عدن تحت حصار الغاز.. من يتحمل مسؤولية استمرار الأزمة؟

تعيش العاصمة اليمنية المؤقتة عدن وضواحيها، منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2025، واحدة من أشد أزماتها الخدمية قسوة، مع اختفاء شبه كامل لمادة الغاز المنزلي، وتحولها إلى سلعة نادرة تُباع بأسعار مضاعفة، وسط صمت رسمي واتهامات بتواطؤ أو عجز السلطات المعنية.

مصدر مسؤول في الشركة اليمنية للغاز كشف أن الأزمة لم تكن مفاجئة، بل نتيجة سلسلة من القطاعات القبلية المسلحة في منطقتي الأحمر بمحافظة أبين و"مَنْع" بمحافظة مأرب، بدأت في 27 و28 نوفمبر، وأدت إلى توقف حركة ناقلات الغاز المتجهة إلى عدن وأبين ومحافظات مجاورة.

وبحسب المصدر، فإن ست عمليات تقطع مماثلة نُفذت خلال الفترة بين 5 و28 نوفمبر في عدة مناطق بمأرب وأبين، ما تسبب باضطراب واسع في السوق، وأوجد بيئة مثالية لانتعاش السوق السوداء.

تجارة معاناة

رغم معرفة الجهات الرسمية بأماكن القطاعات المسلحة وتكرارها، لم تُسجل أي إجراءات حاسمة لفتح الطرق أو تأمين مرور الناقلات، وفقاً لمصادر محلية. 

ونتيجة لذلك، أغلقت معظم محطات بيع الغاز في عدن أبوابها، بينما عملت محطات محدودة لساعات قصيرة، قبل أن تعاود الإغلاق بعد نفاد الكميات أو احتكارها.

ويقول مواطنون وسائقو مركبات لوكالة خبر، إن سعر أسطوانة الغاز قفز في بعض المحطات إلى نحو 15 ألف ريال يمني، بزيادة بلغت 100% في مدينة تعتمد فيها غالبية وسائل النقل على الغاز بسبب انخفاض تكلفته مقارنة بالبنزين بعد أن قفز سعر الصفيحة 20 لتراً خلال الأشهر الماضية 24 ألف، ما أدى إلى شلل جزئي في حركة المواصلات وارتفاع أجور النقل.

نفوذ ومصالح

مصادر محلية في حديثها لوكالة خبر، اتهمت ملاك محطات توزيع باستغلال الأزمة وبيع الكميات المتوافرة بأسعار مضاعفة، في ظل غياب واضح للرقابة التموينية، وعدم إعلان أي تسعيرة رسمية أو إجراءات ردع.

وتشير المصادر إلى أن الأزمة تجاوزت كونها مشكلة نقل، لتتحول إلى ملف نفوذ ومصالح، تُترك فيه الطرق مقطوعة، ويُترك المواطن وحيداً في مواجهة السوق السوداء.

لا تأتي أزمة الغاز بمعزل عن سياق أوسع، فعدن تعاني منذ سنوات من أزمات متكررة في الكهرباء والوقود والمياه والمواد الغذائية، بالتزامن مع انهيار العملة المحلية وتراجع القدرة الشرائية.

وترى مصادر اقتصادية أن الحرب المستمرة منذ انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة الشرعية في سبتمبر/أيلول 2014 أضعفت مؤسسات الدولة، وحولت الخدمات الأساسية إلى أدوات ضغط وصراع، في ظل غياب حلول جذرية ومستدامة.

وتتساءل المصادر، إلى متى ستظل الجهات الحكومية المعنية تلتزم الصمت في ظل الصراع القائم بين مكوناتها المناوئة للمليشيا الحوثية، باعتبارها المسؤول المباشر عن توفير الخدمات للمواطنين؟