قراءة في خطاب السفير أحمد علي عبد الله صالح
حمل خطاب السفير احمد علي عبدالله صالح الذي تداولته وسائل الإعلام على نطاق واسع على الرغم من سيطرة اخبار الأحداث التي تدور في الأراضي الفلسطينية على المشهد الاعلامي، بمناسبتي عيد 30 نوفمبر 1967 وانتفاضة 2 ديسمبر 2017؛ مضامين إيجابية وسياقات واضحة المعالم و لخطوط مشروع سلام متكامل الأركان، يحد من تمدد الحرب والصراع الدائر ويوقف نزيف الدم وسقوط مزيد من الضحايا، وتفاقم الأوضاع الإنسانية وفقدان للسيادة أمام متغيرات إقليمية ودولية خطيرة.
حقيقة تكمن أهمية الخطاب في شيئين اثنين وهما ان الخطاب صادر من شخصية قيادية بارزة تمثل واحدا من أهم الأحزاب السياسية في الساحة اليمنية (المؤتمر الشعبي العام)، والأمر الثاني يتمثل في دلالات الخطاب نفسه والذي تزامن مع مناسبتين هامتين الذكرى ال ٣٠ لثورة نوفمبر وال2 من ديسمبر، فقد تناول عدة قضايا وطنية وقومية ورسائل مهمه للداخل والخارج.
في الواقع ركز الخطاب على أهمية ودوافع وأسباب ثورة ديسمبر 2017 التي قدم الزعيم الصالح ورفاقه أرواحهم فداءا للذود عنها والتي تلخصت في الدفاع عن مبادئ الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والكرامة ومنع محاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء.
كما اكدت على أهمية استعادة الدولة ومقدراتها، وسيادتها، وأمنها واستقرارها، وهي الثوابت الوطنية التي يؤمن بها الشعب اليمني باكمله وناضل من أجلها الثوار على إمتداد تاريخ اليمن وحركاته النضالية في مختلف المراحل خلال ستة عقود وأكثر.
جاء التأكيد على فاعلية وصايا الزعيم في خطابه الأخير قبل الاستشهاد بمثابة خارطة طريق لكل اليمنيين دون تمييز ودعوة صادقة انطلقت في لحظة حرجة جدا كان لا بد من التقاطها والعمل عليها كمسار لحشد الطاقات والقوى بما يكفل عودة الحياة إلى طبيعتها والحفاظ على المكاسب المادية والمعنوية التي تحققت خلال العقود الماضية.
لفد ربط الخطاب بشكل واضح بين الحاضر والماضي الذي كان واحد من أهم المدخلات لنجاح نضال اليمنيين وطرد آخر مستعمر بريطانيا من جنوب اليمن في الثلاثين من نوفمبر 1967.
كما ان هناك تفاصيل كثيرة استجمعها الخطاب وخطوط عريضة تم الحديث عنها بدون مواربة سواء كانت في الماضي وهي عادات وتقاليد تم طي صفحتها من دعوات المذهبية المقيتة أو النعرات والطبقية أو فيما يخص مستقبل بلد بحاله والصراعات الجارية والوصاية الدولية والإقليمية والحفاظ عل السيادة كاملة غير منقوصة والندية في التعامل والعلاقات مع الآخرين.
الخطاب لم يغفل الراهن وسنوات عجاف عاشها المواطن اليمني على كافة الأصعدة والمستويات ولا زال يتجرعها بصورة جعلته منكسرا في سابقة غير معهودة ولا متوقعة بعد أن كان البلد قد قطع اشواطا كبيرا في مسألة التنمية والحراك السياسي، داعيا إلى حوار يمني خالص يحمل معه لملمة الصفوف وتوحيد الرؤى.
تطرق الخطاب لمجمل المعظلات التي يمر الشعب اليمني وبشكل دقيق نتيجة الأزمة وتداعياتها والاوضاع المأساوية التي يعيشها المواطن في مختلف محافظات الجمهورية، وتردي الخدمات وتدهور الوضع المعيشي وهو استشعار المسؤولية التي تقع على عاتقه كشخصية اجتماعية وفاعلة في الدولة خلال السنوات الماضية.
فيما يخص التسوية السياسية وعملية السلام تم تحديدها بمرتكزات مهمة مثل الولاء لله والوطن والتاكيد على أن ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين نموذج حي لنضال الشعب اليمني، والحفاظ على مكاسبهما وتجسيد أهدافهما قولاً وعملاً، بعيداً عن الولاءات الضيقة والمشاريع والمصالح والأجندة الخاصة، التي تسود في الوقت الراهن على حساب كلّ القيم والمشاريع والمكتسبات والأهداف الوطنية الجامعة.
دعوة السفير القوى السياسية بالعودة إلى المسار السلمي، بما يضمن المساواة والعدالة وإجراء مراجعة كاملة وصادقة للمواقف والأحداث المؤسفة التي أفضت إلى ما نعيشه اليوم، مؤكدا على أن العيش الكريم، لن يأتي عبر الخرافة والظلم والإرهاب والتجهيل وسرديات وأدوات العصور الغابرة، ولا عبر التنازل عن الإرادة والقرار الوطني والتبعية للغير، ولا بتحويل الوطن إلى كنتونات ومجاميع متصارعة لا تعبر إلا عن التبعية للغير.
القضية الفلسطينية كانت حاضرة في الخطاب وداعمة لحق الفلسطينيين في الدفاع عن أرضهم وانفسهم ضد الاحتلال الصهيوني وهو مسار قومي ونفس عروبي انتقل من الزعيم الراحل علي عبد الله صالح إلى نجله وإلى كل يمني ضحى بدون مزايدة ووقف مع إخوانه في فلسطين طيلة عقود طويلة، وهو نهج حزب المؤتمر الشعبي العام خلال الأربعة العقود الماضية.