وحدة "الضبط المروري" الحوثية.. كيان موازٍ وقوة إرهابية دربتها أيادٍ إيرانية وتدفقت نحو وسط اليمن

تعمل مليشيا الحوثي على قدم وساق، لاستكمال تأسيس مملكتها السلالية، مستخدمة شتى أنواع البطش والتنكيل بحق كل من يطالبون بحقوقهم، واستعانتها بخبرات إيرانية لتدريب قتلتها المأجورين قبل أن تصدرهم مخفين هوياتهم ومتخفين خلف أقنعة، اعتقاداً منها بأن أكذوبة "وحدة الضبط المروري"  ستنطلي على شعب لا يستكين، وأنه لا عاصم لها من أمر الثائرين.

كشفت مصادر خاصة لوكالة خبر، عن مهام القوة العسكرية الجديدة التي دفعت بها مليشيا الحوثي الإرهابية، في آخر يومين من شهر مارس/ آذار الماضي، إلى محافظة إب (وسط اليمن)، تحت مسمى "وحدة الضبط المروري"، بالتزامن مع حالة الغليان الشعبي في المدينة، إثر تصفية المليشيا الناشط حمدي عبدالرزاق المكحل.

ودفعت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً، بقوة تضم عشرات المسلحين، يرتدون الأقنعة والملابس السوداء، مدججين بأسلحة الكلاشنكوف "آلي" وحقائب مخازن الذخائر والقنابل اليدوية. قالت إنها وحدة "الضبط المروري"، مما زاد من حدّة المخاوف بشأنها، وموجة السخط الشعبي تجاهها، في ظل التغيير الجذري عليها من ناحية البزات العسكرية والتسليح، علاوة على تنفيذها جريمة قتل امرأة وإصابة مواطن في أول أيام أعمالها بالمدينة.

وقالت مصادر خاصة لوكالة خبر، إن هذه القوة تم تشكيلها من عدة تكوينات، وتلقت تدريبات عالية على المهام الخاصة الموازية لمهام وحدات مكافحة الإرهاب. وتستخدمها المليشيا -حاليا- في مهام الضبط المروري كغطاء، من جانب تمهيداً لإعادة هيكلة قطاع المرور، ومن جانب آخر لتنفيذ مهام وعمليات خاصة متعددة، يساعدها في ذلك تخفيها خلف أقنعة.

وذكرت أن أفراد هذه القوة تلقوا تدريبات خاصة على مهارات الالتحامات، حرب الشوارع، المداهمات، والمهام الخاصة الأخرى، في معسكرات خاصة بمحافظات صنعاء، صعدة، عمران، إب وغيرها، على يد خبراء محليين وضباط في الحرس الثوري الإيراني.

وأمّا بناء هذه القوة، فتم من ثلاث أنواع: الأول، عناصر ينحدرون من أبناء السلالة. الثاني، عناصر تم اختيارها في المراكز الصيفية والدورات الطائفية. والثالث، من ذوي السوابق (سرقة، قتل... وغيرها) وتم تجنيدهم في السجون، وجميعهم تم تجنيدهم استخباراتيا وعقائديا، قبل الدفع بهم إلى معسكرات التدريب العسكري.

ولم تستبعد المصادر، أن تنفذ هذه القوة انتهاكات وجرائم في المناطق الحدودية لمحافظة إب، أو حتى من المحافظات الأخرى، فهي عناصر مجهولة الهوية ويصعب تعرف المجتمع عليها، بعكس بقية المكونات المسلحة للحوثيين.

قوة إرهابية

وبعد تصفية المليشيا الناشط الشهيد حمدي عبدالرزاق المكحل، في مدينة إب، ارتفعت وتيرة الاحتجاجات، واندلعت أوسع تظاهرة احتجاجية شهدتها البلاد أثناء مراسم تشييعه في أول أيام شهر رمضان الجاري، ردد خلالها المشيعون هتافات مناوئة للحوثيين، مما دفع الأخيرة إلى شن حملة اعتقالات واسعة طالت أكثر من 40 شابا، ونشر عشرات الاطقم العسكرية ومئات المسلحين في كامل أحياء وشوارع مدينة، في أكبر حالة استنفار شهدتها المحافظة منذ سيطرة المليشيا عليها في العام 2015م.

ناشطون من أبناء المحافظة، قالوا إن استمرار الغليان الشعبي في المدينة أفزع المليشيا الحوثية، لتدفع بهذه القوة المقنّعة، لغرض ترويع الأهالي، إلا أنها -القوة- فوجئت عقب وصولها بساعات بأن التصعيد لن يثني الأهالي.

ففي الثاني من أبريل الجاري، نشب خلاف بين هذه القوة، وأحد المواطنين، في مفرق جبلة، باشر خلالها عناصر القوة بإطلاق الرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل امرأة وإصابة بائع دجاج.

بينما قال ضابط في إدارة مرور إب، طلب عدم ذكر اسمه، معلقا على هذه القوة: "رجل المرور في العالم يحمل صفارة، دفتر مخالفات مرورية، وسلاحا شخصيا نوع "مسدس" يُسمح له في حالة الدفاع عن النفس فقط"، مضيفاً: "استقدام قوة ملثمة وبسلاح آلي، وحقيبة مخازن للذخائر وقنابل يدوية. هذه قوة مهام وعمليات إرهابية وعمليات خاصة".

وحذر من تنفيذ هذه القوة عمليات اغتيالات واقتحامات تحت مسمى "رجال مرور". الأمر الذي يعرّض رجال المرور الأصليين في المحافظة لخطر ردود الأفعال المجتمعية جراء انتهاكات ينفذها متخفون خلف أقنعة.

كيانات موازية

في السياق، قال عدد من رجال المرور في المناطق الخاضعة للحوثيين، إن المليشيا سرحتهم من وظائفهم الحكومية، بعد عملهم الثلاث السنوات الأولى من الحرب بدون رواتب تساعدهم في إعالة أسرهم.

ولجأ المئات منهم لامتهان أعمال أخرى، منهم من عادوا إلى قراهم للعمل في مزارعهم، ليعولوا اسرهم، لكنها الفرصة التي كانت تترقبها المليشيا لتقوم بتسريحهم نهائيا، وعلى مراحل تجنبا لردود الأفعال الغاضبة حال اتخاذها القرار دفعة واحدة.

وأفادوا بأن أبناء محافظة إب دفعوا ضريبة كبيرة في هذا التسريح، سواء العاملين منهم في محافظات أخرى أو في ذات المحافظة، مشيرين إلى أن عددا منهم ينحدرون من مديرية النادرة، والاخيرة إحدى المديريات التي تتعمّد المليشيا تقويض نفوذ أهلها، لأهمية موقعها الجغرافي على تخوم جبهات الضالع (جنوبي البلاد).

ويأتي هذا الإجراء الحوثي، لاستكمال تجريف وزارة الداخلية من منتسبيها، بعد أن شكّلت ما يسمى بـ"جهاز الأمن والمخابرات" موازيا لجهازي الأمن السياسي والقومي (كليا)، والأمن العام (شبه كلي)، وهي بهذا التحفظ النسبي للاخير تسعى للاستفادة منه كغطاء صوري للجانب الأمني، مثلما تسعى الآن إلى التمهيد لإحلال قطاع المرور، تحت غطاء ما تسمى "وحدة الضبط المروري".

ومنذ سيطرة المليشيا الحوثية على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014م، نهجت تأسيس الكيانات الموازية، فبعد أن عيّنت مشرفين على كامل الدولة ومرافقها على رأسها مؤسسة الرئاسة، قامت بتشكيل الهيئات والمؤسسات الموازية، منها الهيئة العامة للزكاة (مشتقة من وزارة الأوقاف)، والمنظمة العدلية (موازية للسلطة القضائية).. وهي بهكذا إجراءات تؤسس لمملكتها السلالية المستقلة في قلب النظام الجمهوري الذي ناضل من أجله اليمنيون لعقود، وشتّان بين النظامين.

للمزيد..

مليشيا الحوثي تنشر في شوارع مدينة إب مسلحين ملثمين استقدمتهم من صنعاء
إب.. مقتل وإصابة مدنيين اثنين باشتباكات مسلحة بين عناصر حوثية وسائق باص