اليمنيون يحتفلون بالعيد الـ62 لثورة 14 أكتوبر: وحدة النضال في وجه الانقسام
يحتفل اليمنيون، اليوم، بالعيد الـ 62 لثورة الـ14 من أكتوبر المجيدة، التي وضعت حداً لأكثر من 130 عاماً من الاحتلال البريطاني في جنوب البلاد، وأعلنت ميلاد فجر جديد من الحرية والاستقلال، لتظل شاهداً على إرادة شعبٍ كافح في سبيل الكرامة والسيادة الوطنية.
انطلقت شرارة الثورة من جبال ردفان محافظة لحج في الرابع عشر من أكتوبر 1383هـ / 1963م، بقيادة رجال آمنوا بأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع، فواجهوا واحدة من أعظم القوى الاستعمارية بإرادة صلبة وإيمان راسخ بعدالة قضيتهم، حتى تحقق النصر في 30 نوفمبر 1387هـ / 1967م بخروج آخر جندي بريطاني من أرض الوطن.
مثّلت ثورة أكتوبر المجيدة تتويجاً لمسيرة النضال الوطني الممتدة منذ ثورة 26 سبتمبر 1382هـ / 1962م في شمال اليمن، إذ توحدت الجبهتان الشمالية والجنوبية في معركة الخلاص من الاستبداد والاستعمار، لتؤكد وحدة المصير اليمني وتلاحم نضالات أبنائه في سبيل التحرر وبناء الدولة الحديثة.
ويرى المؤرخون أن الثورة لم تكن عملاً عفوياً، بل نتاجاً لحراك وطني منظم شاركت فيه مختلف القوى السياسية والقبلية والقومية، حيث ساهم نجاح ثورة سبتمبر في تهيئة المناخ لانطلاق ثورة أكتوبر، فيما مثلت صنعاء وتعز وإب والحديدة قاعدة دعم لوجستي وفكري لثوار الجنوب، الذين وحدوا صفوفهم تحت راية "جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل" بقيادة المناضلين قحطان الشعبي وفيصل عبداللطيف وغيرهما من رموز الكفاح الوطني.
وخلال أربع سنوات من النضال المسلح، خاض الثوار مواجهات بطولية في ردفان وعدن والضالع ولحج، قدموا خلالها التضحيات الجسيمة، وحققوا نصراً وطنياً كبيراً أنهى مشروع السلطنات والمشيخات التي حاول الاستعمار ترسيخها لتفتيت الجنوب. وبانتصار الثورة، وُضعت أسس الدولة الوطنية الحديثة، وتحرر الإنسان اليمني من قيود التبعية والعبودية.
وكان للمرأة اليمنية حضور بارز في مسيرة الثورة، حيث شاركت في المظاهرات وتقديم المؤن والدعم للمقاتلين ونقل الرسائل الثورية، ما أسهم في نيلها موقعاً متقدماً في مرحلة ما بعد الاستقلال ومشاركتها في العمل السياسي والاجتماعي والعسكري.
ويؤكد اليمنيون اليوم أن الذكرى الـ62 لثورة أكتوبر تأتي في ظل تحديات جسيمة تواجه البلاد، أبرزها استمرار الانقسام الناتج عن انقلاب مليشيا الحوثي في الشمال، وما أفرزه من تهديدات تمس وحدة اليمن وهويته الوطنية، وسط محاولات لإحياء مشاريع الانفصال التي تتنافى مع جوهر أهداف الثورتين سبتمبر وأكتوبر.
ويرى مراقبون أن الحفاظ على وحدة اليمن ومكتسباته الثورية يتطلب استعادة الدولة ومؤسساتها، وتوحيد الصف الجمهوري لمواجهة مشروع التمزيق، والتمسك بقيم الحرية والمواطنة والمساواة التي نادت بها الثورتان، باعتبارها السبيل الأمثل لبناء يمن موحد آمن ومستقر يحفظ دماء وتضحيات الأجداد ويصون مستقبل الأجيال القادمة.