في ظل جائحتي كورونا والحوثي.. فيسبوك يتحوَّل إلى قاعات عزاء مفتوحة لدى اليمنيين

تحوَّل موقع التواصل فيسبوك إلى قاعة عزاء مفتوح، إثر جائحة كورونا التي ضربت مختلف المناطق اليمنية سواء الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية أو تلك التي تخضع لسيطرة المليشيا الحوثية، فيما اكتفت الجهات المسيطرة بالتزام الصمت دون تحريك ساكن، إلا من فرضها جبايات مالية تحت مزاعم مجابهة الجائحة.

رصدت وكالة خبر تغريدات لناشطين على موقع فيسبوك، قالوا إن "فيسبوك تحول بالنسبة لهم إلى قاعات عزاء لمواساة ذوي المتوفين إثر جائحة كورونا والأوبئة الأخرى، بعد أن حالت الاحترازات بينهم وإقامة مراسم عزاء".

قالت الإعلامية اليمنية مايا العبسي "الموت يحصد أرواح أسرتي، بالأمس أحد أقاربنا واليوم خالتي وأخاها". مذيلة التغريدة بـ"كورونا"، في إشارة إلى أسباب الوفاة.

وأضافت في تغريدة لاحقة "الأصعب من الموت عدم قدرتك على تقديم واجب العزاء في رحيل من تحب بسبب كورونا، كنت أسمع من الأخبار عن ذلك ولم أستوعب الأمر جيدا حتى عايشته واقعيا".

العبسي لم تكن الوحيدة، ولكن مثلها المئات من ودعوا اقاربهم بتغريدة موشحة بالسواد، حد أن ناشطي كل محافظة يمنية بادروا إلى إنشاء مجموعة على موقع فيسبوك، خصصوها للتعازي وتدوين الوفيات كاجتهاد منهم في ظل التكتم الشديد لدى الجهات المسيطرة على البلاد، حيث اوردت قائمة نشرها الناشط أحمد العرومي، أكثر من (46) حالة وفاة في محافظة إب مدونة بالاسم والجنس.

مليشيا الحوثي وبالرغم من كل تلك الأنباء الموثوقة ما زالت ملتزمة الصمت، حد قيامها بنقل عشرات الجثث من مشفى جبلة جنوبي إب، وهو المشفى الذي تستخدمه كمحجر صحي، ودفنهم وسط تشديد أمني في عدة مقابر بالمدينة وضواحيها.

يقول المحامي حافظ محمد -أحد قاطني مدينة إب- انه يغيب يوما واحدا عن التواجد على الفيسبوك ويعود وقد امتلأت حوائط رواد الموقع بعشرات التعازي، مضيفا في تغريدة له "في إب زادت الحالات المصابة بكورنا وزادت الوفيات، الوضع مخيف..".

وبالرغم من استمرار التكتم الحوثي، إلا ان مصادر مؤكدة كشفت عن وفاة سبعة من قيادات الميليشيا جراء إصابتهم بفيروس كورونا في مركز الحجر الصحي بفندق موفنمبيك بالعاصمة صنعاء بينهم الشيخ عبدالكريم يحيى السيلي. كما أكدت المصادر وفاة الدكتور أحمد دغار الرئيس السابق لجامعة صنعاء في مستشفى المتوكل.

وتقول مصادر طبية إن عدد الإصابات بصنعاء يفوق الفي حالة، فيما حالات الوفاة تزيد عن 150 حالة، وهو ما أكد صحته اعلان صادر عن مكتب اوقاف امانة العاصمة صنعاء كشف فيه عن امتلاء مقبرة خزيمة، إحدى أكبر مقابر المدينة، ودعوته ذوي الموتى بالتوجه إلى مقابر أخرى.

يأتي ذلك بعد أن كشف فيديو مسرب لأحد العاملين في مستشفى الكويت الجامعي بالعاصمة صنعاء، أرقاما كبيرة لعدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، والذي تتكتم الميليشيات على انتشاره.

وزارة الصحة لدى ميليشيا الحوثي، وتحت ضغط أعداد الوفيات اضطرت ان تخرج من صمتها وتعترف بالجائحة، واعلنت في بيان رسمي امس الاول بتفشي الفيروس في مناطق سيطرتها، الا انها تحفظت في ذات البيان عن أعداد المصابين والمتوفين، باسثناء اعلانها السابق عن ثلاث حالات اصابة بينها متوف صومالي الجنسية.

وزير الصحة لدى الحوثيين، لم يكتف بتسويف ما قدمه بيانه حيال الضحايا والاصابات، بل ذهب الى ما هو ابعد كنوع من ذر الرماد على عيون البسطاء الذين ينطبق عليهم مثل "الغريق يتعلق بقشة"، وقال بان وزارته ونخبة من المتخصصين يجرون بحوثا مستفيضة للوصول الى عقار لقاح ضد كورونا، مشيرا في ذات "القفزة الكلامية" إلى ان نتائج أولية اثبتت نجاحها، وقريبا سيتم الاعلان عنه.

أكاذيب

ردود أفعال السخرية ضجت بها وسائل الاعلام، وتحولت الكارثة الوبائية في اليمن الى محل سخرية من هرطقات الوزير الحوثي الذي يتناقض بالجملة الواحدة مرات عدة، حيث كان قد عزا سبب تكتم وزارته الى عدم تهويل حجم الكارثة التي تضرب البلاد في ظل انهيار القطاع الصحي وبقاء البلاد في حالة حرب، وفجأة تناسى ذلك واصبح يتحدث عن بحوث واختراعات..

نبيل سبيع، الكاتب والاعلامي اليمني يقول في تغريدة له على فيسبوك (وزير صحة الحوثيين طه المتوكل: "لدينا اطباء وصيادلة ومخبريين يجرون بحوث مستفيضة وبإذن الله سيكون دواء كورونا من اليمن"). واردف ساخرا: "هذا وزير صحة وإلا "زَبَّاج"؟!، وهو تساءل الحقه بتساؤلات اخرى تترجم حد السخط الشعبي وردود الافعال التي قابلت تصريحات المتوكل التي تنم عن عقلية استخفافية بالمواطنين لا تختلف عن حقبة إمامة بيت حميد الدين التي بلغ بها السخف حد اشتراطها على الشعب ان "يتقطرن" -اي وضع صباغ اسود على الوجه- كنوع من تعبير الولاء واختبار وعي الشعب.

سبيع وفي سياق تغريده خرج مناهضا للفكر والمحتوى الذي حاول تقديمه المتوكل، وعكس حجم الوعي المجتمعي كونه يمثل احد نماذجه، حيث اضاف "يقتلك الحوثيون بالرصاص، وتقتلك أكاذيبهم من شدة الضحك.. الضحك الذي يتحول إلى مرارة لا توصف: كيف يحكمنا أمثال هؤلاء؟!.. كيف؟!".

رواد التواصل الاجتماعي وهم يتبادلون برقيات التعازي تساءلوا: "ما هي الفائدة من وزارة الصحة وحكومة تفرض سلطتها على المواطنين وهي ممتنعة عن تقديم ابسط الخدمات وعمليات الرش والتوعية واغلاق الاسواق وعمل آلية لارتيادها وغيرها من الاماكن العامة؟".

المليشيا وبطريقتها ردت على التساؤلات بتدشينها حملة رش في معظم احياء العاصمة صنعاء، فرضت خلالها دفع رسوم (2000) ريال على كل منزل والزمت عقال الحارات المعينين من قبلها برفقة عناصر تابعة لها لجمع تلك المبالغ.

وفي كل يوم تصِّر المليشيا الحوثية الا ان تجسد مبدأ العبودية لشعب يقبع تحت سلطة اسواطها وجلاديها، تتخذ من الحرب ذريعة رافضة الاقرار بانها من اشعل فتيلها وفجرها في سبتمبر 2014م، تحت وهم "الف ريال" كان قد تم اضافته على اسعار المشتقات النفطية بعد رفع الدعم عنها، ليبلغ سعر صفيحة البنزين انذاك قرابة 4000 ريال، فيما اليوم تقوم ببيعها في السوق السوداء بـ"(8000) كحد ادنى، فضلا من بلوغه في بعض المراحل الى (15000)، ومثله هو الغاز والمواد الغذائية والضرائب وعائدات الموانئ وغيرها من الموارد الواقعة تحت سيطرتها، ممتنعة في ذات الوقت عن تقديم ابسط الخدمات للمواطنين بينها المرتبات والصحة والتعليم والكهرباء.