عقب تغريدات أطلقتها من صنعاء.. سياسيون وناشطون: بريطانيا تكرّس سياسة الانفصال والحكومة تلتزم الصمت

شن سياسيون وناشطون حملة انتقادات غاضبة ضد السياسة البريطانية في الملف اليمني، عقب تهنئة وجهتها سفارة بلادها من العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين بمناسبة عيد الفطر المبارك على منصة أكس، متهمين إياها بتكريس سياسة الانفصال في البلاد.

وجاء نص التهنئة: "من السفارة البريطانية بصنعاء، ‎#عيدكم_مبارك"، بدلا من قولها على أقل تقدير (من اليمن) وهي امتداداً لسلسلة تغريدات أطلقتها من صنعاء، في تعارض مع السياسة الدولية بشأن اليمن الذي يواجه انقلابا حوثيا، ونقلت على أثره جميع الدول سفاراتها وقنصلياتها إلى خارج البلاد، قبل أن تعاود بعضها العمل من العاصمة المؤقتة عدن.

تلك التغريدة استفزت الكثير من الناشطين والصحفيين والسياسيين اليمنيين خاصة انها نُشرت من الحساب الرسمي للسفارة البريطانية لدى اليمن، وجاءت بعد تغريدة مماثلة تصف "السفارة البريطانية بصنعاء" بديلا عن العاصمة المؤقتة عدن وهو ما اعتبروه اعترافا ضمنيا بمليشيا الحوثي الإرهابية ومحاولة لإضفاء الشرعية لها.

وكانت السفارة البريطانية بصنعاء قد أعلنت إغلاق أبوابها في 11 فبراير/شباط 2015 بعد يوم واحد من قرار مماثل للولايات المتحدة الأمريكية لأسباب أمنية بعد الانقلاب المسلح لمليشيا الحوثي على السلطة بصنعاء وبدعم النظام الإيراني.

وتحدثت مواقع إخبارية نقلا عن مصادر دبلوماسية حينها عن اعتزامهما نقل العمل الدبلوماسي والقنصلي للسفارة من صنعاء الى العاصمة المؤقتة عدن ولكن السفير البريطاني لدى اليمن" إدموند فيتون براون" نفى ذلك واعتبرها شائعات غير صحيحة ولكنها مارست بعض نشاطاتها وأعمالها من المملكة العربية السعودية.

تبادل أدوار

وعززت تغريدات السفارة البريطانية لدى اليمن اتهامات مراقبون إن بريطانيا تدعم بشكل رئيس وسري مليشيا الحوثي، وهو ما يترجمه اليوم الواقع الملموس والفاضح وظهر بشكل علني منذ انقاذها للمليشيا عبر اتفاق ستوكهولم بعد ان وصلت القوات المشتركة الى مشارف مدينة الحديدة، مؤكدين ان "التراشقات والتصريحات البريطانية والحوثية المتبادلة ليست الا مجرد تبادل أدوار للاستهلاك الإعلامي لا أكثر".

وأثارت تلك التغريدات الكثير من التساؤلات والانتقادات الساخرة بين اليمنيين على منصة أكس (تويتر سابقا) كالتالي:

خاطب الصحفي همدان العليي السفارة البريطانية متسائلاً: "لماذا تسمون أنفسكم في (x) سفارة صنعاء وليس سفارة اليمن (الدولة) كما تسمون صفحاتكم الخاصة ببقية البلدان؟! هذا سؤال مهم نحتاج إلى إجابة عليه؟!".

وعلق وكيل وزارة العدل بالحكومة الشرعية فيصل المجيدي على التغريدة ساخراً: "كيف نخفي حبنا والشوق واحد! شعار بريطانيا مع الحوثي".

وكتب الصحفي ابراهيم عبدالقادر تعليقاً بهذا الخصوص: "ما قدرتم تخفوا العلاقة الغير شرعية بينكم وبين الجماعة؟ كل السفارات تنسب سفارتها للدولة وليس للعاصمة، وهذا اثبات التواطؤ مع الحوثيين".

الناشط ابراهيم عسقين علق هو ايضا على التغريدة قائلاً: "‏‎اللعب على المكشوف افضل اظهرتم لنا كيمنيين خبثكم ولؤمكم".

ووصف الصحفي عمار صالح التام التحالف الأمريكي البريطاني لحماية السفن بالبحر الاحمر بتهكم: بـ "تحالف ازدهار التهاني والتبريكات".

فيما علق الصحفي حمزة الجبيحي على الأمر بقوله:"مسرحيات.. والمخرج مفضوح". وقال الفنان الشعبي محمد الاضرعي معلقاً على ذات التغريدة بجملة مقتضبه:"اخيرا افتضحتوا".

واعاد الناشط نشوان ذو ريدان التذكير بماكتبه سابقاً: "قلنا لكم ان الحوثي هو الابن غير الشرعي لبريطانيا ماصدقتم".

شرعنة الانفصال

الصحفي وليد العمري وصف تغريدة السفارة البريطانية بـ:" التصرف والخروج الفاضح عن الأعراف الدبلوماسية وانتهاكا صريحا لميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة خاصة قرار 2216".

ودعا العمري "الحكومة الشرعية الى اتخاذ موقف وإجراءات قانونية وسياسية ملائمة للحفاظ على شرعيتها وسيادة واستقلال اليمن".

ورأى المواطن محمد المكمري ان تغريدات السفارة البريطانية :"جس نبض لها ما بعدها" وتسأل:"هل ستعترف بريطانيا بالحوثي، وبالتالي تشرعن للانفصال وتجعله أمر واقع؟ بريطانيا هي التي أوقفت معركة استعادة الحديده، بعد أن كانت القوات تطرق أبواب المدينة، يبدو أنها كانت تخطط منذو ذلك الحين لاعادة التشطير" - حد قوله.

من جانبها قالت الناشطة داليا محمد علي في سياق ردود المعلقين على تغريدة السفارة البريطانية:" بريطانيا اعترفت بالحوثي جهارا نهارا، ماعندها مشكله كواليس مفاوضات مسقط تشهد على ذلك، المشكله في عيال النهقه اللي صنفو بريطانيا دولة معادية وبيمارسو العشق الممنوع معاها بالسر".

واورد الناشط سلطان العباد تعليقاً ساخراً بهذا الشأن :"اهم شيء تعايدون الحوثي في الصباح وتخزنون مع بعض العصر وفي الليل تكملون مسرحية البحر الاحمر".

وأضاف:"من يحمي الحوثي هي بريطانيا ومن يسمح بتسليح الحوثي هي بريطانيا ومن منع سقوط الحوثي هي بريطانيا" - حد قوله.

واعتبر الصحفي علي العقبي تغريدة السفارة البريطانية من صنعاء التي مازالت ترزح تحت احتلال مليشيا الحوثي الانقلابية: "تطور خطير وكشف عن المستور واعتراف بريطاني بالحوثيين الارهابيين ومن وسط صنعاء؟".

وتساءل: "ما هو السر من هذا التلميح؟ هل الضربات العسكرية البريطانية مجرد مسرحية مكشوفة؟ هل نحن أمام سيناريو جديد لتقسيم اليمن ودعم الانقلاب من بريطانيا؟".

مختتماً تغريدته: "نقول لكم إن مخططاتكم ستبوء بالفشل، وسيبقى اليمن موحدًا".

فشل حكومي

واستغرب مراقبون من صمت مجلس القيادة الرئاسي والحكومة اليمنية الشرعية ووزارتي الخارجية والاعلام، تجاه السياسة البريطانية التي تتعارض مع الموقف الدولي تجاه الانقلاب الحوثي في اليمن الذي يحضى يدعم عسكري ولوجستي واستخباراتي من إيران.

وحملوا الجهات الحكومية كامل مسؤولية التخادم البريطاني الصريح مع سياسة الانقلاب الحوثي، ما يقوض نفوذ الحكومة الشرعية ومساع السلام الدولي في البلاد.

واتهموا الحكومة ووزارتي الخارجية والإعلام بالفشل الذريع تجاه التجاوزات الدولية في البلاد، وعدم مكاشفة الرأي العام المحلي والدولي بها، وإجراء تحركات رسمية توقفها وتقدمها لمحاسبة دولية.

وأشاروا إلى أن السياسة البريطانية اليوم لم تختلف عن السياسة البريطانية في اربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي، والتي كانت قد ابرمت اتفاقات وتفاهمات حينها مع النظام الامامي الكهنوتي في شمال اليمن، على أن يبسط قوته في مناطق سيطرتها مقابل الاعتراف به مقابل أن تواصل بريطانيا هيمنتها الاحتلالية جنوب اليمن.