الجامعات الأمريكية تشهد "معركة آراء" ساخنة بسبب حرب إسرائيل على غزة
تشهد الجامعات الأميركية في الولايات المتحدة "معركة آراء" ساخنة جدا، بين مؤيدين ومعارضين لحرب إسرائيل على قطاع غزة، وصلت إلى درجة وقف أنشطة جمعيات والتهديد بوقف التمويل وسحب فرص العمل من الطلاب.
وفي محاولة لتهدئة الصراعات الفكرية بشأن هذه الانقسامات بين الطلاب، تعتزم عدة جامعات عقد اجتماع للأكاديميين، الأسبوع المقبل، خاصة بعد أن أزعجت الجهات المانحة، وفق ما نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، الأحد.
وأضافت الصحيفة أن "الجامعات في أنحاء الولايات المتحدة أصبحت نقطة محورية لوجهات النظر المتعارِضة، بما في ذلك جامعة هارفارد وجامعة بنسلفانيا، حيث خرجت عدة مظاهرات تندد بالقصف الإسرائيلي المتواصل على غزة منذ أكثر من شهر، وتحرك المئات من الطلاب المنضوين تحت ائتلاف (طلاب لأجل العدالة في فلسطين)، في مسيرات منسقة للتضامن مع فلسطين بعدد من الجامعات، منها أريزونا، وفرجينيا، وولاية أوهايو، ونيويورك، وجورج تاون".
تصعيد طلابي
أصدر ائتلاف يضم 34 منظمة طلابية في جامعة هارفارد، بيانا اعتبر أن هجوم حركة حماس ضد إسرائيل "لم يأت من فراغ"، ويحمل "النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن جميع أعمال العنف المنتشرة"، بعد عقود من الاحتلال، مؤكدا أن "نظام الفصل العنصري هو المسؤول الوحيد".
أعلنت جامعة كولومبيا تعليق عمل جمعيتين طلابيتين، وهما "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، و"الصوت اليهودي من أجل السلام"، حتى نهاية الفصل الدراسي.
في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أرسلت مسؤولة توضيحا للطلاب بحدود الاحتجاجات المسموح بها، واصفة مظاهرة مؤيدة لفلسطين بأنها معطلة وذات صوت مرتفع.
أمرت السلطات الجامعية في ولاية فلوريدا، بالتعاون مع حاكم الولاية رون ديسانتيس، الكليات بإغلاق منظمة "طلاب من أجل العدالة في فلسطين"، لتصبح أول ولاية أميركية تتخذ تلك الخطوة.
في نهاية أكتوبر الماضي، نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية نتائج استطلاع أجرته جامعة هارفارد بالتعاون مع شركة "هاريس" المتخصصة في أبحاث السوق بشأن حرب غزة، أظهر أن 52 بالمئة من الشباب بين 18 و24 عاما يؤيدون إسرائيل، بينما أعلن 48 بالمئة دعمهم للفلسطينيين، ورأى 51 بالمئة منهم أن عنف حماس ضد المدنيين الإسرائيليين كان مبرَّرا، في حين رأى 49 بالمئة أنه غير مبرَّر.
وضع مختلف
تعتبر النسب الواردة في استطلاع الرأي وحجم المظاهرات الطلابية والأكاديمية الكبيرة المؤيدة للفلسطينيين جديدة على المجتمع الأميركي، في المقابل فإنه ما زال للطلاب والأكاديميين المؤيدين لإسرائيل قوتهم ونفوذهم.
ويفسر الباحث في الشؤون الأميركية كمال الزغول، فوران هذه الصراعات الفكرية في الحرب الحالية بشكل خاص، قائلا لموقع "سكاي نيوز عربية":
- بعد مقتل الطفل الفلسطيني على يد متطرف متعاطف مع إسرائيل، في أميركا في أكتوبر الماضي، الذي طعنه قاتله المسن وهو يردد عبارات مسيئة للفلسطينيين والمسلمين، أرسلت المجموعات المتعاطفة مع فلسطين رسائل إلى رؤساء الجامعات لطلب السماح بحرية التعبير في حرم الجامعات، مما أثار غضب الأطراف التي تدعم إسرائيل، وحدثت صدامات مختلفة بين الطرفين.
- منع حرية التعبير في الجامعات يأتي من المتبرعين الذين يؤيدون إسرائيل، حيث هددوا بسحب ملايين الدولارات التي يدعمون بها الجامعات، مما دعا موظفي الجامعات لأن يقفوا ضد الطلاب الداعمين للقضية الفلسطينية.
- حاليا يوجد جيل جديد مختلف عن الأجيال التي سبقته في وعيه بجذور المشكلة، فهو يتابع وسائل التواصل الاجتماعي وتصله جرائم الحرب الإسرائيلية، مقابل وسائل إعلام تقليدية تنشر أخبارا كاذبة عن قيام حماس بقطع رؤوس أطفال إسرائيليين، وأصبح جليا للجيل الجديد أن القيم الإنسانية اختفت في هذه الحرب على يد إسرائيل.
- الطلاب بدأوا يدركون أن جذور الصراع تعود لما قبل 75 عاما، بينها 17 عاما من حصار قطاع غزة، وأن أساس المشكلة هو الاحتلال وليس العملية التي قامت بها حماس في 7 أكتوبر.
- هناك انقسام داخل الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن مفهوم حقوق الإنسان، وهذا قد يقود إلى أعمال عنف داخل الولايات المتحدة نفسها.
تهديد بسحب الدعم
وكان مانحون هددوا بسحب تمويلهم للجامعات، حسب "فايننشال تايمز"، التي أوضحت أيضا أن أكثر من 20 شركة محاماة حذرت من أنها لن توظف الخريجين الذين يقفون ضد إسرائيل، وألغى البعض عروض العمل.
وأوقف أثرياء أميركيون، أو لوحوا، بوقف تبرعاتهم لمؤسسات تعليم عريقة، مثل جامعة هارفادر في ولاية ماساتشوستس، وجامعة بنسلفانيا في ولاية فيلادلفيا.
وتواجه الجامعات انتقادات بأنها "لم تبذل الجهود الكافية" لتعزيز المزيد من المناقشات المتحضرة في الفصول الدراسية بشأن الأحداث، بين الأكاديميين والطلاب والمتحدثين الخارجيين.