تاريخ المرض، الأسباب، الأعراض، العلاج والحماية.. حمى الضنك من "ويكيبيديا، الموسوعة الحرة"

حمى الضنك أو "حمى الدنج" أو "الدنك" (بالإنكليزية: dengue fever) وحمى الضنك النزفية هي أمراض حمّية حادة, توجد في المناطق المدارية حيث تعتبر من الأمراض المدارية المهملة, ويسببها أربعة أنماط مصلية متقاربة من جنس الفيروس المصفر (flavivirus) من عائلة الفيروسات الخيطية [1] وتعرف أيضا بحمى العظم المكسور. يشمل انتشارها الجغرافي شمالي أستراليا, وشمالي الأرجنتين, وسنغافورة بأكملها, وماليزيا, وتايوان, وتايلاند, والفيتنام, وإندونيسيا, وهندوراس, وكوستاريكا, والفيليبين, وباكستان, والهند, وسيريلنكا, والبنغلاديش, والمكسيك, وسورينام, وجمهورية الدومنيكان, والبرازيل, وغويانا, وفنزويلا, وباربيدوس, وترنيداد وسامو.[2] على خلاف الملاريا؛ فإن حمّى الضنك سائدة في المناطق الحضرية كما هي في المناطق الريفية. تختلف الأنماط المصلية عن بعضها بما فيه الكفاية لمنع وجود حماية شاملة مشتركة أو حدوث وباء (فوق استيطاني) ينتج عن عدة أنماط مصلية. حمى الضنك تنتقل إلى البشر عبر بعوضة آييدس إجيبتاي (Aedes aegypti) أو نادرا عن طريق بعوضة آييدس ألبوبيكتس (Aedes albopictus), اللاتي يتغذيان خلال ساعات النهار.[3]

تقول منظمة الصحة العالمية أن حوالي اثنين ونصف مليار شخص ويشكلون خمسي سكان العالم؛ معرضون لخطر الإصابة بالضنك، وتقدر أنه قد يكون هناك خمسون مليون حالة من الضنك في العالم كل سنة. حمى الضنك الآن مرض متوطن في أكثر من مائة بلد.[4]

محتويات [أخف]
1 الإشارات والأعراض
2 التشخيص
3 العلاج
3.1 العلاجات التقليدية والناشئة
4 الانتعاش
5 الحماية
5.1 تطوير اللقاح
5.2 السيطرة على البعوض الناقل
5.3 محاولات الوصول إلى مضادّات الفيروس
6 إبيدميولوجية المرض
7 أصل الكلمة
8 لمحة تاريخية
9 استخدام الفيروس كسلاح حيوي
10 علم الأوبئة
11 مراجع

الإشارات والأعراض [عدل]
يظهر المرض كبداية مفاجأة من الصداع الحاد مع آلام شديدة في المفاصل والعضلات (لذلك أعطي الاسم المستعار حمى العظم المتكسر أو المرض طاحن العظام)، وحمّى, وطفح جلدي [5]. يتميز طفح حمى الضنك بكونه عبارة عن حبرات حمراء ساطعة اللون ودائما ما يظهر أولاً على الأطراف السفلى والصدر, وفي بعض المرضى فإنه ينتشر ليغطي أغلب الجسم. قد يكون هناك أيضا التهاب في المعدة والذي يظهر كمزيج من ألم بطني وغثيان وقيء أو إسهال. في بعض الحالات تظهر حمى الضنك بأعراض أخف قد تشخّص خطأً كإنفلونزا أو أي عدوى فيروسية أخرى إذا لم يظهر الطفح الجلدي. لذلك فإن المسافرين من المناطق المدارية قد ينقلون حمى الضنك من مواطنهم بشكل غير مقصود؛ حيث أنهم لم يشخصوا جيدا في ذروة مرضهم. مرضى الضنك يمكن أن ينقلوا العدوى فقط من خلال البعوض أو منتجات الدم وفقط بينما هم حُميون. حمى الضنك التقليدية تستمر تقريبا من ستة لسبعة أيام, مع قمة أصغر من الحمى في النهاية المتأخرة من المرض (لذلك يوصف المرض بالنمط ثنائي الوجه). سريرياً, سينخفض عدد الصفائح الدموية حتى تعود حرارة المريض للدرجة الطبيعية. حالات حمى الضنك النزفية أيضا تُري ارتفاعا أكبر في درجة الحرارة, وظواهر نزفية متعددة, وانخفاض في الصفيحات الدموية, وتركز الدم. قسط صغير من الحالات يعاني من متلازمة صدمة الضنك والتي لها معدل وفيات مرتفع. اقتران حمى الضنك النازفة بتليف الكبد قد يشتبه في التطور السريع للسرطان الخلوي الكبدي. وبالنظر إلى أن فيروس حمى الضنك يرتبط بفيروس الالتهاب الكبدي ج, فهذه منطقة لمزيد من البحوث فالسرطان الخلوي الكبدي بين الأسباب السرطانية العليا الخمسة للوفاة خارج أوروبا وأمريكا الشمالية. طبيعياً السرطان الخلوي الكبدي لا يحدث في كبد متليف لعشر أو سنوات أكثر بعد توقف عامل التسمم بينما يطور مرضى حمى الضنك النازفة السرطان الخلوي الكبدي في غضون سنة واحدة من توقف سوء الاستخدام.

التشخيص [عدل]
عادة ما يتم تشخيص حمى الضنك سريريا. الصورة الكلاسيكية هي ارتفاع درجة الحرارة مع أنه لا يمكن تحديد مصدر مصاب بعدوى في الجسم ليتسبب في هذا الارتفاع مع ظهور طفح دموية صغيرة بسبب انخفاض الصفائح الدموية مع انخفاض نسبي في عدد كريات الدم البيضاء. ويجب الانتباه عند تشخيص حمى الضنك النزفية حيث أن تشخيصها قد يخفي المرحلة الأخيرة من أمراض الكبد والعكس بالعكس. وخصائص حمى

الضنك النزفية هي:

الحمى، ومشاكل في المثانة البولية، وصداع دائم، والدوخة الشديدة مع فقدان الشهية.
ميل لنزف الدم ويظهر على شكل (نتيجة إيجابية عند إجراء اختبار العاصبة، كدمات عفوية، ونزيف من الغشاء المخاطي واللثة ومواقع الحقن وما إلى ذلك، وتقيؤ الدم أو الإسهال الدموي).

نقص في الصفائح الدموية (أقل من 100،000 صفيحة دموية لكل ملم مكعب أو أقل من 3 صفائح دموية في فيلم دموي تحت المجهر بقوة تكبير عالية).

أدلة على تسرب البلازما (مكداس الدم 20 ٪ أعلى مما كان متوقعا، أو انخفاض قيمته بنسبة 20 ٪ أو أكثر من خط الأساس بعد أخذ السوائل في الوريد، أو وجود الانصباب الجنبي أو الاستسقاء، وانخفاض في نسبة البروتين في الدم).
مظاهر لالتهاب الدماغ.
وتعرف متلازمة صدمة الضنك بأنها حمى الضنك النزفية بالإضافة إلى:
ضعف وسرعة في النبض.
ضيق الضغط النبضي (أقل من 20 ملم زئبق).
برودة وشحوب في الجلد مع معاناة من قلة الراحة والأرق.
يمكن الحصول على معلومات للتشخيص الفوري لحمى الضنك في المناطق الريفية وذلك باستحداث أدوات التشخيص السريع التي تفرق أيضا بين العدوى الأولية والثانوية لحمى الضنك.[6] السيرولوجيا (استخدام علم الأمصال في التشخيص) وتفاعل البوليميريز المتسلسل (الاسترداد) من الدراسات المتاحة لتأكيد التشخيص في حالة كون حمى الضنك واضحة سريريا. قد تهدد حمى الضنك حياة الأشخاص المصابين.

العلاج [عدل]
العامل الأساسي في العلاج هو العلاج الداعم في الوقت المناسب لمنع ومعالجة الصدمة التي قد تحدث بسبب تركز الدم والنزيف. الرصد الوثيق للعلامات الحيوية في الفترة الحرجة (بين اليوم الثاني والسابع من أيام الحمى) أمر بالغ الأهمية. يوصى بزيادة إعطاء السوائل عن طريق الفم لمنع الجفاف. الدعم بالسوائل الوريدية قد يكون ضروريا لمنع الجفاف وتركيز كميات كبيرة من الدم إذا كان المريض غير قادر على أخذ كمية مناسبة من السوائل عن طريق الفم. يتم نقل الصفائح الدموية للمريض في حالات نادرة إذا كان مستوى الصفيحات ذا انخفاض ملحوظ (أدنى من 20,000)، أو إذا كان هناك نزيف كبير. وجود براز زفتي قد يشير إلى وجود نزيف في الجهاز الهضمي مما يتطلب نقل صفائح دموية أو خلايا الدم أو أحدهما.

ينبغي تجنب الأسبرين والأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات فهذه العقاقير قد تزيد النزيف سوءا. قد يعطى المريض الباراسيتامول للتعامل مع هذه الأعراض إذا كان المعالج يشتبه بإصابة المريض بحمى الضنك.[7]

العلاجات التقليدية والناشئة [عدل]

تشير البيانات الجديدة إلى أن حمض مايكوفيلونيك (mycophenolic acid) وريبافيرين يمنع تكاثر حمى الضنك. التجارب الأولية أظهرت زيادة قدرها خمسة أضعاف في تقليل إنتاج الــ (RNA) الفيروسي في الخلايا التي استخدمت هذه الأدوية عليها.[8] لم تجرى الدراسات على الكائنات الحية حتى الآن. خلافا لعلاج فيروس نقص المناعة المكتسبة، فإن عدم الاهتمام العالمي وضعف التمويل يعيقان بشكل كبير تطوير نظام العلاج.

في الطب التقليدي البرازيلي تعالج حمى الضنك باستخدام عشبة مخلب القط والتي تفيد في علاج الالتهاب ولا تمنع أو تحمي من الإصابة بالمرض.[9] في الفلبين يكون العلاج باستخدام أعشاب طاوا طاوا، وعصير البطاطا الحلوة لزيادة تعداد الصفائح الدموية وإعادة الحيوية للمرضى.

الانتعاش [عدل]
خلال مرحلة الانتعاش يتمّ توقيف السوائل الوريدية لمنع حالة زيادة السوائل[10]. إذا حصلت زيادة السوائل والعلامات الحيوية مستقرّة قد يكون توقيف السوائل الأخرى كل ما هو مطلوب. إن لم يكن الشخص في مرحلة حرجة قد يتم استعمال الحلقة المدرّة للبول فوروسيميد لإزالة السوائل الزائدة من التداول.[11]

الحماية [عدل]
تطوير اللقاح [عدل]

لا يوجد إلى الآن لقاح ذو قيمة اقتصادية ضد فيروس حمى الضنك. مع ذلك, فإن هناك واحدة من البرامج التي تقوم بتطوير اللقاح تدعى مبادرة لقاح حمى الضنك للأطفال (PDVI)والتي أنشئت سنة 2003 م تهدف إلى تسريع عجلة تطوير اللقاح وطرحه في الأسواق بصورة يستطيع الجميع فيها الحصول عليه وخاصة للأطفال في البلدان الفقيرة والمعروفة بانتشار حمى الضنك فيها.[12] يجرّب العلماء التايلنديون لقاحا لحمى الضنك على 3000-5000 متطوع بعد نجاح الدراسات التي تمت إجراؤها على الحيوانات ومجموعة صغيرة من البشر المتطوعين.[13] كما توجد مجموعة أخرى من البحوث دخلت المرحلة الأولى والمرحلة الثانية من مراحل التجارب الإكلينيكية.[14]

السيطرة على البعوض الناقل [عدل]
فني ميداني يبحث عن اليرقة في خزان ماء راكد أثناء برنامج استئصال آيدس اجبتاي بميامي, فلوريدا. في عام 1960م, تم بذل مجهود كبير في جنوب أمريكا الشرقي لاستئصال بعوضة آييدس إجيبتاي ؛ الناقل الأساسي في المناطق المدنية لحمى الضنك والحمى الصفراء.

الحماية الأولية ضد الضنك تعتمد أساسا في نجاحها على السيطرة على البعوض الناقل, هناك طريقتان للحماية الأولية: السيطرة على اليرقات والسيطرة على البعوض البالغ. تتكاثر بعوضة آييدس في تجمعات المياه داخل الأوعية المصنعة مثل: أكواب البلاستيك, والإطارات المستعملة, والقوارير المكسورة, وأحواض الزهور... الخ. التصريف أو الإزالة الدورية لتجمعات المياه هي أفضل طريقة للتقليل من الأراضي الخصبة لتكاثر البعوض.

تعتبر مبيدات اليرقات أيضا طريقة فعالة أخرى للسيطرة على اليرقات الناقلة, ولكن يُفضّل لهذه المبيدات أن تكون طويلة الأجل ومعتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية ليتم استعمالها مع مياه الشرب.

كما توجد أيضا منظمات نمو الحشرات الفعالة والتي تتميز بطول أجلها وسلامة استعمالها, مثل: البايريبروكسيفين. وللتقليل من حجم البعوض الطائر, يتم رشّ الهواء بالمبيدات الحشرية الحماية من عضّات البعوض أيضا تعتبر سبيلا آخر للحماية من المرض, ويكون ذلك باستخدام منفّرات الحشرات, ومصائد البعوض أو شبكات البعوض. في عام 1998م, قام العلماء من معهد كوينزلاند للأبحاث الطبية بأستراليا(QIMR) مع وزارة الصحة بفيتنام بإصدار مخطط يقوم بتشجيع الأطفال على إدخال نوع من القشريات؛ الميزوسايكلوب (Mesocyclops) في خزانات المياه والخزانات المهملة والمعروف تكاثر بعوض الآيدس بداخلها[15], هذه الطريقة تعتبر فعّآلة من حيث التكلفة وصديقة للبيئة أكثر من المبيدات الحشرية ولكن أقل فعالية منها, وتحتاج إلى مشاركة دائمة ومستمرة من المجتمع.[16]

على الرغم من أن هذه الطريقة في السيطرة على البعوض كانت فعالة في المناطق الريفية فإنه لا يعُرف مدى فعاليتها إن تمّ تطبيقها على المدن والمناطق المتحضّرة, فالميزوسايكلوب يستطيع العيش والتكاثر في خزّانات المياه الكبيرة كما هي في المناطق الريفية, ولكنه قد لا يستطيع عمل ذلك في الخزانات الصغيرة والموجودة بكثرة في المناطق المتحضّرة. أيضًا يعتبر الميزوسايكلوب مستضيفًا لدودة غينيا وهي كائن مُمرض يسبّب عدوى طفيلية, ولذلك لا يفضّل استعمال هذه الطريقة في الدول التي لا تزال لديها القابلية للإصابة بدودة غينيا. أكبر معضلة مع الميزوسايكلوب هو أن نجاحه يعتمد على مشاركة المجتمع. تكفي فقط فكرة الاعتقاد بقابلية الاصابة بعدوى دودة غينيا أن تمنع المجتمع أو بعض أفراده من الاستمرار بالمشاركة في تغطية تجمعات المياه والخزانات بالميزوسايكلوب, ومن دون تكاتف المجتمع ودعم كل أفراد المدينة لهذه الطريقة تبقى هذه الطريقة من دون فائدة تُذكر ولن تحقق أي نجاح.[17]

في عام 2004م, قام العلماء من الجامعة الاتحادية بميناس غيرايس بالبرازيل باكتشاف طريقة سريعة للكشف عن تجمّعات البعوض وعدها داخل المناطق المتحضّرة. التقنية المسماة بالمراقبة الذكية للضنك (بالبرتغالية) تستخدم مصائد مضاف إليها مادة كيميائية تشجع وجود الحشرات (الكايرومونات بالإنجليزية kairomone) لتصطاد الإناث الحوامل من بعوضة الآييدس, وتقوم بتثبيت عدادات الحشرات عليها مدمجة مع أجهزة الجوال ونظام الملاحة (GPS) وتقنية شبكة الإنترنت. النتيجة هي خريطة متكاملة للبعوض في المناطق المتحضرة ومحدّثة تبعا للوقت الحالي ومن الممكن الدخول إلى النظام عن بعد مما يسمح بإخبار المسؤولين عن تخطيط السيطرة على المرض بالوضع[18],

ولقد تمّ عرض هذا النظام في سنة 2006 م أثناء حفل توزيع جوائز متحف التكنولوجيا.[19]

في عام 2009م، اكتشف العلماء في مدرسة الأحياء المدمجة بجامعة كوينزلاند بأنه إذا تمّت عدوى بعوضة الآيدس ببكتيريا الفولباخيا فإن ذلك سيقوم بتقليص دورة حياة البعوض البالغ إلى النصف.[20] في هذه الدراسة, تم حقن عشرة آلاف جنين بعوضي بهذه البكتيريا. تقوم هذه البكتيريا بالانتشار عن طريق البيض إلى الجيل الجديد.التجربة البحثية قد تتمّ فعليا في خلال 3 سنوات بفيتنام. وإن لم تسفر التجربة عن مشاكل, فسوف يتم خلال خمس سنوات طرح نموذج متكامل وشامل للهجوم البيولوجي على هذه الحش