تصعيد دامٍ عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية ودعوات دولية للتهدئة

القدس (أ ف ب) – شهدت مناطق شمال إسرائيل وجنوب لبنان تصعيدا داميا الأربعاء نتج عنه مقتل جندية إسرائيلية جراء صاروخ أطلق من لبنان، وأربعة أشخاص في لبنان جراء غارات جوية شنّتها الدولة العبرية، وسط دعوات دولية لتفادي اتساع رقعة التوتر.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مقتل جندية بعد إصابة قاعدة عسكرية بصاروخ أُطلق من لبنان. وردّ على ذلك بسلسلة غارات في جنوب لبنان أودت بأربعة أشخاص، وفق الإعلام الرسمي في بيروت.

وشكّلت هذه الضربات تصعيدا في مستوى التوتر عبر الحدود التي تشهد منذ أكثر من أربعة أشهر، تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله وإسرائيل على خلفية الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقال الجيش في بيان إن السيرجنت عومر سارة بينجو (20 عامًا) قتلت "نتيجة إطلاق (صاروخ) من الأراضي اللبنانية على قاعدة في شمال إسرائيل".

وعلى رغم أن القصف وقع صباح الأربعاء، لم تكن أي جهة قد أعلنت مسؤوليتها عنه حتى ليل اليوم ذاته.

وبعد ظهر الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ "موجة واسعة من الغارات داخل لبنان"، مشيرا الى أن مقاتلاته استهدفت سلسلة من "الأهداف الإرهابية لحزب الله" في بلدات عدة بجنوب لبنان.

وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية في لبنان أن الغارات الإسرائيلية استهدفت منزلاً في الصوانة، ومبنى من طبقات عدة في عدشيت، ما أدى الى تدميره بالكامل ومقتل ثلاثة أشخاص من العائلة نفسها هم امرأة سورية وطفلان يبلغان عامَين و13 عاما.

وأشارت الى سقوط قتيل في عدشيت وإصابة 20 شخصا في القصف الذي "خلّف دمارا كبيرا في المؤسسات التجارية والمحال والمنازل والسيارات".

وأعلن حزب الله أن القتيل في عدشيت هو أحد عناصره.

حزب الله يتوعد بالرد

وكان مصدر أمني أفاد وكالة فرانس برس في وقت سابق بمقتل أربعة مدنيين.

وطالت الضربات بلدات تبعد بين عشرة و25 كيلومتراً من الحدود، بينها الصوانة وعدشيت وصليا والشهابية.

وتوعّد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين بأن "العدوان الذي حصل اليوم في الجنوب اللبناني والذي استشهد جراءه عدد من المدنيين والأطفال لا يمكن أن يمر دون رد".

وجاءت الضربات بعد ساعات من قصف من الجانب اللبناني أدى إلى إصابة أشخاص في شمال إسرائيل، بحسب خدمة الإسعاف الإسرائيلية "نجمة داود الحمراء".

وشاهد مصور من فرانس برس مسعفين وجنودا إسرائيليين يجلون جريحا بمروحية عسكرية من مستشفى في صفد.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي بعد لقائه قادة عسكريين قرب الحدود اللبنانية إن "الحملة المقبلة لإسرائيل ستكون هجومية للغاية وسنستخدم كل الأدوات والقدرات لدينا".

وأضاف في بيان "نحن نكثّف الضربات طوال الوقت وحزب الله يدفع ثمنًا باهظًا بشكل متزايد".

ومنذ اليوم التالي للهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، تشهد الحدود اللبنانية-الإسرائيلية تبادلاً يومياً للقصف.

ويعلن حزب الله استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية دعماً لغزة و"إسناداً لمقاومتها"، ويردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.

وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله قال في خطاب الثلاثاء "عندما يقف العدوان على غزة ويقف إطلاق النار في غزة، سيقف إطلاق النار في الجنوب"، مضيفا "هوّلوا وهدّدوا وافعلوا ما تريدون، حتى شنّ الحرب (على لبنان) لن يوقف هذه الجبهة".

ومنذ بدء التصعيد، قتل 248 شخصا بينهم 177 عنصرا من حزب الله و33 مدنيا، ضمنهم ثلاثة صحافيين، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس. وفي إسرائيل، أحصى الجيش مقتل عشرة جنود وستة مدنيين.

"مسار دبلوماسي"

وترافق التوتر الأربعاء مع دعوات لتجنّب اتساع رقعة المواجهة.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر لصحافيين "ما زلنا نعتقد أن هناك مسارًا دبلوماسيًا للمضي قدمًا وسنواصل الدفع قدمًا لمحاولة حلّ هذه القضية دبلوماسيًا".

وأضاف "لا نزال قلقين من التصعيد في لبنان. أحد أهدافنا الأساسية منذ بداية هذا النزاع هو ألّا نراه يتوسّع".

وأكدت الأمم المتحدة ضرورة وقف "التصعيد الخطير" للعنف.

وقال المتحدث باسم أمينها العام ستيفان دوجاريك "التصعيد الأخير هو بالفعل خطير ويجب أن يتوقف".

وأشار الى أن قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) رصدت "تحولًا في تبادل إطلاق النار بين القوات الإسرائيلية والمجموعات المسلحة في لبنان" شمل "استهداف مناطق بعيدة عن الخط الأزرق" الذي يفصل بين إسرائيل ولبنان.

بدوره اعتبر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه أن الوضع "خطير لكنه لم يبلغ نقطة اللاعودة".

وقال أمام الجمعية الوطنية إن "فرنسا منخرطة في حلّ النزاع خصوصًا لتجنب التصعيد وحرب جديدة في لبنان".

ووفق مصادر دبلوماسية، قدّم الوزير خلال زيارة مؤخرا الى إسرائيل ولبنان، خطة للتهدئة تقوم على وقف الأعمال القتالية على جانبي الحدود وانسحاب مقاتلي حزب الله لمسافة تراوح بين عشرة الى 12 كيلومتراً من الحدود والتطبيق الكامل للقرار 1701 الذي أصدره مجلس الأمن الدولي عام 2006 لوضع حدّ لحرب بين الجانبين استمرت زهاء شهر.