التخطيط والتعاون الدولي في الحكومة اليمنية، تسليم المساعدات والمشاريع لمليشيا الحوثي في تخادم وتواطؤ مريب رغم عدم التزام المنظمات بتعليمات الوزارة واشتراطاتها وشفافية التوزيع وعدم تسليمها لقيادات الحوثيين.

وكشفت وثيقة رسمية أن الأمم المتحدة عبر برنامج الغذاء العالمي قامت بتسليم مساعدات غذائية ونقدية لما يقارب 9 ملايين و500 ألف مستفيد في المحافظات الخاضعة لمليشيا الحوثي خلال دورة يوليو الماضي، فيما بلغ عدد المستفيدين من هذه المساعدات في المحافظات المحررة 800 الف مستفيد فقط، وبنسبة لا تتجاوز 9% مقارنة بمناطق المليشيا.

وفي 15 سبتمبر/ أيلول الماضي، أبلغت الحكومة البولندية، السفارة اليمنية بسحب منحة القمح، التي كانت أعلنت عن تقديمها لليمن والمقدرة بـ40 ألف طن بعد أكثر من 7 شهور من تمادي وتملص الحكومة عن نقلها من الموانئ البولندية إلى البلاد وتوزيعها للمستفيدين.

وجاء إلغاء المنحة البولندية التي ملايين اليمنيين بأمس الحاجة إليها، بعد ماراثون من المساومات وعقد صفقات، تعكس فساد الحكومة والتعامل غير المسؤول تجاه الملف الإنساني وخاصة ملف المانحين.

وبحسب تقارير، وصلت المساعدات الدولية المقدمة لليمن عبر منظمات الأمم المتحدة خلال السنوات السبع الماضية إلى 23 مليار دولار، ضمن برنامج "خطة الاستجابة الطارئة" إلا أن الفساد المتغلغل في وكالات الإغاثة والمنظمات الدولية فاقم أزمة الجوع في البلد المصنف بأسوأ أزمة إنسانية في العالم والذي لا يصل من تلك المساعدات إلى بطون الجائعين سوى الفُتات.