الحكومة اليمنية بلا موازنة جديدة للسنة الخامسة على التوالي
تستعد الحكومة اليمنية- كالعادة وكما هو منتظر ومتوقّع- لإصدار قرار الشهر المقبل بالعمل بموجب الموازنة العامة للدولة المقرّة منذ أربع سنوات خلال العام المالي الجديد 2024، بدلاً من إصدار موازنة جديدة تواكب المتغيّرات الاقتصادية والمالية العالمية والمحلية وتبيّن العمل السياسي والاقتصادي والاجتماعي للحكومة.
وتمارس الحكومة برئاسة الدكتور معين عبد الملك مهام عملها من دون موازنة عامة للدولة منذ عام 2019، ما أسهم في تردّي الوضع الاقتصادي وتدهور الخدمات وفاقم من الأوضاع المعيشية لملايين اليمنيين في العاصمة الموقتة عدن والمحافظات.
وفي ديسمبر الماضي أصدر وزير المالية سالم صالح بن بريك قراراً برقم 91 بشأن العمل بالموازنات المعمول بها في 2022 في السنة المالية 2023. ونصّ القرار على العمل بموازنات السنة المالية 2019 وهي أوّل موازنة رسمية للدولة بعد الحرب التي اندلعت أواخر مارس عام 2015 في السنة المالية 2023، مع "زيادة في تقديرات الإيرادات أو خفض أو حذف لبعض الاعتمادات في النفقات".
وتكرّر الأمر ذاته خلال السنوات 2022 و2021 و2020 إذ تم العمل بنفس موازنة 2019، في ظل غياب السقوف التأشيرية على المستويين المركزي والمحلي، والوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة، وعدم تقديم الحكومة لأي حسابات ختامية للموازنة.
وتعتبر الموازنة بمثابة البرنامج المالي للخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة عن سنة مالية مقبلة من أجل تحقيق أهداف محدّدة في إطار الخطة.
وحذّر خبراء اقتصاديون من خطورة عمل الحكومة بموازنة قديمة تعود لأربع سنوات سابقة دون إقرار موازنة جديدة، في ظل التطورات الاقتصادية والاجتماعية والتغيّرات في حجم الإيرادات والنفقات، وتراجع سعر الريال مقابل العملات الأجنبية وزيادة التضخّم وارتفاع أسعار السلع والخدمات والانقطاعات المتكرّرة للكهرباء وأزمات المشتقّات النفطية والغاز المنزلي.
وأشاروا إلى أن عدم إقرار موازنة جديدة في ظل وجود حكومة ومجلس نوّاب (برلمان) يتنافى مع أبسط القواعد الدستورية والقانونية، ويشجّع على الفساد المالي والإداري ويوفّر الغطاء لارتكاب المخالفات المالية في كافة أجهزة الدولة ومؤسّساتها دون أي رقابة أو محاسبة سواء من قبل مجلس النوّاب أو من قبل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة والهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ونيابة الأموال العامة.
وأوضح الخبراء أن الموازنة وثيقة الصلة بالاقتصاد، وهي أداة رئيسية يمكن من خلالها تحقيق أهداف الدولة، وفي حال غيابها فإن كل وزارات الدولة ومؤسّساتها ستسودها حالة من العشوائية والفوضى وغياب العدالة والشفافية، ولن تحقّق أهداف الدولة المرتبطة بتحسين الوضع المعيشي وتقديم الخدمات الأساسية.
وأكد التقرير السنوي للبنك المركزي اليمني بعدن أن الإيرادات العامة للدولة عام 2022 ارتفعت بمقدار 817.7 مليار ريال أو ما نسبته 74.5% لتصل إلى 1914.5 مليار ريال، مقارنةً بارتفاع مقداره 373.2 مليار ريال أو ما نسبته 51.6% عام 2021.
ولاحظ التقرير أن نسبة الإيرادات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي بلغت ما نسبته 8.3% عام 2022، مقارنةً بما نسبته 6.2% عام 2021، كما ارتفعت النفقات العامة عام 2022 بمقدار 1032.4 مليار ريال أو ما نسبته 63.4% لتصل إلى 2661.1 مليار ريال لتبلغ نسبتها إلى الناتج المحلي الإجمالي 11.6% عام 2022 مقارنةً بما نسبته 9.3% في العام السابق.
وأظهر الميزان الكلي للموازنة العامة للدولة عام 2022 عجزاً نقدياً مقداره 746.6 مليار ريال، ليشكّل ما نسبته 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل عجز نقدي قيمته 531.8 مليار ريال، وبما نسبته 3% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2021. ولاحظ التقرير السنوي للبنك المركزي اليمني بعدن أن نسبة تغطية الإيرادات للنفقات العامة عام 2022 بلغت 71.9% مقارنةً بما نسبته 67.3% عام 2021.
وقدّرت موازنة عام 2019 جملة الموارد العامة بـ 2159 مليار ريال وجملة الاستخدامات العامة (النفقات) بـ 3111 مليار ريال وبعجز نقدي صافي 951.882 مليار ريال.
وفي أغسطس الماضي قدّمت المملكة العربية السعودية دعماً اقتصادياً جديداً إلى اليمن بقيمة 1.2 مليار دولار لسد عجز الموازنة الخاصة بالحكومة ودعم رواتب وأجور ونفقات التشغيل، ودعم ضمان الأمن الغذائي في اليمن، إلا أن الحكومة لم تف بوعودها السابقة المتعلّقة بضبط الأداء المالي والنقدي، وتكامل السياستين المالية والنقدية، وتعزيز الإيرادات وترشيد النفقات وتفعيل أجهزة الضبط والرقابة المالية استناداً إلى برنامج الإصلاح الاقتصادي.