هجمات شخصية ومعلومات مضللة... أسلحة ترامب لخوض معركة المناخ ضد هاريس
في سياق تسوده هجمات شخصية شرسة وحرب الإعلانات والإعلانات المضادة وتعثر الحملات الانتخابية، لم يبق للسباق إلى البيت الأبيض سوى مساحة ضئيلة جدا للتطرق إلى مسألة التغير المناخي، رغم أن العالم يشهد حاليا درجات حرارة غير مسبوقة والعديد من الكوارث الطبيعية. هذا ويؤكد أكثر من ثلث الناخبين المسجلين بأن الاحتباس الحراري واحد من المواضيع المهمة التي ستتحكم في خيارهم في انتخابات 2024.
تشهد حملة الانتخابات الرئاسية الأمريكية هجمات شخصية وحرب الإعلانات والإعلانات المضادة. إذ لجأ دونالد ترامب الذي يواجه كامالا هاريس بدلا من جو بايدن، في تجمعاته الانتخابية الأخيرة إلى ترداد معلومات مضللة وميمات واردة على "إكس"، بهدف إحراج نائبة الرئيس الأمريكي.
ففي هذا السياق، تحدث ترامب عن حظر غير موجود للحوم الحمراء ومواقد الغاز. وقال في 27 تموز/يوليو في تجمع انتخابي في ولاية منيسوتا "دعت كامالا إلى خفض استهلاك اللحوم الحمراء لمكافحة تغير المناخ".
وأضاف الرئيس السابق أن المرشحة الديمقراطية "ستتخلص من جميع الأبقار (..) وأعتقد أنه في مرحلة ما، سيلاحقون البشر"، مكررا نظريات المؤامرة حول "انخفاض عدد السكان" والتي تنسب إلى هاريس في المساحات اليمينية منذ تناولت قضية "القلق المناخي" بين الأجيال الأصغر سنا في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض العام الماضي.
وبدوره، قال جاي دي فانس المرشّح لمنصب نائب الرئيس على بطاقة ترامب في 3 آب/اغسطس في أتلانتا إن هاريس "ترغب في أخذ مواقد الغاز خاصتكم، وتريد حتى حرمانكم القدرة على تناول اللحوم الحمراء".
هذا، وأصبحت هذه الادعاءات محطّ اهتمام عبر منصة "إكس" بتشجيع من المعلقين المحافظين في الولايات المتأرجحة والحسابات المؤيدة لترامب.
أما الواقع فهو أن هاريس لم تعلن أي تعهد مماثل خلال حملتها الانتخابية.
"تحريف مواقف الخصم"
فقد استخدمت موقد غاز للطهو، وقالت أمام لجنة بيئية عام 2019 إنها تحب تناول "البرغر بالجبن من وقت لآخر" على الرغم من دعمها لفكرة تحديث الإرشادات الغذائية.
ويقول إدوارد مايباخ مدير مركز اتصالات تغير المناخ في جامعة جورج مايسون إن "التكتيك المعتمد في السياسة يقضي بتحريف مواقف الخصم لجعلها تبدو متطرفة وغير مقبولة. وهذا بالضبط ما يقوم به ترامب وفانس مع مواقف نائبة الرئيس هاريس بشأن العمل المناخي."
"احفر يا عزيزي احفر"
وبالإضافة إلى تداول وترداد الأخبار الكاذبة، ينتقد ترامب وفانس مواقف هاريس في قضايا مثل التكسير الهيدروليكي، وهي تقنية استخراج النفط والغاز من تحت الأرض والتي تسبب اضطرابات عنيفة.
وكانت هاريس قد دعت في 2019 إلى حظر هذه الممارسة، قبل أن تترشح لمنصب نائب الرئيس للانتخابات الرئاسية عام 2020.
كما سعت مؤخرا إلى تجنب الأسئلة حولها، خصوصا في ولاية بنسيلفانيا المتأرجحة الحاسمة وحيث يعد التكسير الهيدروليكي عنوانا مهما.
أما نشطاء المناخ فغالبا ما يشيدون بهاريس، وخصوصا انطلاقا من دعوتها إلى ملاحقة شركات النفط عندما كانت تشغل منصب المدعية العامة لولاية كاليفورنيا.
ويشار أيضا إلى أن إدارة بايدن دفعت نحو التحول إلى مجال الطاقة المتجددة عبر إمرار قانون خفض التضخم، وهو أكبر استثمار في الحد من تلوث الكربون في تاريخ الولايات المتحدة.
لكن ترامب عارض التشريع بشدة، وتبنى شعار "احفر يا عزيزي احفر" تلخيصا لنهجه الصديق للوقود الأحفوري.
"تكتيك تخويف سخيف"
ومن جهتها، قالت رابطة الناخبين من أجل الحفاظ على البيئة لوكالة الأنباء الفرنسية إن تضخيم حملة ترامب للمعلومات المضللة عن "الحظر الواسع النطاق" يشكل "تكتيك تخويف سخيفا"، هدفه تقويض ما تم إحرازه من "تقدم" في الآونة الأخيرة.
أما المتحدثة باسم هاريس، لورين هيت، فلم تتطرق إلى ادعاءات محددة لترامب وفانس، واكتفت بالقول إن المرشحة الديمقراطية "تركز على مستقبل يتمتع فيه جميع الأمريكيين بهواء نظيف ومياه نظيفة وطاقة موثوقة وبأسعار معقولة."
وفي الوقت ذاته، رفض ترامب مرارا وتكرارا الأخطار الناجمة عن تغير المناخ. إذ صرّح في مقابلة مع إيلون ماسك في منتصف آب/أغسطس بثت على موقع "إكس"، قائلا إن "التهديد الأكبر ليس الاحتباس الحراري، لأن ارتفاع مستوى المحيطات لن يتجاوز ثمن بوصة على مدار الأربعمئة عام المقبلة". علما أن ماسك كان قد أعلن دعمه لترامب في هذه الانتخابات في تموز/يوليو الماضي.
ويؤكد مايباخ أن "هذا التكتيك سيأتي بنتائج عكسية لدى الناخبين غير الملتزمين، كون معظمهم قلقين بشأن تغير المناخ." كما يرى أن "هجوم ترامب وفانس على نائبة الرئيس هاريس بسبب مواقفها من ملف المناخ سيعود عليهما بالضرر ولن يفيدهما".
فبحسب استطلاع أجراه أخيرا برنامج "يال" للاتصالات حول تغير المناخ، فإن أكثر من ثلث الناخبين المسجلين يؤكدون أن الاحتباس الحراري واحد من المواضيع المهمة التي ستتحكم في خيارهم في انتخابات 2024.