عبده.. محرر القدس من ميدان السبعين!

يبدو أن عبدالملك الحوثي ما زال يعتقد أن القُدس تُفتح من ميدان السبعين، وأن صاروخاً عابراً اللمقابر أُطلق من فج عطان هو من أرعب تل أبيب وجعل نتنياهو يتوسل الهدنة على أبواب القاهرة!

أمس، دعا عبده من الكهف أنصاره للاحتشاد احتفالاً بالنصر المؤزر في غزة، وكأن الخرق الخضراء رُفعت فوق أسوار الأقصى بفضل صرخة من صعدة، لا بمفاوضات وقف إطلاق نار قادتها مصر وسط صمت مطبق من كهوف مرّان.

توقفت الحرب في غزة، نعم، بشهادة العالم…

وبشهادة الفلسطينيين أنفسهم، الذين غصّت حساباتهم على مواقع التواصل برسائل الشكر لمصر، قيادةً وشعباً.

أما جماعة الحوثي، فغصّت مشاعرهم بالمرارة! كيف يشكرون مصر؟ أين ذكر اسم الزعيم الملهم، وولي الله فاتح العواصم من خلف الستار، عبدالمجيد الأول… عفواً، عبدالملك!

المضحك أن الحوثيين لم يشاركوا بحبة أرز، ولا ببطانية، ولا بتبرع واحد رسمي لصالح غزة، ومع ذلك أقاموا مهرجان النصر بعد صلاة الجمعة، كأنهم أصحاب المدد الإلهي، والسر الرباني، والـ"واي فاي" الثوري الموصول مباشرةً بالمقاومة!

بينما الناس في صنعاء وعمران وذمار وإب والحديدة يئنّون من الجوع، وانقطاع الرواتب، وانهيار الخدمات، وفرض الجبايات والإتاوات دعاهم السيد للاحتفال بـنصر غزة، كأنهم كانوا يقاتلون في الشجاعية لا في طوابير البؤس والحرمان والظلم والمعاناة!

ومما يُضاعف المفارقة أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تضمن أيضاً إطلاق الأسرى الفلسطينيين، بينما زنازين عبدالملك الحوثي تكتظّ بآلاف اليمنيين المختطفين: سياسيين وصحفيين وناشطين وأكاديميين وأطباء ومحامين ومهندسين ومعلمين وخطباء ووجاهات اجتماعية وتجار.

أي مفارقة أبلغ من أن تُطلق المقاومة سراح أسراها، بينما عبده وزنابيله يحتفلون بنصرة غزة وهم يسجنون أبناء وطنهم بلا تهمة سوى أنهم تنفّسوا خارج المذهب!

مشكلة الحوثي أنه يتعامل مع قضايا الأمة كغطاءٍ لحكمه، لا كقضية نضال.

فهو يحب فلسطين تماماً كما يحب الجلاد ضحيته قبل أن يشحذ السكين.

كلامه عن القدس لا يُسمع إلا حين يُريد خنق صنعاء، وتغييب مظالم أبناء الحديدة وتغطية الصورة عما يحدث من موجة اختطافات لخيرة أبناء إب

 وشعاراته عن العروبة لا ترتفع إلا حين يُريد ابتلاع الدولة.

والآن، بعد أن حظي السيسي بالشكر الفلسطيني، أصيب الحوثيون بحالة حموضة سياسية، وانزعاج في القولون الثوري، وطفح جلدي مقاوم!

كيف يشكرون السيسي؟! أين فضل الـ"زلزال 3" الذي لم يُطلق إلا في القصص الحوثية؟!

في الختام نقول لعبدالملك:

يا عبده، إذا كنت قد حررت غزة من ميدان السبعين، فحرر صنعاء أولاً من لصوصك وارفع يدك ويدهم عن حقوق وممتلكات الناس وانتصر للحريات والرواتب، وتوقف عن الانتهاكات والاختطافات، والصرخات الخائفة في الليل!

وصدقوني…

لو تُركت القدس للحوثيين، لتحولت إلى نقطة تفتيش، ومقيل زوامل، ومسيرة قرآنية "تحيي ذكرى الغزوة" كل أسبوعين!