إلى الرئّيس النَّبيل لَسنا بِخيْر

في مثل هذا اليوم المشؤوم، أدرك المتآمرون ومن يقف خلفهم من قوى الشر والهدم، أن بقاءك رئيسًا على قيد الحياة سيُفشل مشروعهم الذي يهدف لهدم الدولة، ليس بوصفك نظام حكم فحسب، بل لإدراكهم أنك كنت كيانًا جامعًا للعيش المشترك بين جميع أبناء الشعب.

في مثل هذا اليوم، قبل أربع عشرة سنة، التقت إرادة مدمري الدولة مع رغبة المنافقين الذين ارتدوا أقنعة متعددة، وتواروا خلف واجهات سياسية ودينية وطائفية ومناطقيةً مقيتة، ليرتكبوا جريمة اغتيال وطن اسمه اليمن، كان يحرسه زعيم بقامته الوطنية المتسامحة اسمه علي عبدالله صالح.

عندما نطقت عبارتك الخالدة “أنا بخير ما دمتم بخير” بينما كانت سهام الغدر قد غرزت في جسدك البارود والشظايا والنبران شعرنا معها بأنك، في تلك اللحظة قد تساميت على الجراح والآلام، وتجلّيت صامدًا رغم انك كنت تواجه الموت وكما قال المتنبي: تكسرت النصال على النصال، ورغم فداحة الجرح وضعت اليمن ومستقبله ووحدته أولا بدلا من رغبة الانتقام، والثأر، لأنك أبيت أن تهبط إلى مستوى الذين غدروا بك وان تكون أرفع منهم كما عودتنا.

اسمح لي أيها الزعيم الراحل والرئيس النبيل، أن أقول لك اليوم وبكل أسى: نحن لسنا بخير، لأن اليمن الذي رسمته لنا وطنا شامخا بتاريخه ومستقبله  نراه اليوم يتشظى ويتهاوى.
لسنا بخير، لأن اليمن اصبح اليوم ضحية لحروب بالوكالة واصحاب المصالح، الذين باعوا الوطن خدمة لقوى خارجية لا ترى في اليمن إلا ساحة لمشاريعها.

لسنا بخير، لأن صنعاء أقدم مدن التاريخ ضاقت بأهلها، وتحولت من موطن للحضارة إلى أرضٍ للموت والجوع والقهر، لأن شعبك الذي أردت له العزة والكرامة، يُسحق اليوم وتهدر إنسانيته.
لسنا بخير، لأن مقدّرات الوطن تُدمّر أمام أعيننا: مطارات، طائرات، موانئ، كهرباء، مياه، بنية تحتية، كل شيء يتهاوى.

اليمن تئن وتشكو إلى الله، بعد أن فقدت صوت القائد  الذي كان يسمع أنينها، ويعالج وجعها، ولذا فإن الأوطان تبقى بعد زعمائها، لكنك لم تكن زعيمًا عاديًا، بل وطنًا تجسد في شخص زعيم.

كنا نفخر بك أمام العالم: تاريخًا وإنسانًا، كرامة، وأمنًا، واستقرارًا. اليوم، بعدك، فقدنا كل شيء، فلا نرى بنيانا،  ولا سيادة، لا ديمقراطية ولا تعليم، لا مرتبات لا حقوق ولا خدمات، لا أمن ولا استقرار، فقدنا في غيابك السياج الذي حمانا من الكثير من المؤامرات والصراعات.

نحن لا نشعر بالحنين إلى عهدك فحسب، بل كما يقول بسطاء هذا الشعب: “يا ليت يعود يوم من أيامك، أيها الرئيس النبيل، ستظل ذكراه خالدة في نفس كل يمني أحب وطنه.

اطمئن اننا لن ننساك وسنعمل بوصيتك التي  نسجت حروفها بدمك بأن عز اليمن وقوته في وحدة أبناءه واننا رغم كل ما يقول الحاقدون لن ننسى إنجازاتك العظيمة وتاريخك الناصع، وحرصك على الوطن، وحكمتك ومرونتك وشعبيتك الكبيرة.

لذلك ستظل جريمة دار الرئاسة وكل الجرائم التي حلت بالوطن، غير قابلة للسقوط بالتقادم وسيحاسب كل من شارك فيها، وستأخذ  العدالة مجراها ولو بعد حين.