انهيار تاريخي للريال اليمني خلال السنوات الخمس الماضية
أفاد تقرير حديث صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بأن الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دوليًا فقد نحو 72% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي خلال السنوات الخمس الماضية، وسجل انخفاضًا بنسبة 30% على أساس سنوي.
وأوضح التقرير أن العملة واصلت تراجعها خلال الربع الأول من العام الجاري، لتبلغ أدنى مستوى تاريخي لها عند 2,351 ريالًا للدولار الواحد بنهاية مارس 2025، رغم الوديعة السعودية البالغة 500 مليون دولار المقدمة في أواخر العام الماضي.
ارتفاع قياسي في أسعار الغذاء والوقود
أدى الانخفاض الحاد في قيمة العملة المحلية إلى موجة تضخم شديدة في أسعار السلع والخدمات بمناطق الحكومة، حيث أشار التقرير إلى ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 18%، والديزل بنسبة 33% على أساس سنوي.
كما بلغت أسعار المواد الغذائية أعلى مستوياتها على الإطلاق، بزيادة سنوية قدرها 28% مقارنة بذات الفترة من عام 2024، مما ضاعف من معاناة المواطنين في ظل تراجع القدرة الشرائية.
أسباب متعددة وراء تدهور العملة
يعزو برنامج الأغذية العالمي تدهور العملة المحلية إلى جملة من العوامل أبرزها: انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي اليمني في عدن، وتوقف صادرات النفط الخام منذ أكتوبر 2022 بسبب الهجمات الحوثية، فضلًا عن تراجع التحويلات المالية الخارجية، التي كانت تمثل مصدر دعم أساسي للاقتصاد اليمني.
استقرار نسبي للعملة في مناطق الحوثيين وسط تحديات خفية
وفي المقابل، أشار التقرير إلى أن سعر صرف الريال اليمني في مناطق سيطرة جماعة الحوثي ظل مستقرًا خلال مارس الماضي، بفضل الإجراءات النقدية الصارمة كمنع تداول الطبعات الجديدة من العملة.
إلا أن هذا الاستقرار يخفي خلفه تحديات اقتصادية عميقة، من بينها أزمة سيولة خانقة، وتراجع احتياطيات النقد الأجنبي، إلى جانب اضطرابات في العمليات المصرفية الدولية نتيجة تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة.
بنوك تغادر صنعاء هربًا من العقوبات
كشف التقرير عن تحركات مصرفية لافتة، حيث أبلغت ثمانية بنوك تعمل من العاصمة صنعاء البنك المركزي في عدن بنيتها نقل مقراتها وعملياتها إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، تفاديًا للعقوبات المرتبطة بالتصنيف الأمريكي.
كما أشار إلى أن سلطات الحوثيين بدأت بفرض قيود متزايدة على موظفي القطاع المصرفي، من بينها منعهم من السفر إلى مناطق الحكومة الشرعية، ما يعمق الانقسام المصرفي في البلاد.
تحذير من انهيار اقتصادي شامل
يحذر مراقبون اقتصاديون من أن استمرار التدهور في قيمة العملة وارتفاع أسعار المواد الأساسية ينذر بانزلاق اليمن نحو انهيار اقتصادي شامل، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة لإعادة تصدير النفط، وتثبيت النظام المصرفي، وضمان تدفق الدعم الخارجي والتحويلات المالية.