فساد الوديعة المليارية .. وبداية مسلسل انهيار العملة اليمنية

كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة فساداً ممنهجاً في مصارفة الوديعة السعودية ومصارفة احتياطيات البنك المركزي في عدن من العملات الأجنبية، ما تسبب في خسائر مالية فادحة على الاقتصاد اليمني، وساهمت في انهيار سعر صرف الريال اليمني أمام العملات الاجنبية وانعدام الثقة في المؤسسات المالية اليمنية.

فساد حولت فيه هوامير الفساد الوديعة السعودية من عامل للحفاظ على قيمة العملة الوطنية، إلى بداية الانهيار والذي وصل إلى مستويات تاريخية من التردي، كما حولت مؤسسات الدولة من أدوات للتخفيف من معاناة المواطنين إلى سوط لمفاقمة أوجاعهم والتربح من معاناتهم. حيث أن الوديعة كانت مخصصة لدعم فواتير استيراد السلع والتدخل في السوق للمحافظة على قيمة العملة الوطنية، فيما النتائج تؤكد أن السلع بيعت للمواطنين بأسعار الدولار غير المدعم، وانهارت العملة وفقدت قوتها الشرائية.

تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة (رقم 32 بتاريخ 10 فبراير 2019) كشف عن تلاعب بأسعار الصرف وغسيل الأموال من خلال تعاملات بين البنك المركزي وعدد من البنوك أبرزها، بنك التضامن الإسلامي، مصرف الكريمي الإسلامي، البنك الأهلي اليمني، بالتواطئ مع قيادات نافذة في الحكومة.

وتضمنت عمليات التلاعب بأسعار الصرف عددا من العمليات حيث باع بنك التضامن الإسلامي الريال السعودي للبنك المركزي بأسعار تفوق أسعار السوق، مما أدى إلى فوارق كبيرة في الأسعار وصلت إلى 1.56 مليار ريال يمني في إحدى العمليات.

ففي 28 نوفمبر 2018، باع بنك التضامن 27.56 مليون ريال سعودي بأسعار مختلفة لنفس اليوم (142 ريال، 136 ريال، 141 ريال)، في حين كان سعر السوق 132.25 ريال.

وفي 22 نوفمبر 2018، تم بيع 28 مليون ريال سعودي بأسعار متضاربة بين 169 و157 ريال، بينما كان سعر السوق 146.75 ريال، بفارق قدره 438 مليون ريال يمني.

كما كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة عن تضارب واضح في مبالغ الريال السعودي المباعة والمبالغ الموردة في حساب البنك المركزي بالخارج (البنك الأهلي السعودي)، ناهيك عن غياب الشفافية في توريد الأموال إلى الحسابات الخارجية للبنك المركزي، فيما عمليات توريد العملة إلى حسابات البنك المركزي في الخارج لم تظهر في حساب خزينة الريال السعودي في عدن، مما يثير شبهة إخفاء معلومات.

وفي جانب الفساد بين البنك المركزي وبنك الكريمي بلغ عدد عمليات شراء ريال سعودي من الكريمي (39 ) عملية لشراء ما قيمته 704,000,000 ريال سعودي وبقيمة اجمالية 110,442,500,000.00 ريال يمني وكان يتم الشراء بسعر أكبر من سعر السوق بنسب مختلفة وبلغ اجمالي الفساد والاحتيال والاكتساب غير المشروع لشراء الريال السعودي من مصرف الكريمي الاسلامي مبلغ 9,627,885,557.16 ريال

كما بلغ عدد عمليات بيع سعودي الى الكريمي (15 ) عملية لشراء ما قيمته 147,006,200 ريال سعودي وبقيمة اجمالية 21,529,293,600.00 ريال يمني يمني وكان يتم بيع الريال السعودي بسعر اقل من سعر السوق بنسب مختلفة وبلغ اجمالي الفساد والاحتيال والاكتساب غير المشروع لشراء الريال السعودي من مصرف الكريمي الاسلامي مبلغ 893,343,037.42 ريال يمني.

وبلغ عدد عمليات شراء دولار أمريكي من الكريمي (7) عملية لشراء ما قيمته 21,500,000 دولار امريكي وبقيمة اجمالية 11,039,500,000.00 ريال يمني وكان يتم الشراء بسعر اكبر من سعر السوق بنسب مختلفة وبلغ اجمالي الفساد والاحتيال والاكتساب غير المشروع لشراء الدولار الامريكي من مصرف الكريمي الاسلامي مبلغ 579,500,000.00 ريال يمني.

وكشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن عمليات تحايل في عمليات المصارفة حيث كان يتم تقديم العديد من طلبات الشراء والبيع في نفس اليوم وبأسعار صرف مختلفة للريال السعودي وكذلك الدولار الامريكي وهذا يدل بما لا يدع مجال للشك بوجود احتيال واضح وجرى واكتساب غير مشروع يعاقب عليها القانون والجدول أعلاه يوضح ذلك وشهد يوم 29/11/2018 اكبر عمليات احتيال واكتساب غير مشروع بلغ 3,855,805,486.45 ريال لعدد 13 عملية

وبحسب تقرير الجهاز المركزي فقد بلغ اجمالي الاحتيال والاكتساب غير المشروع عبر عمليات المصارفة مع مصرف الكريمي الاسلامي والتي ثبت فيها الفساد مبلغ 11,100,728,594.58 ريال يمني.

ويؤكد مراقبون أن عمليات الفساد هذه تركت تداعيات سلبية من ناحية تدهور قيمة العملة المحلية نتيجة المضاربة غير المشروعة، وإضعاف الثقة في البنك المركزي كجهة تنظيمية رئيسية، وتقويض استقرار الأسواق الاقتصادية.

وشددوا على ضرورة محاسبة الإدارة التنفيذية للبنك المركزي، وإخضاع كافة العمليات المالية مع مصرف الكريمي وبنك التضامن لتدقيق شام، و إعادة هيكلة مجلس إدارة البنك المركزي وتوظيف كوادر مؤهلة، و تعزيز نظام الرقابة الداخلية للبنك المركزي وضمان توثيق كافة العمليات المالية، و فتح تحقيق شامل حول شبهة الإثراء غير المشروع وغسيل الأموال.