27 أبريل.. محطة مضيئة في مسار الديمقراطية اليمنية
في السابع والعشرين من أبريل عام 1993، سجلت الجمهورية اليمنية محطة فارقة في تاريخها الحديث، بإجراء أول انتخابات برلمانية حرة ومباشرة، شارك فيها أبناء الشعب اليمني لاختيار ممثليهم في البرلمان عبر صناديق الاقتراع. كان ذلك اليوم بمثابة إعلان رسمي لدخول اليمن عصر الديمقراطية التعددية، وترسيخ تجربة سياسية رائدة في المنطقة.
مثل يوم 27 أبريل تجسيدًا عمليًا للإرادة الشعبية الحرة، حيث أتاحت الانتخابات للمواطنين ممارسة حقوقهم الدستورية في اختيار من يمثلهم، ليس فقط في السلطة التشريعية، بل لاحقًا أيضًا في المجالس المحلية، وحتى في الموقع السيادي الأرفع: رئاسة الجمهورية.
كما فتحت الطريق أمام جميع القوى السياسية والحزبية للتنافس العلني عبر برامج انتخابية، في مناخ ديمقراطي يقوم على التعددية السياسية وحرية التعبير.
ومنذ ذلك التاريخ، شهد اليمن سلسلة من التجارب الديمقراطية، سواء في الانتخابات البرلمانية أو المحلية أو الرئاسية، حظيت بإشادات دولية، وأكدت أن الشعب اليمني قادر على التعبير عن خياراته بحرية ومسؤولية.
وأثبتت التجربة أن الديمقراطية كانت وستظل قارب النجاة لليمن، ولأي شعب يسعى لبناء دولته على أسس من العدالة والمساواة وسيادة القانون. فحين تكون صناديق الاقتراع هي الحكم، تتقدم الأوطان، وحين يغيب صوت الشعب، تحل الكوارث وتنفتح أبواب العنف والفوضى.
غير أن هذه المسيرة الديمقراطية لم تدم طويلًا دون انتكاسات. فقد تعرض النهج الديمقراطي لضربات موجعة بدأت بالانقلاب على الشرعية الدستورية في عام 2011، عندما أدت حالة الفوضى إلى الإطاحة بتوافقات دستورية وسياسية أساسية. وتفاقمت المأساة مع انقلاب ميليشيا الحوثي في سبتمبر 2014، الذي انقلب على الإرادة الشعبية بقوة السلاح، وأجهض مكتسبات ثورتي سبتمبر وأكتوبر، وأعاد اليمن إلى دوامة الصراعات التي كان قد بدأ يتعافى منها.
اليوم، وبعد أكثر من عقد من تلك الانتكاسات، لا تزال اليمن تدفع ثمناً باهظًا، إذ يعيش شعبها تداعيات الحرب والانهيار الاقتصادي والمأساة الإنسانية الأسوأ عالميًا. تحولت منجزات كانت تزين وجه الوطن إلى أطلال، وباتت الحاجة أكثر إلحاحًا للعودة إلى المشروع الديمقراطي، باعتباره الطريق الآمن نحو السلام والتنمية والاستقرار.
في ذكرى السابع والعشرين من أبريل، تتجدد الدعوة لاستعادة النهج الديمقراطي بوصفه خيارًا وحيدًا للخروج من النفق المظلم، واستئناف بناء الدولة اليمنية الحديثة التي تكفل الحقوق وتصون الحريات وتحمي السيادة الوطنية.