المعلم اليمني بين الجوع والحرمان.. صمود يهدد مستقبل الأجيال
ترقى الأمم بالمعلم، وعلى يديه يزول الجهل والألم، وتتحقق الأحلام وتسمو القيم. لكن في اليمن، تبدو الصورة معكوسة؛ فالمعلم يعاني، وديونه تثقل كاهله، وهمومه تتضاعف، ومرتباته مقطوعة لأشهر وسنوات.
يعيش المعلم في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية حالة من الحسرات والندم بسبب سوء الاختيار الذي فرضه الواقع، بينما في مناطق سيطرة الحكومة، يواجه معلمو اليمن نفس المعاناة الاقتصادية وسط راتب لا يكفي لتلبية أبسط احتياجات أسرهم.
يقول تربويون لوكالة خبر، المعلم ليس ناقل معرفة فحسب، بل حجر الزاوية في تشكيل وعي الأمة وقيمها، ومهندس العقول الذي يهيئ الأجيال لتكون فاعلة في مجتمعها. ومع ذلك، يواجه المعلم اليمني أصعب اختباراته وسط ظروف معيشية قاسية وبنية تعليمية منهكة بالحرب والإهمال.
ووفقاً لهم، فإن انقطاع المرتبات لسنوات لم يعد مجرد أزمة اقتصادية، بل كارثة إنسانية تهدد قدرة المعلم على توفير الطعام والدواء والسكن لأسرته. ورغم ذلك، يواصل الكثير من المعلمين الوقوف أمام الطلاب متشبثين بخيط الأمل، مؤمنين برسالتهم السامية في بناء مستقبل بلدهم.
لكن هذا الصمود يواجه تجاهلاً صارخاً من الجهات المعنية، التي تتناسى دور المعلم المحوري في الحفاظ على تماسك المجتمع وبناء السلام. إهمال المعلم وحقوقه ليس مجرد إهانة، بل ضربة مباشرة لمستقبل اليمن، وقد يؤدي إلى ضياع جيل كامل في براثن الجهل والتطرف.
يؤكد التربويون أن أفضل تكريم للمعلم اليمني يبدأ من إنصافه واستعادة حقوقه المهضومة، فالنهضة الحقيقية لا تقاس بالثروة المادية، بل بالاحترام والتقدير لمن يضيء شمعة المعرفة في أحلك الظروف.
المعلم اليمني يقف اليوم كحامل لراية العلم في خندق المعاناة، محاطًا بالحرمان والفقر، لكنه يستمر في أداء رسالته بقلب مفعم بالإخلاص، متحدى القسوة، وبطنه جائع، ولكنه يظل شعلة أمل في مستقبل اليمن، وفق قولهم.
وقالوا: "لقد صار المعلم رمزًا للصبر والوفاء رغم الجوع، وصوتًا للضمير في زمن فقدت فيه القيم معناها، بينما يتنعم الفاسدون في قصورهم، ويتقاضون رواتبهم بالعملة الصعبة، ويسافرون بين العواصم في نزهات وترف، والمعلم لا يجد سوى صدى أنينه".
واختتم التربويون حديثهم بالقول: إن تكريم المعلم لا يكون بورقة تحمل اسمه، بل بسياسة تحترم عرقه، ودولة تضعه في مقدمة اهتمامها، ومجتمع يدرك أن نهضته تبدأ من الكرسي الخشبي في الفصل، ومن المعلم الذي يقف أمام السبورة رغم وجعه، ليعلم أبناء الوطن معنى الكرامة والوطنية. نقولها بصدق ووجع: لا نريد شهادات ورقية، بل نريد أن يعود للمعلم اليمني حقه، ومكانته، واحترامه. فمن دون المعلم، لا وطن يتقدم، ولا جيل ينهض، ولا مستقبل يضيء.