روسيا تشدّد ضغوطها على الجبهة الشرقية في أوكرانيا

كييف (أوكرانيا) (أ ف ب) – يشدّد الجيش الروسي ضغوطه في شرق أوكرانيا لا سيما على بلدة أفدييفكا، لكنه لم يحرز سوى تقدّم محدود، اذ أعلن الأربعاء السيطرة على قرية كروموف الصغيرة قرب باخموت.

في الأسابيع الأخيرة، سيطر الجمود على الهجوم المضاد الذي تشنّه كييف منذ حزيران/يونيو في جنوب البلاد وشرقها، فيما يتلاشى الأمل بتحقيق اختراق، إذ لم يحرز الجيش الأوكراني تقدماً كبيراً مصطدماً بخطوط الدفاع الروسية القوية.

ومنذ بداية الخريف، تظهر القوات الروسية قدرتها على مواصلة القتال من خلال شن هجمات.

وتتعرّض بلدة أفدييفكا الصناعية القريبة من دونيتسك، عاصمة المنطقة التي تحتلها روسيا منذ 2014، لهجوم شرس تشنّه القوات الروسية منذ أكثر من شهر ساعية إلى السيطرة عليها.

وتسيطر القوات الروسية على مناطق شرق أفدييفكا وجنوبها وعلى قسم من شمالها، وباتت البلدة شبه محاصرة ودُمّرت معظم أبنيتها، ولكن ما زال إمكان الوصول إليها متاحا عبر طريق أسفلتي.

وأكد القائد العسكري الأوكراني المسؤول عن منطقة أفدييفكا، أولكسندر تارنافسكي، الأربعاء أنّ "العدو عزّز نشاطه إلى حد كبير في الأيام الأخيرة، ويستخدم مركبات مدرعة".

وأفاد بأنّ القوات الروسية شنّت حوالي 20 غارة جوية، وأطلقت أربعة صواريخ وأكثر من 1000 قذيفة مدفعية، في 56 هجوماً على مواقع أوكرانية.

لكن تارنافسكي شدد على أن القوات الأوكرانية "تسيطر على الخط الممتد على طول جبهة أفدييفكا"، وهو ما لم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق منه بشكل مستقل.
"الوقت ليس في صالح أوكرانيا"

وأكد مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك أن "روسيا ما زالت تمتلك موارد بشرية غير محدودة تستخدمها بلا رحمة لتنفيذ هجمات على شكل موجات بشرية".

ورأى أن "الوقت حالياً ليس في صالح" أوكرانيا وحلفائها الغربيين، المنشغلين على قوله بـ "إجراءات بيروقراطية" في حين تحتاج كييف إلى "قوة نارية" أكبر.

ووقعت بلدة أفدييفكا لفترة وجيزة في أيدي الانفصاليين الموالين لروسيا الذين سلّحتهم موسكو في العام 2014، وأصبحت منذ ذلك الحين بمثابة خطّ المواجهة في هذه المنطقة، كما أنها باتت مع مرور الوقت رمزاً للمقاومة الأوكرانية.

ولم يبق في أفدييفكا إلا نحو 1350 شخصاً بعدما كان عدد سكانها يصل إلى ثلاثين ألف نسمة قبل الحرب.

وما زال الأوكرانيون يدافعون عن منطقة لا يتخطى عرضها ثمانية كيلومترات إلى شمال غرب البلدة التي تضم أكبر مصنع لفحم الكوك في أوكرانيا يمتد على مساحة 340 هكتارا عند تخوم شمال أفدييفكا.

ولا تفصح موسكو عن تفاصيل بشأن هجومها في المنطقة، في حين تؤكد كييف أنها تلحق خسائر فادحة بالخصم.

وفي شمال خط الجبهة، على بعد حوالى ستين كيلومتراً من أفدييفكا أعلنت روسيا الأربعاء أن قواتها المسلحة سيطرت على بلدة كروموف الصغيرة قرب مدينة باخموت في شرق اوكرانيا.

وقالت وزارة الدفاع الروسية في إحاطتها اليومية إن "قوات مدعومة بالطيران والمدفعية حسنت مواقعها على طول خط الجبهة وحررت قرية ارتيموفسكوي" في منطقة دونيتسك، مستخدمة التسمية الروسية لبلدة كروموف.

ولم تتمكن وكالة فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من صحة هذه التصريحات.
جمود في الجبهة

وبحسب صور الأقمار الصناعية، كانت قرية كروموف الواقعة على الطرف الغربي من باخموت تتألف من بضعة شوارع وعشرات المنازل قبل بدء الهجوم الروسي.

وتحولت مدينة باخموت ومعظم البلدات في هذه المنطقة إلى أنقاض، وفر جميع سكانها تقريبًا.

وسيطر الروس على باخموت في أيار/مايو بعد أشهر من القتال الدامي. وتركت مجموعة فاغنر عددًا كبيرًا من مقاتليها هناك.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أكد أن الاستيلاء على هذه المدينة سيسمح لموسكو بتحقيق تقدم جديد ومهم.

لكن منذ أيار/مايو، لم تحقق القوات الروسية أي اختراق، بل خسرت خلال الأشهر الستة الماضية أراضي كانت قد احتلتها.

ولكن القصف الروسي يتواصل في كل أنحاء أوكرانيا تقريبًا.

وقُتل رجل يبلغ 68 عامًا بعد ظهر الأربعاء بغارة جوية على ضاحية خيرسون في جنوب أوكرانيا، حسبما ذكر رئيس الإدارة العسكرية المحلية رومان مروتشكو.

وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية صباح الأربعاء أنها أسقطت 21 طائرة مسيّرة متفجرة وصاروخين روسيين خلال الليل.

وبشكل عام، لم تشهد خطوط المواجهة في الحرب سوى تغيّرات قليلة منذ العام الماضي أي منذ استعادة الجيش الأوكراني منطقة خيرسون في 11 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.

وعلى الرغم من إمدادات الأسلحة الغربية، فشل الهجوم المضاد الأوكراني في مواجهة صلابة خطوط الدفاع الروسية. كذلك لا يحرز الجيش الروسي تقدّماً على رغم الجهود المبذولة اقتصادياً دعما للحرب، ولكنه لم يعد يتراجع، ويسيطر على حوالى 20 بالمئة من الأراضي الأوكرانية.

وتخشى السلطات الأوكرانية أن يؤدي عدم تقدّمها ميدانياً إلى توقف المساعدات الخارجية في ظل ارتفاع أصوات في بلدان عديدة تطالب بوقف تمويل الحرب لا سيما في الولايات المتحدة، الداعم الرئيسي لكييف.