اختفاء واختطاف الفتيات جرائم روّعت الأهالي في عدن

عادت ظاهرة اختفاء واختطاف الفتيات في عدن (جنوبي اليمن)، إلى واجهة المشهد الاجتماعي، في مجتمع مزقت الحرب نسيجه الاجتماعي، فبات ينهش بعضه، خصوصاً بعد أن صارت المواد المخدرة في متناول المتعاطين أشبه بحبات السكاكر، دون خوف من عقاب أو رادع من وازع، مع عدم تجاهل المخاطر الكارثية النفسية لمسلسلات وأفلام الأكشن، ما يرفع وتيرة المخاوف مجدداً بعد سنوات من الهدوء وإن كانت نسبياً.

اختفت فتاة، في مدينة عدن (جنوبي اليمن)، في ظروف غامضة، قالت أسرتها إنها لم تتمكن من الوصول إليها منذ أول من أمس.

وأوضحت أسرة الفتاة المفقودة، أن ابنتهم خرجت من المنزل في مديرية المعلا، وقت الغروب يوم السبت الماضي، وفقد الاتصال بها منذ ذلك الحين.

الأسرة التي نشرت صورة الفتاة المفقودة، قالت إنها تدعى "ملكة عوض محمد عوض الصوفي" وتبلغ من العمر 17 عاماً.

وبعد مرور أكثر من 72 ساعة على عدم عودتها أو الحصول على معلومات عنها، ناشدت أسرة الفتاة السلطات الأمنية بالبحث معهم عنها.

وعادت ظاهرة اختفاء واختطاف الفتيات، إلى واجهة الحياة الاجتماعية لسكان مديريات عدن، بعد أن كان قد سادها الهدوء ولو نسبياً، لا سيما والأعوام الماضية سجلت اختفاء واختطاف عشرات الفتيات، بينهن قاصرات.

ووفقاً للاحصائيات الحقوقية، غالبية الضحايا تتراوح أعمارهن ما بين سن المراهقة، وسن الزواج، وغالباً ما يتم اختفاؤهن لأسابيع قبل عودتهن، بعضهن تعرضن للعنف الجسدي، ما يكشف عدوانية وانتقام الخاطفين.

وأرجعت مصادر أمنية، أبرز أسباب تنامي هذه الظاهرة إلى انتشار المواد المخدرة بين الشباب بعد حولت الحرب اليمن إلى سوق رائجة لها، نتيجة ضعف الوازع الديني، فضلاً عن تأثرهم بأفلام ودراما الأكشن، ومحاولة تقليد جانبها السلبي، في ظل غياب الدور التوعوي للشباب في المدارس والجامعات ومنابر المساجد.

ويتفق اختصاصيون اجتماعيون على أن حالة العدوانية اكتسبها الشباب مؤخراً من عدة جوانب، تأتي المسلسلات وأفلام الأكشن في مقدمتها، فضلا عن الآثار النفسية التي خلفتها الحرب لأكثر من ثماني سنوات.

اختفاء واختطاف

ومن أبرز ضحايا هذه الحوادث، التي رصدها محرر وكالة خبر، في سياق التقرير، محاولة اختطاف طفلة في الثانية عشر من العمر، أواخر يناير من العام الجاري، أثناء خروجها عقب صلاة المغرب لشراء "روتي" من المتجر المقابل لمنزلهم في حي العمائر السكريمي بمنطقة التقنية مديرية المنصورة.

وحاول شاب اختطاف الفتاة عبر الضغط على فمها، لولا أن صراخها لفت انتباه المارة ليتدخلوا لإنقاذها وضبط الجاني.

وفي نوفمبر 2022م، عثر على الطفلة “مها” 14 عاماً، مقتولة شنقاً، في حي “الشولة” بمكيرية التواهي، بالإضافة إلى تقطيع أجزاء من جسدها بطريقة بشعة، الأمر الذي يوحي بتعذيبها قبل قتلها.

وذكرت مصادر محلية، أن الطفلة اختفت قرابة 22 ساعة قبل العثور عليها في منزل أحد جيرانها عقب الاشتباه به، وإصرار المواطنين على تفتيش المنزل.

تأتي هذه الحادثة بعد أيام على اختفاء الطفلة "رهف جلال احمد محمد السبراتي" 11 عاماً، في مدينة كريتر.

وقبل هذه الواقعة بنحو عامين، وتحديداً في أكتوبر 2020، اختفت فتاة تُدعى "عبير بدر فرج سعيد" 25 عاما، قالت عائلتها في بلاغ للأجهزة الأمنية، إنها اختفت عقب خروجها من منزلها وسط مدينة المنصورة، أثناء ما كانت في طريقها للعمل في مركز تجميل بشارع التسعين.

وجاءت الحادثة بعد أقل من أسبوع، على بلاغ سابق قيدته أسرة فتاة أخرى تدعى "ولاء بديع"، قالت إنها اختفت بعد خروجها من منزلها في حي القاهرة، بذات المديرية، لتصوير بطاقات لعائلتها.

وفي 29 يناير من نفس العام، اختفت الفتاة "دنیا حسین" 16 عاماً، لنحو 48 ساعة، قبل أن يعثر عليها رجل وزوجته في مديرية الشيخ عثمان، وسلماها إلى اسرتها التي بدورها نقلتها إلى أحد المشافي نتيجة فقدانها الوعي وعدم قدرتها على الوقوف والحدیث، علاوة على ظهور آثار كدمات وضرب عليها، تبين لاحقاً أن سائق مركبة "باص" اختطفها.

كما اختفت فتاة في مديرية دار سعد تُدعى "شريفة محمد حميد" 13 عاماً، في يناير من العام 2019، قال مقربون من عائلتها انها ليست الحادثة الوحيدة، وسبق أن اختفت اربع فتيات أخريات خلال الأشهر القليلة الماضية بالطريقة نفسها، إلا أنه لم يبلغ أحد عن اختفائها.

وفي أغسطس 2018م، اختطف مسلحون مجهولون تقلهم سيارة فتاة تُدعى آيات علي سعيد (16 عاماً)، من حي كود العثماني بمديرية دارسعد، بعد خروجها من منزلها، حسب شهود عيان.

وخلال السنوات الست الأخيرة رصدت تقارير حقوقية اختطاف واختفاء عشرات الفتيات بينهن قاصرات، في مديريات متفرقة بعدن. عُثر على بعضهن جثثا هامدة بعد أيام من اختفائهن، فيما أخريات عُدن بعد أسابيع وسط تكتم شديد من اهاليهن، لا سيما في مجتمع محافظ مثل اليمني، يعتبر مثل هكذا ظاهرة خادشة لعاداته وتقاليده حتى وإن كانت الفتاة الضحية.

اعتداء وقتل

ومع أن حدّة الاختطافات كانت قد تراجعت قبل أن تعود للواجهة مجدداً، إلا أن هذا لا يعني أن الفتيات في مأمن، حيث تعرضت العديد منهن لاعتداءات مباشرة وعلنية بلغت حد القتل.

ففي 23 أكتوبر الجاري، تعرضت فتاة لعدة طعنات مباشرة في الشارع العام أمام بوابة معهد أمين ناشر في مديرية خور مكسر، نقلت على إثرها إلى المستشفى الجمهوري.

وفي أغسطس الماضي، قتلت فتاة طعناً تُدعى "فاطمة محمد - 23 عاماً"، على يد زميلها "محسن رشاد محسن" في مركز "توب سنتر" التجاري بمدينة المنصورة، أثناء دوامها الرسمي.

وهذان النموذجان يعدان أبرز ما شهدته مديريات عدن في الآونة الأخيرة، من جرائم اعتداءات وتهديد بحق الفتيات، حيث تقول مصادر محلية إن العدد أكبر من ذلك، إلا أن أهالي الفتيات يتحفظون على ما يتعرضن له، خشية النظرة المجتمعية المستقبلية نحو الضحايا.

ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي في سبتمبر/ أيلول 2014م، أصيب الجهاز الأمني بمقتل، لتعم الفوضى والفلتان الأمني أرجاء البلاد، متسبباً ذلك بارتفاع نسبة الجريمة بمختلف أنواعها.