الصين تدرس خيار استحواذ إيلون ماسك على "تيك توك" في أميركا

أميركية تحمل لافتة خارج المحكمة العليا الأميركية في واشنطن التي تنظر دعوى TikTok وشركتها الأم ByteDance لمنع قانون يهدف لفرض بيع التطبيق بحلول 19 يناير في الولايات المتحدة. 10 يناير 2025 - REUTERS

يدرس مسؤولون صينيون خياراً محتملاً يتضمن استحواذ إيلون ماسك على عمليات تطبيق "تيك توك" في الولايات المتحدة، في حال فشل الشركة بالتصدي لحظر "مثير للجدل" يستهدف تطبيق مقاطع الفيديو القصيرة، حسبما نقلت "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة على الأمر.

وقالت المصادر إن المسؤولين في بكين يفضلون "بشدة" بقاء "تيك توك" مملوكاً لشركته الأم، "بايت دانس"، التي تسعى للطعن في الحظر الوشيك من خلال استئناف أمام المحكمة العليا الأميركية، لكن القضاة أشاروا خلال جلسة الاستماع التي عُقدت في 10 يناير الجاري إلى أنهم يميلون لتأييد القانون.

وأضاف المطلعون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم للتحدث عن مناقشات سرية، أن مسؤولين صينيين كبار بدأوا بالفعل مناقشة خطط بديلة لمصير "تيك توك"، كجزء من نقاش موسع حول التعامل مع إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب. وكان من بين هذه الخطط خياراً يتضمن بيع عمليات التطبيق في الولايات المتحدة لصالح إيلون ماسك.

وأوضحت المصادر أن إبرام صفقة "رفيعة المستوى" مع أحد أقرب حلفاء ترمب يحظى بـ"بعض القبول" لدى للحكومة الصينية، التي يُتوقع أن يكون لها رأي في قرار بيع "تيك توك".

وأنفق ماسك أكثر من 250 مليون دولار لدعم حملة إعادة انتخاب ترمب، واُختير للعب دور بارز في تحسين كفاءة الحكومة بعد تولي الجمهوريين السلطة.
السيناريوهات المطروحة

ويتضمن أحد السيناريوهات، التي ناقشتها الحكومة الصينية، إمكانية استحواذ شركة "إكس" التابعة لماسك، والمعروفة سابقاً باسم "تويتر"، على عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة وتشغيلها بشكل مشترك، وفق "بلومبرغ"، التي ذكرت أن "تيك توك"، الذي يضم أكثر من 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، يمكن أن يسهم في تعزيز جهود "إكس" لجذب المعلنين.

كما قد تستفيد شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لماسك، "xAI"، من كميات البيانات الضخمة التي يولدها "تيك توك".

وحتى الآن، لم تصل المناقشات بين المسؤولين الصينيين إلى أي "توافق قوي في الآراء" بشأن المضي قدماً في هذا السيناريو، ولا تزال في مراحلها الأولى، وفقًا للمصادر. كما أنه ليس من الواضح مدى معرفة "بايت دانس" بهذه المناقشات أو ما إذا كان "تيك توك" وماسك قد شاركا فيها.

ولم يتضح أيضاً ما إذا كان ماسك و"تيك توك" و"بايت دانس" قد أجروا أي محادثات حول شروط أي صفقة محتملة، بحسب "بلومبرغ"، التي أشارت إلى أن ماسك نشر في أبريل أنه يرى ضرورة بقاء "تيك توك" متاحاً في الولايات المتحدة.

وكتب ماسك على "إكس": "في رأيي، لا ينبغي حظر تيك توك في الولايات المتحدة، حتى لو كان ذلك قد يعود بالنفع على منصة إكس. مثل هذا الحظر يتعارض مع حرية التعبير وما تمثله أميركا".
مصير "تيك توك"

وقال الأشخاص المطلعون إن المناقشات في بكين تشير إلى أن مصير "تيك توك" قد لا يكون بالكامل في يد "بايت دانس". ويدرك المسؤولون الصينيون أنهم سيواجهون مفاوضات صعبة مع إدارة ترمب حول قضايا مثل الرسوم الجمركية، والضوابط على الصادرات، وقضايا أخرى. ويرون أن المحادثات الخاصة بـ"تيك توك" قد تكون فرصة "للتوصل إلى تسوية".

وتحتفظ الحكومة الصينية بما يسمى بـ"السهم الذهبي" في إحدى الشركات التابعة لـ"بايت دانس"، ما يمنحها تأثيراً على استراتيجية الشركة وعملياتها، لكن "تيك توك" يؤكد أن هذا التأثير يقتصر فقط على شركة تابعة داخل الصين ولا يؤثر على عمليات "بايت دانس" خارج البلاد.

ومع ذلك، تمنع القواعد الصينية لتصدير البرمجيات الشركات المحلية من بيع خوارزمياتها، بما في ذلك خوارزمية "تيك توك". لذا، يتطلب أي بيع موافقة الحكومة الصينية، حسبما ذكرت "بلومبرغ".

وفي العام الماضي، قدّر مانديب سينج وديميان رايمرتز، المحللان في "بلومبرغ إنتلجنس"، قيمة عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة بما يتراوح بين 40 و50 مليار دولار، وهو ما وصفته الوكالة بأنه "مبلغ كبير حتى بالنسبة لأغنى شخص في العالم".

وقالت "بلومبرغ" إنه لم يتضح بعد كيف سيمول ماسك هذه الصفقة حال إتمامها، أو ما إذا كان سيتطلب بيع أصول أخرى أو الحصول على موافقة الحكومة الأميركية.

وكان ماسك قد اشترى "تويتر" (الذي تغير إسمه الآن إلى "إكس") مقابل 44 مليار دولار في عام 2022، ولا يزال يسدد قروضاً كبيرة. 
سمعة إيجابية

ويحظى ماسك بسمعة "إيجابية" بين العديد من موظفي "بايت دانس" في الصين، حيث يُنظر إليه كرائد أعمال ناجح لديه خبرة في التعامل مع الحكومة الصينية من خلال شركته "تسلا"، وفقاً لشخص مطلع على الأمر.

من جانبهم، أكد قادة "بايت دانس" مراراً أن أولويتهم هي مقاومة التشريعات الأميركية التي تطالب الشركة، ومقرها بكين، ببيع أو إغلاق عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة بدعوى مخاوف تتعلق بالأمن القومي.

ويقول محامو "تيك توك" إن التشريع ينتهك قوانين حرية التعبير بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.

واقترح غالبية قضاة المحكمة العليا أن تكون الأولوية للمخاوف الأمنية على حساب حرية التعبير، في حين لم يصدروا قراراً رسمياً بعد.

أما ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير، فقد سعى إلى تأجيل حظر "تيك توك" المقرر دخوله حيز التنفيذ في 19 يناير، بهدف منح نفسه وقتاً للتفاوض.

وقال ترمب إنه يريد "إنقاذ" التطبيق، وسط تكهنات بأنه قد يتخذ إجراءات في اللحظة الأخيرة لتجنب تنفيذ الحظر، بحسب "بلومبرغ".

وقالت "بلومبرغ" إن فصل عمليات "تيك توك" في الولايات المتحدة سيكون عملية "معقدة للغاية"، تتأثر بها المساهمات في كل من الصين والولايات المتحدة.

وقال أحد المطلعين إن البدائل المحتملة تشمل نقل المستخدمين الأميركيين الحاليين إلى تطبيق مماثل يحمل علامة تجارية مختلفة. ومع ذلك، لا يزال من غير المؤكد مدى فعالية هذه الخطوة.

وقال شخص مقرب من الشركة، اشترط عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الاستراتيجية، قبل جلسة المحكمة العليا إن المعركة القانونية لا تزال هي محور اهتمام كبار التنفيذيين، وأنهم يفضلون الاستمرار في القتال داخل الولايات المتحدة بدلاً من بيع "تيك توك" في أميركا والتخلي عن السيطرة بشكل نهائي.